القلب بين العلائق والعوائق
متى علَّق العبد قلبه بغير الله فالتعاسة و الشقاء، ولا تتم سعادة العبد حتى يعلق قلبه بالله -عز وجل- محبة وتوكلاً ورجاء و خوفا، قال النبي[: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد القطيفة»، وليس هناك أحد يسجد للدينار والدرهم, ولكن هناك من يعلق قلبه بالدينار والدرهم محبة له, ورضاء به؛ فهو يوالي فيهما ويعادي فيهما؛ فتعلق القلب بغير الله عبودية له, وإذا صرفت العبادة لغير الله -عز وجل- لم يحصل للعبد إلا الشقاء و الهم و الغم و الحزن في الدنيا و الآخرة.
قال بعض مسلمة الفتح في غزوة حنين وكانت بعد فتح مكة مباشرة: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط, وكان المشركون يختارون شجرة عظيمة, يعلقون بها أسلحتهم, ويطوفون بها ويلتمسون منها البركة وتعلق قلوبهم بها؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}؛ فالله -عز وجل- هو:{الضار النافع الخافض الرافع المعز المذل وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ}(يونس : 107).
قال النبي صلى الله عليه وسلم لحبر الأمة وترجمان القرآن: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ».(رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
وإذا كان الأمر كله بيد الله -عز وجل- والخير كله بيده ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن؛ فكيف تتعلق القلوب بغيره, وينتظر الخير من سواه؟ ومتى علق العبد قلبه بالله -عز وجل- توكلاً ورجاء و خوفاً وحباً, تتم سعادة العبد في الدنيا والآخرة, ويكون الله -عز وجل- غاية محبوبه و مطلوبه, يستغني بحبه عن حب من سواه, وبذكره عن ذكر من سواه, و بطاعته عن طاعة من سواه، قال بعضهم: إنه لتمر بي أوقات أقول: إن كان أهل الجنة كما نحن فيه, إنهم لفي عيش طيب، وقال بعضهم : إنه لتمر بي أوقات يرقص فيها القلب طربا، وقال إبراهيم بن أدهم: لو يعلم الملوك, وأبناء الملوك ما نحن فيه من نعمة لجالدونا عليه بالسيوف.
لاتوجد تعليقات