رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ناصر نعمه العنيزان 8 مارس، 2015 0 تعليق

إصدارت لتصحيح المسار (2) فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفع الشبهات الواردة عليه

 قامت جمعية إجياء التراث الإسلامي بطباعة كتاب: (فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفع الشبهات الواردة عليه) وتوزيعه؛ ومما تضمنه الكتاب في المبحث الأول حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند أهل اللغة وفي الشرع، وخلص إلى أن الأمر بالمعروف هو : الأمر بكل ما فرضه الشارع، أو ندب إليه، والنهي عن المنكر هو: النهي عن كل محظور والوقوع فيه في الشرع، وفي المبحث الثاني يستدل المؤلف لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويوضح أنه من النصيحة التي هي من الدين، ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة، ومن أعظم واجبات الشريعة المطهرة، وأصل عظيم من أصولها، وركن مشيد من أركانها، وبه يكمل نظامها، ويرتفع سنامها.

فقد ثبت بالتجربة والمشاهدة أن المرض إذا أهمل، ولم يعالج استشرى في الجسم، وعسر علاجه بعد تمكنه من الجسم واستشرائه فيه، وكذلك المنكر إذا ترك، فلم يغير.

     وفي المبحث الثالث يصف المؤلف القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويبين صفاته، فهو إما أن يكون متطوعاً يندب نفسه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يطلب على عمله جزاء ولا شكوراً إلا من الله، وإما منصوباً قد نصبه الإمام، أو نائبه للنظر في أحوال الرعية، وهو ما يطلق عليه (والي الحسبة) أو (المحتسب)، وهو موظف مختص من قبل الدولة، يقوم بمهمة الإشراف عن نشاط الأفراد في مجال الدين والأخلاق والاقتصاد، تحقيقاً للعدل والفضيلة، وفقاً للمباديء المقررة في الشريعة والأعراف المألوفة في كل بيئة وزمن.

وفي المبحث الرابع يحدد المؤلف اختصاصات والي الحسبة في الأمر بكل معروف ظهر تركه، والنهي عن كل منكر ظهر فعله، سواء كان ذلك فيما يتعلق بحقوق الله تعالى، أم بحقوق العباد، أم بالحقوق المشتركة بينهما.

     وفي المبحث الخامس: يوضح المؤلف شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإسلام والقدرة، فالعاجز عن تغيير المنكر بيده، أو لسانه أنكره بقلبه، وأن يكون عالماً بأحكام الشريعة عامة ، وأن يكون عالماً فيما يأمر، أو ينهى عنه، عفيفاً عن أموال الناس، متورعاً عن قبول الهدية، مأذوناً له من الإمام، أو نائبه إن كان محتسباً.

وفي المبحث السادس: يضع المؤلف آداب من يباشر الأمر والنهي، التي منها الرفق واللين، فمن شيمة المحتسب الرفق ولين القول والشفقة وسهولة الأخلاق عند أمره للناس ونهيه؛ وذلك ليكون قوله أبلغ في استمالة القلوب.

كذلك الصبر، أي أن يكون المحتسب صبوراً على ما أصابه، موطناً نفسه على لقاء المكروه، ومحتسباً ذلك عند الله.

القدوة الصالحة: فسيكون المحتسب عاملاً بما يأمر به ابتغاء وجه الله بقوله وفعله، وطلب مرضاته وإعزاز دينه.

     وفي المبحث السابع: يحكم المؤلف كتاباته حين يضع الضوابط الخاصة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يجب مراعاتها، ولا يجوز تجاهلها، ومن تلك أن يكون الآمر والناهي ذا علم صحيح، وفهم سليم، ورأي سديد بعد التثبت، بعيداً عن الظن القاصر، والاتهام القاسي، والهوى الباطل.

وأن يراعي مبدأ اليسر، ويبتعد عن التشدد والغلو، ويلزم جانب الاعتدال والوسطية، فالمطلوب أن يكون المحتسب معتدلاً في أمره ونهيه من غير إفراط ولا تفريط، وألا ينكر إلا ما علم أنه منكر.

