رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. مصطفى أبو سعد 20 مايو، 2014 0 تعليق

البيئة الداعمة للمراهق(3) بيئة تحمي المراهق من الوقوع في المقارنات


المقارنة بين شخصين-علميا ومنطقيا- سلوك غير صحيح، وغير مقبول؛ لأنهما عالمان مختلفان، والأصل أن تكون المقارنة بين سلوكين وليس بين شخصين؛ لأن المقارنة بين مراهقين -من الناحية التربوية- سلبياتها أكثر من الإيجابيات، وأقلها أن تصيب المقارن الضعيف بالإحباط، وتولد لديه شعورا بأنه منبوذ ومرفوض.

     لذا كان من مواصفات البيئة الإيجابية الداعمة أنها بيئة تحمي المراهق من الوقوع في المقارنات، أي أن نقارن المراهق بغيره، كأن نقارنه بأخته أو أخيه الأكبر أو ابن الجيران، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ لأن المقارنة بين المراهق وغيره تصيبه بالإحباط، وتشعره بالنقص، وأن المطلوب منه أن يتخلى عن ذاته، ويكون صورة طبق الأصل لفلان، أو نسخة إضافية من أخيه الأكبر.

وفي أحسن الأحوال قد تدفع المقارنة إلى المنافسة بين المراهق وغيره، والمنافسة -من وجهة نظري- ليست بيئة داعمة، بل إنها تهدر الطاقات وتضعف المعنويات.

     ولو تتبعنا وجوه المنافسة الموجودة في ديننا، لوجدنا أنها منافسة في الخير والفضيلة وليس المنافسة مع الآخرين، فإذا أردت أن تتخيل فكرة المنافسة فتخيل خطة النهاية أو نقطة وصول تريد أن تنتهي إليها، كأن تحفظ القرآن الكريم، المنافسة الصحيحة أن تجتهد لبلوغ النقط التي حددتها، بغض النظر عمن يسير عن يمينك أو شمالك، أو من يتقدم عليك أو يتأخر عنك.

قصة

المنافسة بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

ومن أكثر قصص المنافسة شهرة في تاريخنا الإسلامي، المنافسة التي كانت بين عمر وأبي بكر رضي الله عنهما والواقع الصحيح أنها كانت لدى عمر بين الخطاب رضي الله عنه فقط أما أبو بكر رضي الله عنه فلم يكن ينافس أحدا.

فعن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، ووافى ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما أبقيت لأهلك؟ قلت مثله، ثم أتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله قلت: لن أسبقك إلى شيء أبدا» رواه الترمذي.

     وأخرج ابن عساكر عن أبي صالح الغفاري: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتعهد عجوزا كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل فيسقي لها ويقوم بأمرها فكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر الذي يأتيها. وهو يومئذ خليفة، فقال عمر: أنت هو لعمري».

والمتابع لقصص المنافسة تلك يرى أن عمر رضي الله عنه لم يسبق أبا بكر في فعل الخيرات، ولو لمرة واحدة، لأن عمر رضي الله عنه  كان ينافس أبا بكر رضي الله عنه ، أما أبو بكر رضي الله عنه فلم يكن ينافس أحدا، بل كان يجاهد نفسه.

خامسا: بيئة تجتنب الانتقاد

     الانتقاد ليس أسلوبا تربويا بل مدمرا ولاسيما أمام الناس، والكثير منا لا يفرق بين نقد الشخص، وإصلاح السلوك، وغالبا ما نتوجه بالنقد لذات الشخص، وليس لما يبدر عنه من تصرفات، لذا كان من مواصفات البيئة الإيجابية الداعمة أنها بيئة تجتنب الانتقاد، وإذا كان لا بد من توجيه المراهق، فننصح أن يجري ذلك بإشارة سريعة لا تتجاوز الدقيقة الواحدة، وبلغة واضحة، وأن يكون مدحا موجها لا نقدا مدمرا أمام الآخرين.

وتجدر الإشارة هنا إلى بعض النصائح المجربة والمتعلقة بالتدخل والتوجه.

     نوع السلوك وطبيعته وتكراره، هو الذي يحدد كيفية التدخل، ومتى يكون التدخل؟ فبعض السلوكيات يمكن تأجيل الحديث فيها، وبعضها لا يمكن السكوت عنه أو تأجيله، كأن يتصرف أحد الإخوة تصرفا سلبيا أو سيئا أمام إخوته الصغار، وسكوت الوالدين عن هذا السلوك قد يشعر الصغير بموافقة الأهل عليه، أو أنه صواب، فيقلدونه في خطئه.

قبل البدء بالحوار مع المهراق، ينبغي بناء علاقة إيجابية معه، علاقة قائمة على الحب والمصداقية، والرغبة الصادقة في نفع المراهق، وجلب المصلحة له.

يفضل أن نحاوره على انفراد، ونبدأ الحوار بالتركيز على الإيجابيات التي يتمتع بها المراهق، مع إعطائه فرصة للتعبير عن وجهة نظره؛ لأن المطلوب التغيير وليس تثبيت الخطأ.

     لا تتدخل أبدا وأنت في حالة توتر وغضب، أو عصبية واستنفار، مهما كان نوع السلوك، وأينما كان مكانه؛ لأن التوتر والعصبية سيزيدان الأمر سوءا، وربما يلجأ الأب إلى الضرب والإهانة والتحقير فتكون ردود فعل المراهق سلبية إما بالإصرار على الفعل، أو تبريره، أو الهروب من المنزل أو محاولة إيذاء نفسه.

لا تجمع أخطاء المراهق وتحصها عليه؛ لأن تعرض المراهق باستمرار للنقد والتربص له أثناء كل حركة تصدر منه، أو كلمة يتفوه بها، يولد لديه إحساسا بأنه مرفوض وتصيبه بالإحباط وخيبة الأمل.

     كثرة الانتقاد والترصد قد تنزع من المراهق الثقة بقدراته وإمكاناته، وقد ينتج عن هذا الوضع خوف دائم من القيام بأي عمل أمام الآخرين، مما يسهم في قتل روح المبادرة والتلقائية؛ ولذلك ليكن حوارنا إيجابيا مع الأبناء، وليتخذ التوجيه طابع الدعم الطيب، وبالتي هي أحسن، وليكن في حالة الضرورة.

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم 

     كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم لغة العموم إذا ما أراد أن يصحح مفهوما عند الصحابة، أو يعدل سلوكا، أو يضيف جديدا إلى حياتهم، تقول عائشة رضي الله عنها: صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ترخص فيه، وتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم قال: «ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية» رواه البخاري.

ولمّا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوجه عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما لتركه قيام الليل، قال له: «يا عبدالله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل» رواه البخاري.

 

 

إمام يشتمني ويشتم المصلين يوم الجمعة

 أثناء خطبة الجمعة قال الخطيب رافعا صوته: «أصبحنا كالبهائم.. نأكل ونشرب وننام.. والأسحار تئن من قلة الساجدين».

قارن بين أسلوب الخطيب وأسلوب سيد البشر.

علم الرسول صلى الله عليه وسلم أن عبدالله ابن عمر رضي الله عنه لا يصلي بالليل.. فكيف نصحه؟

مالي أراك يا ابن عمر أصبحت كالبهيمة تأكل وتشرب وتنام ولا تصلي بالليل؟ خطأ

أم «نعم العبد عبدالله بن عمر لو كان يصلي بالليل..» صواب

وعن معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: «يا معاذ والله إني لأحبك، والله إني لأحبك، فقال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» رواه أبو داود.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك