غداً ستدرك أنك السبب
هويتنا تتعرض لأكبر ضغط في العصر الحديث؛ حيث يسعى بعضهم لتفكيكها وتفريغها من محتواها، وما زال هناك من يتكاسل وينشغل بالمكملات اليومية دون أن يضع لنفسه خريطة ثم مسارًا لمقاومة هذا التفكيك الممنهج للهوية.
فقليل من أهل الإصلاح من يتخذ مسار البناء العلمي اتخاذا جادا حتى يتمكن من إيجاد طائفة جديدة من طلبة العلم لديها الوعى الكافي للتعامل مع المستجدات اليومية التي نراها في الواقع، حتى تستطيع مقاومة سُبل التغريب الحادث في بلادنا.
وقليل من أهل الإصلاح من يتخذ المسار الثاني في تبليغ الناس الإيمان بمعانيه، بالأركان الستة علمًا وعملاً، بمعاني الإيمان الكبرى كالعطاء والأمانة والإيثار والرحمة والسماحة وغيرها.
فمن يقصِّر في هذا وذاك فهل سيجد يومًا لنفسه أو لأسرته مكاناً يمارسون فيه شعائرهم؟!
وهل سيجدون ما أحله الله ما زال حلالاً وما حرمه الله ما زال حراماً؟!، وأن المعاملات والأخلاق والسلوك ما زالت في إطار موافقة شريعتنا وثوابتنا لا موافقة التغريب في المجتمعات حولنا.
فكم منكم يا شباب الإصلاح انشغل بالحديث عن الواقع دون محاولة تغييره!
وكم منكم اشتكى من تبديل الفطرة وهو لا يزال يشاهد ذلك وهو غضبان أسفا!
مهما برَّرت للأجيال القادمة من أعذار فأنت السبب، أنت من كان ضيق الأُفق شديد الشراسة في الفراغ، كثير التحسّر على الماضي، ولم تقدم شيئاً للمستقبل، تشتكى، وتتساءل، تنتقد، وتتكاسل، تختفي وتظهر، تنام أكثر مما تستيقظ، تتعافى قليلاً وتمرض كثيراً، أمانيك عريضة وبذلُك ضعيف، الدنيا سرقت منك وضاءة الوجه وخلّفت سراب إنسان، تجده ولا تجده، تراه ولا تراه، يتحرك في مكانه، ويشغل حيزاً في الفراغ كالفراغ!
أنت السبب، وابحث ما شئت عن السبب فلن تجد إلا نفسك وذلك إذا كنت صادقًا، تذكَّر قولي، وقلِّبه بين عينيك، واجتهد في أن تعود سريعًا لصنعة الأوفياء فإن الملتحق بها لن يخسر أبدًا؛ لأن الوفاء لحن السماء، فإليه يصعد الصدق والحق والعدل، فهو الطيب الذي لا يقبل إلا طيباً، وهو السيد الذي لا يقبل إلا العبد، فمن كان عبداً لمن ينادى كل يوم «الله أكبر» كان سيداً يوم العرض الأكبر، والله أعلى وأجل، وغدًا تمضى دنيانا وتظل الدنيا لأهلها الجدد، فإما أن تترك لهم عارًا وإما أن تترك لهم عزاً وشرفًا.
لاتوجد تعليقات