فالمحتسب إنما يحتسب على تغيير كل منكر موجود في الحال والظاهر بغير تجسس معلوم كونه منكراً بغير خلاف فيه.

     كذلك من الإصدارات المتميزة التي عالجت قضية طاعة ولي الأمر مباشرة وضمن رؤية عصرية كتاب:  (المنهج الإسلامي  في معاملة الحكام) جمع وتأليف وإعداد/ أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الله التويجري، وفي مقدمة هذا الكتاب وقف المؤلف على أهمية الموضوع فقال: من أعظم ما يهم الناس خاصتهم وعامتهم الذي هو من أهم مقومات أمنهم في دينهم ودنياهم ما يتعلق بتعاملهم مع ولاة أمرهم، وما يجب لهم من حق، وقد اشتملت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة على التشريع الحكيم لهذا الأمر العظيم فأكدت وجوب طاعة ولاة الأمر بالمعروف، وحذرت من معصيتهم ومفارقة جماعة المسلمين، وليس بخاف ما تضمنه هذا التشريع القويم من الخير العظيم للأمة جمعاء؛ إذ باجتماع الكلمة يعم الأمن، وتستقيم أمور الناس في شؤون حياتهم، ويتحقق التعاون على الخير، ويتقون أضرار الفرقة والاختلاف وبذلك تقوى الأمة، وتكون مهابة الجانب. وفي معصية ولاة الأمر الشر المستطير والفساد الكثير وظهور الفتن وتسلط المجرمين؛ لذلك أولى أهل العلم السابقون منهم والمعاصرون هذا الجانب اهتمامهم، ونبهوا إلى ما تضمنته النصوص الشرعية من وجوب الطاعة بالمعروف والتحذير من الخروج عن الجماعة؛ لما يترتب علي ذلك من المفاسد العظيمة والأضرار الكبيرة.

وعمل المؤلف تمهيدا لكتابه أورد فيه بعض الآيات والأحاديث التي تحث على طاعة ولاة الأمر.

ثم ذكر بعد ذلك المصادر التي أخذ منها النقولات المتعلقة بالموضوع ومنها:

     كتاب أصول السنة للإمام المبجل أحمد بن حنبل وكتاب السنة لأبي بكر أحمد بن محمد الخلال وكتاب شرح السنة للإمام أبي محمد الحسن بن علي البربهاري وكتاب الشريعة للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجري وكتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للاكائي وغيرها من المصادر العظيمة التي تزخر بها المكتبة الإسلامية.

     ثم عقد فصلا جمع فيه متون العقيدة المعتمدة عند أهل السنة والجماعة في مسائل طاعة ولي الأمر وكيف أن مصنفي هذه المتون عدّوا هذا الأصل العظيم من أهم الأصول؛ إذ يختلف أهل السنة عن أهل البدع من معتزلة وخوارج في هذه المسائل المهمة التي يترتب على الأخذ بها مصالح عظيمة وعلى تركها مفاسد كثيرة، ومن هذه المتون: العقيدة الطحاوية لأبي جعفر الطحاوي وكتاب لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد لابن قدامة المقدسي وكتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام أبن تيمية وكتاب المسائل التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وكتاب أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة للعلامة حافظ الحكمي.

     وفي الفصل الذي يليه بين وجوب البيعة والسمع والطاعة بالمعروف وبدأه بتعريف البيعة بأنها عهد على الطاعة، ثم ذكر الدليل على وجوب البيعة للإمام. قال الشوكاني  -رحمه الله-: من أعظم الأدلة على وجوب نصب الأئمة وبذل البيعة لهم ما أخرجه أحمد والترمذي وابن خزيمه وابن حبان في صحيحه من حديث الحارث الأشعري بلفظ (من مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتتة موتة جاهلية).

     ثم أورد إجابة الشيخ صالح الفوزان عن البيعة هل هي واجبة أم مستحبة أم مباحة؟ وما منزلتها من الجماعة والسمع والطاعة؟ فأجاب فضيلته: تجب البيعة لولي الأمر على السمع والطاعة عند تنصيبه إماما للمسلمين على الكتاب والسنة، والذين يبايعون هم أهل الحل والعقد من العلماء والقادة، وغيرهم من بقية الرعية تبع لهم، تلزمهم الطاعة بمبايعة هولاء، فلا تطلب البيعة من كل أفراد الرعية؛ لأن المسلمين جماعة واحدة ينوب عنهم قادتهم وعلماؤهم.

وهذا ما كان عليه السلف الصالح من هذه الأمة.

والبيعة على الطريقة الإسلامية يحصل بها الاجتماع والائتلاف ويتحقق بها الأمن والاستقرار دون مزايدات ومنافسات فوضوية تكلف الأمة مشقة وعنتا وسفك دماء وغير ذلك.

     ثم عقد فصلا واختصه بإيراد فتاوى كبار العلماء حول البيعة والوفاء بالعهود أمثال سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله وفضيلة الشيخ/ محمد بن الصالح العثيمين وسماحة الشيخ/ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله والشيخ صالح الفوزان حفظه الله. ومن النقولات الواردة في هذه الفتاوى: سئل سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن رجل يمتنع عن الدعاء لولي الأمر فأجاب: هذا من جهله وعدم بصيرته؛ لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات ون النصيحة لله ولعباده.

فالمؤمن يدعو للناس بالخير والسلطان أولى من يدعى له؛ لأن صلاحه صلاح للأمة فالدعاء له من أهم الدعاء ومن أهم النصح، وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال: لو أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان .

     ويقول الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في معرض رده على أحد الأسئلة : من يدعو أي إنسان إلى الخروج عن طاعة الإمام وعدم السمع والطاعة فأسيئوا الظن به بأنه منافق وبأنه فاجر ولا عهد له ولا دين ولا أمانه؛ لأن -والعياذ بالله- هذه الدعوات تدعو إلى الفوضى وإلى سفك الدماء ونهب الأموال وانتهاك الأعراض.

وفي الفصل الأخير يورد المؤلف عددا من فوائد الدعاء لولاة الأمر وعد من ذلك :

أن المسلم حين يدعو لولي الأمر فإنه يتعبد ربه بهذا الدعاء وذلك؛ لأن سمعه وطاعته لولي الأمر إنما كان بسبب أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم .

في الدعاء لولي الأمر إبراء للذمة؛ إذ الدعاء من النصيحة والنصيحة واجبة على كل مسلم .

الدعاء لولي الأمر من علامات أهل السنة والجماعة .

إن في الدعاء تصديقا لمبدأ السمع والطاعة وتأكيدا له وإعلانا به .

الدعاء لولي الأمر عائد إلى الرعية نفعه الأكبر إلى الرعية أنفسهم، فإذا صلح صلحت الرعية واستقامت أحوالها.

إن ولي الأمر إذا بلغه أن الرعية تدعو له فإنه يسر بذلك غاية السرور، ويدعوه ذلك إلى محبتهم ورفع المؤن ونحوها عنهم .

إن في ذلك ترويضا للرعية وتربية لها على الطاعة والانقياد لمن شرع الله طاعته من ولاة الأمور والوالدين والأزواج ونحوهم .

وفي الختام وضح المؤلف سبب كتابته في هذا الموضوع فقال:

لأنه من القواعد المقررة عند السلف زيادة الاعتناء بهذا الموضوع كلما زادت حاجة الأمة إليه سدا لباب الفتن وإيصادا لطريق الخروج على الولاة الذي هو أصل فساد الدين .

فلم نكتب والله تزلفا للسلطان أو رغبة في المال أو ابتغاء وجاههة ولكن بمعرفة هذا الموضوع حق معرفته ورعايته حق رعايته يكون فيه بإذن الله اجتماع الكلمة والائتلاف ودحر الاختلاف .

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك