رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الإقتصادي 1 فبراير، 2011 0 تعليق

أظهرت تماسكاً ملموساً مع احتفاظها بأصولها المؤسسات المالية الإسلامية أفلتت من نيران الأزمة ودخلت 2011 محملة بالنمو

 

أكد عدد من المحللين الماليين أن البنوك الإسلامية أظهرت تماسكا ملموسا مع احتفاظها بأصولها وسيولتها ونموها خلال الأزمة المالية العالمية التي أدت إلى انهيار عشرات البنوك التقليدية حول العالم، الأمر الذي أثار إعجاب الكثير من الدول، ولاسيما تلك التي تعاني من أزمات مالية، حيث أعرب العديد من الدول الغربية عن اهتمامها بأداء نظام التمويل الإسلامي، وقد دخلت تلك المؤسسات 2011 بثبات متطلعة إلى مزيد من النمو.

     فقد أظهرت البنوك والمؤسسات المالية التي تعمل وفقا للشريعة الإسلامية مرونة مذهلة خلال الأزمة المالية العالمية التي ضربت اقتصاد العالم وأدت إلى انهيار عشرات البنوك التقليدية ولاسيما في الولايات المتحدة.

     وشجع هذا البنوك التقليدية حتى في الدول التي يمثل المسلمون أقلية فيها مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة على تقديم خدمات البنوك الإسلامية إلى جانب خدماتها التقليدية.

      ورغم عدم وجود بيانات دقيقة حول حجم صناعة البنوك الإسلامية فإنه من المعتقد أن يكون زاد من 820 مليار دولار عام 2008 إلى أكثر من تريليون دولار خلال 2010.

     وتشير أحدث الدراسات إلى النمو المطرد لنظام الصيرفة الإسلامي بحيث يمكن أن تصل إلى 1.5 تريليون دولار عام 2012 ثم 3 تريليونات دولار عام 2015.

     ويقول خبراء اقتصاديون إن البنوك الإسلامية مستعدة لكسب المزيد من الأرض في المستقبل بفضل الثقة التي حققتها خلال الأزمة المالية.. مرجعين النجاح الأخير للبنوك الإسلامية إلى وفرة السيولة النقدية التي نجحت في توفيرها رغم أزمة النظام المالي العالمي.

وتلعب البنوك الإسلامية نفس الأدوار التي تلعبها البنوك التقليدية في سوق التمويل رغم الفروق الجوهرية بينها.

      ويرتكز المفهوم الأساسي للبنوك الإسلامية على العدل الذي يتم الوصول إليه من خلال تقاسم المخاطر بين المقرض والمقترض، فالمودعون في البنوك الإسلامية ملزمون بتحمل نصيبهم من الخسائر إذا حدثت كما يحصلون على نصيبهم من الأرباح عندما تتحقق. كما أن البنوك الإسلامية لا تعترف بمبدأ سعر الفائدة الثابت سواء على الإيداع أو الإقراض.

والحقيقة أن النظام المصرفي الإسلامي خرج من الأزمة المالية العالمية بأقل قدر من الخسائر بسبب الحظر الصارم الذي يفرضه على الاستثمار في المنتجات المالية عالية المخاطر مثل المشتقات المالية والتي كانت سببا رئيسيا في أزمة البنوك التقليدية، وأثبت أنه الأقل تضررا من تداعيات الأزمة العالمية بفضل إدارته الصارمة لأدواته المالية وتركيزه على العمليات المالية الحقيقية والابتعاد عن المضاربات.

      ومما يلفت النظر أن الانبهار بأداء نظام التمويل الإسلامي لم يقتصر فقط على الدول الغنية وإنما امتد أيضا إلى الدول التي تعاني من أزمات مالية حيث أعربت عن اهتمامها بهذا النظام.

      ووفقا لدراسة حديثة أجراها صندوق النقد الدولي فإن البنوك الإسلامية ساهمت في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي خلال الأزمة في ضوء نمو قروضها وأصولها بمعدل ضعف معدل نمو أصول وقروض البنوك التقليدية على الأقل.

     وأرجع الصندوق هذا النمو إلى المرونة العالية لدى البنوك الإسلامية، فضلا عن أن البنوك الإسلامية تقدم الجزء الأكبر من محفظة قروضها إلى القطاع الاستهلاكي الذي كان الأقل تضررا من الأزمة مقارنة بالقطاعات الأخرى في الدول التي شملتها الدراسة.

     ورغم النمو القوي الذي حققته البنوك الإسلامية خلال العام الأول من الأزمة المالية العالمية فإن أرباحها تراجعت بدرجة كبيرة العام الماضي بسبب ما وصفه خبراء الاقتصاد بأنه (ضعف إدارة المخاطر) لدى هذه البنوك.

     وعلى صعيد متصل أكد عدد من المصرفيين أن قطاعات الاستثمار الإسلامي قد شهدت  طفراتٍ هائلةً، ورغم تبعات الأزمة الماليَّة التي اجتاحت معظم الاقتصادات الدوليَّة، فالتوقُّعات تؤكِّد سطوع معدلات نمو قطاع الأعمال الإسلامي، بمعدل 15٪ سنويًّا؛ ليبلغَ بعد ثلاث سنوات ثلاثة تريليونات دولار، وخلال أربع سنوات فقط، سيَتَمَكَّن من تحقيق وفورات منَ السيولة النقديَّة، تَتَخَطَّى200 ٪ عما هو متاح في مؤسَّساته حاليًّا، ومنَ المعروف أنَّ قيام سلسلة البنوك التقليدية بفتْح قنوات لتقديم خدمات ماليَّة إسلاميَّة دليلٌ على ارتفاع حجم الطَّلَب السوقي منَ المستثمرين العاديين، لما أثْبَتَتْهُ هذه الصناعات المصرفيَّة مِن قدرات على تجاوُز تحديات العولَمة، فالكثيرُ منَ المؤسسات الغربية والأميركية أصابتْها حُمَّى الأزمة الاقتصاديَّة؛ لانغِماسِها في صفقات مشبوهةٍ، والسَّمْسَرة، والرهن العقاري، والائتمان ذي المخاطر المرتفعة، وكذلك التوكيلات السِّرِّيَّة بين البنوك؛ لضمان عملاء مفلسين في ملايين الدولارات دون غطاء نقدِيٍّ نظير عمولات، بينما استطاعتْ بنوك التعامُلات الإسلاميَّة النَّجاة من هذا الطوفان الجامح، بتطبيق قوانين الشريعة، وحُسْن التخطيط المستقبلي للمشروعات التي تحثُّ على العمل.

خطوات فاعلة

      وأضاف الخبراء أن  دول الخليج قد خطت  خطوات فَعَّالة في هذا الطريق ، حيثُ صعدت أرباح أكبر خمسة بنوك إسلاميَّة؛ لتجذبَ رؤوس أموال عربيَّة تُقَدَّر بـ 100 مليار دولار، تصبها في مشروعات طبقًا للشريعة، تخدم الملايين منَ المحيط الأطلنطي للخليج العربي، ثمَّ امتدتْ بتوسُّعاتها إلى بلدان وتجمُّعات إسلاميَّة في أفريقيا وآسيا وأوروبا، واستطاعتْ بصفقاتها الناجحة أن تفرضَ نفسها دوليًّا؛ حيث ساهمتْ بنجاحٍ في إطلاق مؤشِّر (داو جونز الإسلامي بلندن)، بالتنسيق مع كُبْرى المؤسَّسات العالميَّة، التي فطنتْ إلى ما يحمله هذا المارد الجديد  من فوائد ومكاسب  على الصعيد الاقتصادي.

العمل المصرفي

      ولفت المصرفيون إلى أنه قد تَمَّ تحديث قوائم العمل المصرفي الإسلامية ليَتَوَاكَبَ مع متطلَّبات العصر في أسواقٍ، يتعامل فيها الملايين عبرَ قنوات استثماريَّة مطابقة للشريعة، تبلغ نحو تريليوني دولار، يترَكَّز ثلثُها تقريبًا في أنحاء الخليج، وقفز حجم إصدارات نوعية تلك الصُّكُوك العام الماضي، أكثر من 47 مليار دولار، وارتفعتْ صُورها في الشرق الأوسط إلى 207 إصدارات، وصارتْ قطاعات البُنُوك الإسلاميَّة ذات ثقل رأسماليٍّ عالميٍّ، فقدِ انطلقتْ منذ سبعينات القرن المنصَرِم، وتَبَنَّتْها البحرين، ووضعتْ تشريعات وقوانين خاصَّة منظمة لها، واستطاعتْ خلال ثلاثة عقود صياغة أسواق للمُدَّخرات، ونظمٍ جعلتْها تَتَصَدَّر الأنشطة المالية الآمنة.

      وهو الأمر الذي يشير إلى  قوة الاقتصادات المطبِّقة للنظام الإسلامي   رغم الأزمة الماليَّة العالميَّة، ويؤكِّد على مدى جودة الجهات الرقابيَّة، وفعالية هرم السياسات النَّقديَّة بمنطقة الخليج ككل، مع انتشار تلك السياسات الطموحة؛ لخلْق أسواقٍ جديدة للاستثمار المصرفي، وتدوير الاحتياطات الرأسماليَّة للبنوك الإسلاميَّة، بما يضع قطاعاتها ككلٍّ خلال العقد المُقْبِل في مصافِّ التنافُسيَّة المصرفيَّة العالميَّة، كما ساعد مجلس الخَدَمات الماليَّة الإسلاميَّة البنوكَ المركزيَّة الخليجيَّة في وضْع أُسُس تطبيق معايير (بازل 2) من خلال إصدار تقارير شاملة لخطوات الإصلاح،

السندات والمخاطر

     ويدعو بعض الخبراء الماليين  إلى تفادي التعامُل المباشِر مع السَّندات التجارية المحفوفة بالمخاطر، والتركيز على المشروعات التنموية بشيء منَ الدراسة؛ لتَجَنُّب انعكاسات الأزمة الماليَّة العالميَّة، التي أثَّرَتْ إلى حدٍّ ما في تداوُلات المؤسَّسات الصناعية، ومحافظ الأسهم، وصناديق الاستثمار؛ حيث إنَّ هذه الأزمة أثبتتْ حتميَّة التَّحوُّلات الرأسمالية الراهنة نحو التعامُلات الإسلاميَّة، وقد نجحتْ مجموعات توظيف الأموال المصرفيَّة التي كان يُحاربها الغرب بضغوطه السياسية في الصُّعود بالاقتصادات الخليجية مؤخَّرًا، بتحقيق حلقة اندماجات مؤسَّسيَّة داخليَّة، زادتْ مِن قوتها بِتَبَنِّي مشروعات جديدة تشغيل وتسييل الأموال لزيادة أرباح المستثمرين، وتَتَمَيَّز الخدمات المصرفيَّة المبتَكَرة والمطابقة للشريعة في الخليج حاليًّا بسهولة انتقال الأموال والمستندات والتحويلات الخاصة بالمعاملات التجارية، ما يوفِّر التعامُل السريع.

نشاط ملحوظ

      وقامتِ البُنُوك الإسلاميَّة بصفقات كبرى، بالاستحواذ على رُخَص تحويل فروع خارجيَّة إلى مصارف متَّحدة، كنماذج رائدة؛ لتحرير رأسمال الفروع العاملة، طبقًا للِخطط، لانتِقاء الأسهم المطروحة للمُتَعاملين الخليجيين، عنْ طريق المصارِف الجديدة؛ حيث نما حجم أُصُول الصِّناعات المصرفيَّة الإسلاميَّة على مستوى دول مجلس التعاون بنسبة 40 ٪.

      وتتوسَّط لجنة المعايير المراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، من خلال إجراءات رسميَّة تقوم بها في الأسواق والهيئات الرِّقابيَّة؛ لتصفية الأجْواء الاستثمارية العربية، ومعالَجة الانخفاض المؤقَّت في الصكوك والسَّنَدات، وإحداث توازُن في ميزانيات الحكومات الفقيرة، بدلاً من تقارير الأرباح والخسائر، التي لا تضع خطط الأمان النقدي للاحتياطات منَ السيولة، مع دراسة سياسات للفصل بين حقوق المساهمين؛ كي يتم ضمان التدفُّقات السائلة بالادِّخار طويل الأجل.

      وتتميَّز المصارف المستحدَثة على النظم الإسلامية برؤوس أموالها الصغيرة نسبيًّا، وتفوقها على عمالقة المصارف التقليدية؛ بل إن هناك نحو 80 ٪ منَ البنوك الإسلامية استحوذَتْ على صفقات بمليارات الدولارات في أرجاء العالَم، في حين بلغ عدد المصارف الصغرى والمسجلة في اتحاد المؤسَّسات والبنوك الإسلاميَّة نحو 300 مصرف، ومتوسط رؤوس أموالها لا يزيد على 250 مليون دولار.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك