رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 10 مارس، 2025 0 تعليق

الأسرة المسلمة – 1255

شهر رمضان فرصة للأسرة المسلمة

شهر رمضان فرصة عظيمة للأسرة لتربية الأبناء، وغرس الهوية الإسلامية، والقيم والأخلاق والسلوك، من خلال تجربة إيمانية عملية طويلة، تمتد ثلاثين يوما بلياليهن، واستعداد الأسرة المسلمة لشهر رمضان يكون من ناحيتين: الاستعداد الإيماني والاستعداد المادي.

        ومِنْ أهم ما يجب أن تعتني به الأسرة وهي بصدد الاستعداد الإيماني: المحافظة على الصلاة، وتعريف الأبناء فضل هذا الشهر الكريم وعِظمه وبركته، مع شحذ همة النية واستحضارها لأفراد الأسرة جميعا للخروج بأقصى زاد من تقوى الله -عزوجل- من هذا الشهر الفضيل، ويكون أفرادها جميعا ممن غفر الله -عزوجل- لهم، وجعلهم من عباده الفائزين المقبولين، والمقصود بالاستعداد المادي هو أن توفر الأسرة ما قد تحتاجه من مستلزمات البيت خلال شهر رمضان دون إسراف ولا تقتير، حتى يتسنى لها الحفاظ على أوقاتها في هذا الشهر الكريم، وقد قال الله -تعالى-: {كُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ} (الأعراف:31)، ومما يلاحظ على بعض الأُسَر أنهم يجعلون من شهر رمضان موسمًا سنويا للإسراف في الطعام والشراب، ويسرفون في ذلك إسرافا كبيرا، والنتيجة من وراء ذلك إضاعة الأوقات والمال، وإرهاق الأسرة بدنيا وماديا، قال ابن القيم -رحمه الله-: «فضول الطعام داع إلى أنواع كثيرة من الشر، فإنه يحرك الجوارح إلى المعاصي، ويثقلها عن الطاعات، وحسبك بهذين شرا، فكم من معصية جلبها الشبع وفضول الطعام! وكم من طاعة حال دونها! فمن وُقِيَ شر بطنه، فقد وقيَ شرا عظيما»، ومن ثم فالأسرة المسلمة في رمضان وغيره توطن نفسها وأفرادها على الاعتدال والوسطية في المآكل والمشارب، ولا تعرف الإسراف أو التقتير.  

{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}

         من الأمور المهمة التي يجب الاعتناء بها التذكير باستحضار النية والإخلاص لله -عزوجل- مِنْ كل فرد من أفراد الأسرة، فالنيَّة هي الفعل القلبيُّ الذي لا يراه أحد إلاَّ الله -سبحانه وتعالى-، وبمقتضاها يكون الجزاء: إمَّا ثواب، وإمَّا عقاب، قال -صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات» والأسرة المسلمة في رمضان وغيره ترجو بعبادتها وأعمالها ثوابَ الله -تعالى-.  

واجب الآباء والأمهات

        مما ينبغي على الآباء والأمهات ولا سيما في شهر رمضان، التكاتف والتعاون على الطاعة والعبادة، والبر والخير، وإرشاد أولادهم والأخذ بأيديهم للوصول إلى أن يكونوا من الفائزين المقبولين في رمضان، ومن السعداء في الدنيا والآخرة، وهذه بعض الوصايا والوسائل للأسرة المسلمة لتكون -بفضل الله تعالى- من الفائزين الرابحين في رمضان وفي حياتها كلها.  

التعاون في أعباء ومسؤوليات البيت

        من الأمور المهمة في رمضان داخل البيت المسلم، التعاون بين أفراد الأسرة في أعباء البيت ومسؤولياته ، ومن ذلك إعانة الأم في إعداد المائدة وتجهيزها، وكذا في رفع الباقي من الطعام عن المائدة، وحفظ الطعام الصالح للأكل، وعلى الزوج أن يساعد زوجته، وألا يكلِّفها بما لا طاقة لها به؛ من حيث إعداد الطعام، تصف أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- النبي - صلى الله عليه وسلم - فتقول: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خلا في بيته ألين الناس، وأكرم الناس، كان رجلاً من رجالكم إلاّ أنه كان ضحّاكًا بسّامًا، وما كان إلاّ بشرًا مِن البشر، كان يكون في مهنة أهله، ولا رأيتُه ضرب بيده امرأة ولا خادما».  

التربية الإيمانية للأبناء في رمضان

         على الآباء والأمهات استغلال فرصة شهر رمضان في التربية الإيمانية للأبناء، وغرس الحرص على المحافظة على الصلاة، وتعويد الصغار على الصيام، ومتابعتهم وشحذ همة المقصر منهم، والحرص كل الحرص على ختم القرآن في رمضان، فرمضان هو شهر القرآن، ولكثرة القراءة فيه مزية خاصة، وكان جبريل -عليه السلام- يعارض النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن في رمضان كل سنة مرة، فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه مرتين تأكيدًا وتبيينًا، وكان السلف يكثرون من تلاوة القرآن في رمضان في الصلاة وفي غيرها.  

أربعة أحكام تهم المرأة المُسلمة في رمضان

إنَّ للمرأة المُسلمة أحكامًا تختصُّ بها في رمضان، هي كالتالي: 1- الحيض والنِّفاس: فالمرأة إذا حاضت أو نفست في أثناء الصيام وجب عليها أن تفطر، ثم تقضي الأيام التي أفطرتها بعد رمضان، حتى وإن رأت الدَّم قبيل المغرب بدقائق قليلة؛ فعن السَّيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ». (أخرجه مسلم). 2- الحمل والرضاع: فقد رُخِّص للمرأة الحامل والمُرضِع في فطر رمضان إن خافتا على أنفسهما أن يلحقهما ضرر أو مشقة غيرُ معتادة بسبب الصَّوم، أو نصحهما الطبيب أن تفطرا، وفي هذه الحال لهما الفطر، وعليهما القضاء فقط، دون إخراج فدية. وإن كان الخوف على الجنين أو على الطفل الرضيع، فللأم الفطر، وعليها القضاء دون الفدية -أيضًا- على المُفتى به من أقوال الفقهاء، وإن كانت المسألة خلافيَّة؛ عملًا بمذهب الحنفيَّة، والشافعيَّة في قول، والحنابلة في رواية. 3- تناول حُبوب لمنع نزول دم الحيض في رمضان: يجوز للمرأة تناول حبوبٍ تمنع نزول دم الدَّورة الشَّهريَّة في رمضان بعد استشارة طبيبة مُتخصِّصة ثقة، وبإذن الزوج، ما لم يترتب على ذلك ضرر؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار» (أخرجه ابن ماجه). وإن كان الأولى ترك أمر العادة يجري وفق طبيعته دون تدخُّل طبيّ؛ ففي ذلك استسلام للخالق سبحانه وحُكمِه وحِكمته وتقديره. 4- تذوّق الطَّعام في أثناء الصِّيام: لا بأس شرعًا بتذوق الطَّعام أثناء الصِّيام إن كان لحاجةٍ، بشرط الحرص على عدم وصول شيء منه للجوف، ومجِّه بعد ذلك. فإن ابتلعت المرأة منه شيئًا فسد صومها، وعليها القضاء.  

الاهتمام بأعمال الخير المتنوعة

على الوالدين الاهتمام بأعمال الخير المتنوعة، وحث أبنائهم على الشعور بالفقراء والمحتاجين، وإدخال السرور إلى قلوبهم، وتشجيعهم على الجُود والتصدق، وتفقد أحوال الجيران، فقد كان الجود والإنفاق من هدْي النبي - صلى الله عليه وسلم -. عن عبد الله عباس - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل».    

الانشغال بالنافع المفيد

         الأسرة المسلمة في رمضان وغير رمضان لا تُقبِل إلا على الطيب من البرامج الإعلامية، ولا تشغل أوقاتها إلا بالنافع والمفيد من البرامج التي ترشدها إلى ما ينفعها في أمر دينها ودنياها، وعلى الآباء والأمهات -بجانب محافظة الأبناء الصغار على الصلاة وورد من القرآن- تعليم الأبناء شيئا من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليستفيدوا من دروسها وعبرها، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يقدرون للسيرة النبوية قدرها، ويتواصون بتعلمها وتعليمها لأبنائهم، فكان علي بن الحسين - رضي الله عنه - يقول: «كنا نُعلَّم مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - كما نُعلم السورة من القرآن». ومن فوائد تعلم أولادنا سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم يجدون فيها القدوة، فهي تقدم إليهم نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه، الأمين مع قومه وأصحابه، كما تقدم النموذج المثالي للمسلم في حسن معاملته لأهله، وللأب في حنو عاطفته، والصاحب في حبه وحسن معاملته لأصحابه، والمسلم الجامع بين واجباته وعبادته لربه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك