رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 9 يناير، 2024 0 تعليق

الفر ق بين النهي عن المنكر وتغييره

  • هل هناك فرق بين النهي عن المنكر وتغيير المنكر؟ وهل هما مرحلتان إحداهما تسبق الأخرى؟ أم الأولى ليس لها علاقة بالثانية؟ وهل تغيير المنكر مشروط؟ وكذلك هل النهي عن المنكر مشروط؟ أسئلة تستحق البحث والنظر في أدلتها، وكلام العلماء فيها.
  • سئل الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- عن تغيير المنكر فقال: «التغيير للجميع بحسب استطاعته»؛ أي أن الكل له الحق في تغيير المنكر، ثم أورد الدليل المشهور عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
  • من هذا الدليل نجد أن كلمة التغيير شملت المراحل الثلاث، التغيير باليد، والتغيير باللسان، والتغيير بالقلب، وقد يقصد بالنهي عن المنكر المرحلتان الأقل وهما التغيير باللسان، والتغيير بالقلب.
  • وقال الشيخ صالح العثيمين -رحمه الله-: «الحكم الشرعي واضح، وهو أنه يجب إنكار المنكر مع القدرة، ولكنه لا يجب أن يغير المنكر» فالشيخ صالح العثيمين قد فرق بين إنكار المنكر وتغيير المنكر، موضحا ذلك بقوله: «التغيير معناه إزالة المنكر، وأما النهي عن المنكر فهذا واجب على كل حال؛ لأنه من جنس التبليغ».
  • ثم بين الشيخ العثيمين أن النهي عن المنكر على  ثلاث مراتب فقال: «فعندنا ثلاث مراتب.. تبليغ وأمر وتغيير.. لأن التغيير إنما يكون بالسلطة، والأمر يعني بسلطة التنفيذ مثل الأمراء.. أما مسألة الإنكار فهو واجب على كل أحد».
  • ولما كان التغيير باللسان والقلب أهون من التغيير باليد، وضعت ضوابط له لكي لا يخرج هذا التغيير عن حدوده، ويكون إفسادا.. يقول الشيخ ابن باز - رحمه الله -: «لكن التغيير باليد لابد أن يكون عن قدرة لا يترتب عليه فساد أكبر وشر أكثر»..
  • وفي قوله -تعالى-: {كانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (المائدة:79)؛ قال القرطبي في تفسيره: فيه مسألتان: الأولى: لا ينهى بعضهم بعضا.. والثانية: الإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمن أطاقه وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين; فإن خاف فينكر بقلبه، ويهجر ذا المنكر ولا يخالطه. وقد يكون هذا النهي واجبا حتى على العصاة أنفسهم، قال القرطبي: «بل ينهى العصاة بعضهم بعضا».
  • وقال السعدي في تفسيره: «إن مجرد السكوت، فعل معصية، وإن لم يباشرها الساكت؛ فإنه -كما يجب اجتناب المعصية- يجب الإنكار على من فعل المعصية».
  • وقال القرطبي في تفسير الآية الكريمة: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران:104)،  «(من) في قوله منكم للتبعيض، ومعناه أن الآمرين يجب أن يكونوا علماء، وليس كل الناس علماء». وقال الشيخ صالح العثيمين -رحمه الله-: «الأمر المعروف والنهي عن المنكر واجب ولكنه فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، ودليله الآية السابقة.
  • ولقد فُضلت أمة الإسلام بشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على سائر الأمم، قال -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران:110).
  • وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من إغفال تلك الشريعة فقال: «إن الناسَ إذا رأوا المنكرَ فلم يُغيِّروه، أوشك أن يعمَّهم اللهُ بعقابِه» وقال -صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللَّهَ ليسألُ العبدَ يومَ القيامةِ حتَّى يقولَ: ما منعَكَ إذا رأيتَ المنكرَ أن تُنْكِرَهُ؟ فإذا لقَّنَ اللَّهُ عبدًا حجَّتَهُ قالَ: يا ربِّ رجَوتُكَ وفَرِقْتُ منَ النَّاسِ».
  • ويبدو من هذا ألا فرق في مسمى تغيير المنكر، إنما هو درجات متفاوته وفق المصلحة.
 

8/1/2024 م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك