رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 4 يونيو، 2025 0 تعليق

الشباب المسلم – 1265

الشباب واستثمار إجازة الصيف

موسم الإجازة الصيفيَّة من مَظانِّ الأزمان التي يَضِيع فيها جزءٌ من عمر الشباب دون فائدةٍ تَعُود عليهم، إلاَّ إذا تم استَثمار تلك الإجازة في شيءٍ يُفِيدهم، أو ينفَع أمَّتهم ومجتمعهم.

       ومن أهم ما يجب أن تستثمر فيه الإجازة بدايةً طاعة الله -عزوجل-، من تلاوة للقرآن وحفظه، وطلب العلم، والمشاركة في الدورات الشرعية، والدعوة إلى الله، والمراكز الشبابية الصيفية، وزيارة العلماء والدعاة والصالحين والأقارب والأرحام، وزيارة إخوانك في الله؛ فعن أبي هريرة عن النبي -[- قال: «إنَّ رجلاً زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكًا، فلما أتى عليه قال له: أين تريد؟ قال: أزور أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا، غير أنِّي أحببتُه في الله - عز وجل - قال: فإنِّي رسول الله إليك، بأن الله قد أحبَّك كما أحببته فيه».

أبرز الأفكار لاستغلال الإجازة الصيفية

- تعلُّم مهاراتٍ جديدة وتطوير الهوايات من الوسائل الممتازة لاستغلال الإجازة الصيفية؛ نظراً لأن العطلة مدتها طويلة وبعيدة عن الجدول الدراسي المزدحم.

- ومن المهارات المفيدة التي يُمكن تعلّمها، لغة جديدة، والبرمجة التي تُعد استثماراً مهما في العصر الرقمي.

- كما تُعد الإجازة الصيفية فرصةً مثاليةً لممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على الصحة البدنية والعقلية، مثل ممارسة المشي والركض أو أيّ نوع آخر من التمارين الهوائية مدة ساعة واحدة مثلاً يوميا.

- كما يمكن المساهمة في الأنشطة التطوعية؛ حيث تُعد فرصة لتنمية المهارات الاجتماعية، واكتساب خبرات جديدة، وتكوين علاقات بناءة.

أهمية مطالعة كتب السيرة النبويَّة

       السيرة النبويَّة هي سيرةُ خيرِ البريَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - بها يستَطِيع الشاب أن يقتَفِي آثار النبي -صلى الله عليه وسلم - وينتَهِج نهجَه في كلِّ صغيرة وكبيرة في شتَّي نشاطات الحياة؛ فكان لِزامًا عليهم أن يهتموا بهذا الجانب في حياتهم؛ حتى يصير الاتِّباع واقتِفاء آثار النبي -صلى الله عليه وسلم - وامتثالها في حياتهم كلِّها؛ فلا يحركوا ساكنًا إلا بسنَّة عن سيِّدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن الكتب الميسَّرة التي يستَطِيع الشباب قراءتها وفهمها في الإجازة بسهولة كتاب: (هذا الحبيب يا محبّ)؛ للشيخ أبي بكر جابر الجزائري، وكتاب (الرحيق المختوم) تأليف الشيخ صفي الرحمن المباركفوري.

واجب اغتنام الأوقات

       من القضايا المهمة التي يجب ألا يستهين بها الشباب وألا يغفلوا عنها، قضية الفراغ وطرائق اغتنامه؛ فهي قضيَّة عظيمة، ولا أدلَّ على ذلك من إشارة المولى إليْه في كتابِه، وحرص النبي -صلى الله عليه وسلم - وأمره باغتنامه وحثِّه على استغلاله؛ يقول - جلَّ وعلا -: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} (الشرح: 7-8)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتَك قبل موتك، وصحَّتك قبل سقمك، وفراغك قبل شُغلك، وشبابك قبل هَرَمِك، وغناك قبل فقرك».

 

مفهوم خطأ عن الإجازة

       اتَّسع مفهوم الإجازة عند بعض الشباب ليشمل إعطاء النفس الرَّاحة حتَّى من عبادة خالقها، وإفلاتها من أخلاقها، فأضْحت الإجازة عندهم محصورة في التجوُّل في البلدان والمصائف، والتخلُّص من المثل والقيم، والتفريط في الصَّلوات والعكوف على ألوان الملاهي والشهوات، وهم مع ذلك لا يجدون لذَّة للإجازة ولا متعة للفراغ، وهذا مصداق لتلك الدِّراسات والتقارير التي تكشف أنَّ أكثر النَّاس إصابة بالأمراض النفسيَّة هم المنفتحون على كل شيء، والمشاهدون لكلِّ شيء، والمستمعون لكلِّ لغو، والمتخفِّفون من تكاليف الشرع، فلم تزِدْهم تلك الغفلة والمؤانسة المنحرفة إلاَّ همًّا وكمدًا.

 

هكذا ينبغي لطلبة العلم

        قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: أنصح جميع إخواني وأبنائي من طلبة العلم، أن يشتغلوا بالتفقه في الدين والعناية بالقرآن والاستكثار من تلاوته وتدبر معانيه، والعناية بمتونهم التي لديهم يحفظونها ويدرسونها، والعناية بالمكتبات التي عندهم يطالعون ويتفقهون ويتعلمون، كما أوصيهم بحضور حلقات العلم عند أهل العلم والاستفادة منها، هكذا ينبغي لطلبة العلم ولجميع المسلمين العناية بما ينفعهم والحذر مما يضرهم، ولا شك أن التفقه في الدين هو من أعظم الأسباب لحصول العلم والفائدة، وللنجاة في الدنيا والآخرة لقوله -عليه الصلاة والسلام-: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين».

 

فرصة ذهبية لا تُعوّض

        تُمثل العطلة الصيفية فترة انتظار وترقب للعديد من الشباب؛ فهي لا تقتصر على كونها مجرد استراحة من الدراسة والروتين اليومي، بل هي فرصة ذهبية لا تُعوّض للتفرغ للعبادة والقرب من الله، وتطوير المهارات، في عالم يتسارع فيه التطور وتتزايد فيه متطلبات سوق العمل؛ حيث يصبح استثمار هذه الفترة بكفاءة أمرًا بالغ الأهمية لتمهيد الطريق لمستقبل مشرق للشباب.

 

الشباب وعلوّ الهمة

      لقد كان الشباب من أبناء أسلافنا يناطحون الكبار في هممهم، ويتطلعون إلى تبوء منازلهم، ولا يحقرون في المعالي أنفسهم، ويشغلون فراغهم فيما ينفعهم، قال عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله-: «إنَّ الناس لو كانوا إذا كبر عليهم أمرٌ تركوه ما قام دينٌ ولا دنيا»؛ ولذا ينبغي للمرء أن تكون طموحاته عالية وهمته كبيرة، مجافيًا للتواني والكسل قوي الثقة بالله في أن يبلغه ما يرجو وخيرًا مما يرجو.

 

ليس في أيام  المؤمن عطلة

       قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: أنا لا أرى أن نسمي هذه الإجازة عطلة؛ لأنه ليس في أيام الإنسان المؤمن عطلة، نعم هي عطلة من الدراسة النظامية، لكنها إجازة مؤقتة في حياة الشباب؛ لذلك فإني أنصح الشباب أن يحرصوا على حفظ أوقاتهم، وألا يتعودوا الكسل والخمول، وأن يلزموا أهل الخير الذين يوجهونهم توجيها سليما، ويحفظون عليهم دينهم وأخلاقهم؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل الجليس الصالح كحامل المسك، إما أن: يحذيك، أو يبيعك، أو تجد منه رائحة طيبة! ومثل الجليس السوء كنافخ الكير، إما أن: يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة!»، ويروى عنه -صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».

 

ساعة وساعة

        من المهم استغلال الإجازة الصيفية لأخذ أوقات راحة واسترخاء، فليست كل الأنشطة المهمة والمفيدة تتطلب العمل، والحركة، وبذل الجهد، وإنّما يحتاج الجسم والعقل أيضًا إلى فرصةٍ للراحة والاسترخاء لتجديد الطاقة، ويُعد تجنب التكنولوجيا أو التقليل منها قدر الإمكان من الأمور التي تُحسّن الصحة العامة وتقلل الإجهاد العقلي والبصري، ويُمكن لأنشطة مثل القراءة والتأمّل أن تخفف من التوتر وتعزز الشعور بالهدوء.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك