
السنن الإلهية (٣٠) {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}
- إن المؤمن بالله يعيش حياة مطمئنة، فضلا عن النعيم الدائم يوم القيامة؛ فالعقيدة الصحيحة بالله، ليست سبيلا للفوز بالجنة فحسب، بل السبب الأول لحياة دنيوية مستقرة، مهما اشتدت الظروف، وضاقت الأحوال، ويكفي في ذلك حديث صهيب بن سنان الرومي -رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابه ما يحب حمد الله وكان له خير، وإن أصابه ما يكره صبر فكان له خير، وليس كل أحد أمره كله خير إلا المؤمن» (السلسلة الصحيحة».
- قليل من يتذكر هذه الحقيقة ويعمل بمقتضاها.
- كنت وصاحبي في رحلة علاج إلى (بانكوك)، تواصل معهم من الكويت؛ حيث لديهم قسم خاص باللغة العربية، ووفق الموعد كانت المركبة تنتظرنا أمام الفندق قبل الساعة الثامنة صباحا.
- هؤلاء القوم الذين لا يؤمنون بشيء، أو يعبدون شيئا غير الله -عز وجل- تنهار حياتهم إذا توالت عليهم المصائب، المرض، وضيق العيش، والفيضانات، والزلازل، لا يجدون مصدرا للأمان والطمأنينة، وراحة النفس، أما المؤمن بالله، ينزل به البلاء، تلو البلاء، فلا يزداد إلا إيمانا بالله، ورجوعا إلى الله، وثقة بالله؛ لأنه على علم بسنن الله -عز وجل- و{إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}، والله لا يبتلي العبد بغضا فيه، بل ليزيده تقربا وأجرا، والعبد يعلم {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}، و«أن ما أصابه لم يكن ليخطئه»، وأن المصيبة معها الفرج.
- ألم يرد حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لن يغلب عسر يسرين»، في شرح قول الله -تعالى-: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}؟
- لا يثبت هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هو حديث مرسل ويبدو أنه من كلام الحسن البصري -رحمه الله-.
- دعني أبحث عن كلمة (يسر) في كتاب الله.
- وردت كلمة (يسر) بكل صيغها إحدى وأربعين (41) مرة، مثل قول الله -تعالى-: {فسنيسره لليسرى}، وقوله -عز وجل-: {ويسر لي أمري} (طه)، وقوله -سبحانه-: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة:185).
- ماذا عن تفسير آيتي الشرح؟
- من أجمل ما قرأت في شرحهما، وهو شرح خارج المألوف مما ورد في كتب التفسير، ما كتبه ابن عاشور في التحرير والتنوير: «يخاطب الله -عز وجل- نبيه يواسيه، عما قاله كفار قريش حين عرضوا عليه المال، ليكون أغناهم، لا يحزنك قولهم فإن بعد الضيق الذي أنت فيه سيكون لك سعة في الدنيا، وكان ذلك بأن فتح له الفتوح فكان يعطى عطاء من لا يخشى الفقر، ويهب المئين من الإبل، ثم ذكر أن له فضلا آخر في الآخرة، بعد هذه الحياة» انتهى بتصرف؛ فالمعنى أن الأولى للدنيا، والثانية للآخرة، مع أن أغلب المفسرين قالوا: إن الثانية تأكيد للأولى، وأن العسر المذكور في الآية الثانية هو العسر ذاته المذكور في الآية الأولى، لوجود (أل) التعريف، أما اليسر في الآية الثانية فمختلف عن اليسر في الآية الأولى؛ لأنه نكرة!
- جميل، لنقرأ تفصيل ذلك:
لاتوجد تعليقات