رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مراد بن أحمد القدسي 26 نوفمبر، 2012 0 تعليق

نتائج الالتزام بمنهج السلف وثمراته (1)


المنهج السلفي هو الالتزام بالكتاب والسنة على فهم خير القرون ومن نتائج هذا المنهج وثمراته أن من التزم به ينجو من الضلالات والبدع ويفوز شرف الانتساب إلى الرعيل الأول الفضلاء، ويتأكد لديه أن العصمة لاتثبت إلا للشرع

أولاً -تحقيق كمال الدين وتمام النعمة وقيام الحجة:

     فالالتزام بفهم السلف فيه اعتراف حقيقي بأن الله تعالى أكمل الدين وأتمّ النعمة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم  بلّغ الرسالة وأقام الحجة وأوضح المَحَجّة، وأن الصحابة هم ورثته في العلم والإيمان، أقاموا الدين علماً وعملاً وبلّغوه لفظاً ومعنى.

وهذا الأمر واضح في مسائل الشريعة وهو أشد وضوحاً في مسائل العقيدة.

     يقول شيخ الإسلام عن الصحابة وهَديِهم: «مُحال – أي على الرسول صلى الله عليه وسلم – مع تعليمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين وإن دقّت أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم ويعتقدونه في قلوبهم» ثم يقول: «فكيف يتوهم من في قلبه أدنى مسكة من إيمان وحكمة ألا يكون بيان هذا الباب قد وقع من الرسول على غاية التمام، ثم إذا كان قد وقع ذلك منه: فمن المُحال أن يكون خير أمته وأفضل قرونها قصّروا في هذا الباب زائدين فيه أو ناقصين منه». المجموع (5/6, 7).

ثانياً - ثبوت العصمة للشرع:

والالتزام بفهم السلف يفيد إثبات العصمة للشارع الحكيم بحيث لا يجوز الاستدراك عليه.

     وعليه: «فيجب النظر إلى الشريعة بعين الكمال لا بعين النقصان، واعتبارها اعتباراً كليّاً في العقائد والعبادات والمعاملات , وعدم الخروج عنها البتة؛ لأن الخروج عنها تيه وضلال ورمي في عماية، كيف وقد ثَبَت كمالها وتمامها؟! فالزائد والمُنقِّص في جهتها هو المبتدع بإطلاق، المنحرف عن جادة الصواب إلى بُنيات الطرق، هذا هو الذي أغفله المبتدعون فدخل عليهم بسببه الاستدراك عن الشرع». انظر الاعتصام للشاطبي (2/310, 311).

ثالثاً - التصديق بجميع نصوص الكتاب والسنة:

     الالتزام بفهم السلف يُفيد التصديق بجميع نصوص الكتاب والسنّة والاستدلال بها مُجتمعة ما لم يكن بين بعضها تناسخ.

     فلا يجوز ضرب بعضها ببعض لأن ذلك يقتضي التكذيب ببعض الحق؛ إذ إنه من باب المعارضة، قال تعالى: {فمن أظلم ممن كذَب على الله وكذّب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنّم مثوى للكافرين.والذي جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون}، قال شيخ الإسلام: «فذمّ سبحانه من كذب أو كذّب بحق، ولم يمدح إلا من صدَق وصدّق بالحق، فلو صدَق الإنسان فيما يقوله ولم يُصدِّق بالحق الذي يقوله غيره لم يكن ممدوحاً حتى يكون ممن يجيء بالصدق ويصدّق به فأولئك هم المتقون». درء تعارض العقل والنقل (8/404).

رابعاً - تعظيم نصوص الكتاب والسنة:

     إن الالتزام بفهم السلف يجعل المسلم في موقف المُعظِّم لنصوص الكتاب والسنة؛ لأنه يعتقد أن كل ما تضمّنته هو الحق والصواب وفي خلافها الباطل والضلال.

     أما المخالفون لفهمهم فقد سقطت من نفوسهم هيبة النصوص حتى استحلّوا حرماتها وعاثوا فيها تكذيباً أو تحريفاً, وإن أحسنوا المعاملة أعرضوا عنها بقلوبهم وعقولهم ولم يستدلّوا بشيء منها كما قال تعالى: {أميّون لا يعلمون الكتاب إلا أمانيّ وإن هم إلا يظنّون}(البقرة:78).

خامساً - عصمة علوم من يأخذ بفهمهم:

     فالذي يلتزم بفهم السلف وفيما أجمعوا عليه – أي الصحابة والتابعون وتابعوهم - على مسألة فإن هذا المنهج هو المنهج المعصوم.

     «وأما أهل البدع والتّفرّق فلم يبالوا بهذا الأصل حتى أعلنوا مخالفتهم لسلف الأمة وأئمتها ونسبوهم إلى أعظم السفه والجهل».

سادساً - السكوت عما سكت عنه السلف:

     فالذي يلتزم بفهم السلف يسعه ما يسعهم وعليه أن يقف على حدود ما أصّلوه في مسائل الاعتقاد والإيمان والاستدلال والتقرير.

     قال عمر بن عبد العزيز: «فإن السنّة إنما سنّها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمّق، فارض لنفسك بما يرضى به القوم لأنفسهم فإنهم على علم وقفوا، وببصر قد كفّوا وَهُم كانوا على كشف الأمور أقوى.

     فَلئِن قلتم: أمر حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من اتبع غير سنّتهم ورغِب بنفسه عنهم، إنّهم لهم السابقون، فقد تكلّموا فيه بما يكفي ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مُقصِّر، وما فوقهم محسر، لقد قصّر عنهم آخرون فضلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم».

سابعاً - النجاة المحضة موقوفة على متابعة فهم السلف:

     فالمُلتزم بفهم السلف له النجاة المحضة وهي وقَف على من كان على مثل ما كان عليه النبي[ وأصحابه، وهذا إنما يُعرف عن طريق السنن المروية والآثار الصحابية، وأولى الناس بمعرفة السنّة والآثار هم أهل السنة والجماعة لانشغالهم بذلك، بعكس أهل البدع من متكلّمة ومتصوّفة وفلاسفة.

ثامناً - شرف الانتساب إلى السلف الصالح:

     فالسلفية هي الطريقة التي كان عليها أهل تلك القرون الفاضلة من التمسّك بالكتاب والسنّة وتقديمهما على ما سواهما والعمل بهما على مقتضى فهم الصحابة والسلف.

فالسلفية بهذا المعنى منهاج باق إلى يوم القيامة يصح الانتساب إليه متى التُزمت شروطه وقواعده.

     قال ابن عقيل: «أنا أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض، فإن رضيت أن تكون مثلهم فكُن مثلهم، وإن رأيت أن طريقة المتكلّمين أوفى من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت» تلبيس إبليس.

تاسعاً - عدم صحة الإيمان المشروط:

     فالالتزام بفهم السلف يُقرر عدم صحة الإيمان المشروط، كمن يقول: أنا لا أؤمن بخبر الرسول حتى أعلم انتفاء المعارض العقلي، أو أنا لا أؤمن حتى تُصدّق خبره رؤيا منام أو كشف أو ذوق أو حِس أو نحو ذلك من الشرائط.

     فهذا إيمان لا يصح، وصاحبه فيه شَبَه من الذين: {قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله} (الأنعام:124). والذين قالوا: {لن نؤمن حتى نرى الله جهرة} (البقرة:55).

فالواجب على الملتزم بمنهج السلف أن يُصدّق بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم  بغير شرط ولا قيد وليكُن شعاره «سمعنا وأطعنا».

عاشراً - تكثير الصواب وتقليل الخطأ:

     فالذي يلتزم بنصوص الكتاب والسنّة بفهم سلف الأمة يقلل الخطأ ويكثر الصواب، وهذا الخطأ يكون بسبب نقص علم المُستدل أو قصور فهمه أو سوء قصده، وهذا قد يوجد في بعض أهل السنة «ففي بعضهم من التفريط في الحق والتعدي على الخلق ما قد يكون بعضه خطأً مغفوراً، وقد يكون منكراً من القول وزوراً، وقد يكون من البدع والضلالات التي توجب غليظ العقوبات فهذا لا ينكره إلا جاهل أو ظالم».

     «فأهل السنة يعرفون الحق ويرحمون الخلق، أما أهل البدع فيُكذِبون بالحق ويُكفِّرون الخلق، فلا علم ولا رحمة». مختصر الصواعق (2/431).

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك