القــات وآثاره على صحة الإنسان
للقات أضرار كثيرة على الصحة الجسدية والنفسية بينتها الأبحاث الطبية والعلمية، والكثير من الذين يتعاطون القات يقعون ضحية لتلك الآثار، وإذا تتبعنا جذور المشكلة لوجدنا أنها تعود إلى التأثير السلبي والضار للمواد الكيميائية التي يحتويها القات، فضلاً عن السموم التي يرش بها، التي تتغلغل في أعماق جذوره، وتجعل من المستحيل التخلص منها، وفيما يلي بيان ذلك ابتداء من الفم وانتهاء بالأمعاء الدقيقة والغليظة مروراً بفتحة الشرج، بالإضافة إلى أثره على الكبد والكليتين وكذلك آثاره على صحة الأم الحامل والجنين، وآثاره من الناحية النفسية على متعاطيه وكذلك الاحتمالات غير المستبعدة عن مسؤولية القات غير المباشرة «بواسطة المبيدات السامة التي يرش بها في الإصابة ببعض السرطانات».
نسأل الله تعالى أن يحقق هذا البحث الموجز ما نهدف إليه من إيجاد توعية عن القات وأثره على صحة الإنسان، والله الموفق.
المريء
يصاب متعاطو القات بالتهابات وبقرحة المريء نتيجة ما تقوم به خلاصة القات من تخريش للغشاء المخاطي للمريء.
المعدة والاثني عشر
يصاب متعاطو القات بالتهابات وقرحة في المعدة نتيجة تخريش خلاصة القات وكذلك بتأثير مادة «التأنين» الموجودة فيه على غشاء المعدة، وقد يعزى ذلك لأسباب أخرى غير القات كالمبيدات التي تستخدم في رشه.
تقوم عصارة القات التي تبتلع بتقليل حموضة المعدة؛ مما يؤدي إلى أن يصاب متعاطو القات بسوء الهضم.
كما تقوم خلاصة القات أيضاً بالتأثير على غشاء الاثني عشر مما يؤدي إلى إصابته بالالتهابات والقرحة الاثني عشرية، وقد أجريت دراسة على نسبة حدوث قرحة الاثني عشر عند متعاطي القات فوجد أن حدوثها يزيد خمس مرات بين ماضغي القات عن غيرهم من الذين لا يتعاطونه.
أثر القات على الأمعاء الدقيقة والغليظة
الأميبا والجيارديا والديدان:
يكون متعاطو القات أكثر عرضة لهذه الأمراض حيث تصاب أمعاؤهم بها عبر القات الملوث بالبكتيريا والطفيليات وغير ذلك نتيجة تداوله بأيدي المزارعين والبائعين وغيرها.
الإمساك
يصاب متعاطو القات بمرض الإمساك وذلك لوجود مادة التأنين، ولوجود أيضاً مواد سمبتاوية كالكاثينون التي تقلل من حركة الأمعاء الذاتية ونتيجة الجلوس لفترة طويلة.
البواسير
يصاب متعاطو القات بمرض البواسير نتيجة للإمساك المزمن والجلوس لساعات طويلة في مقايل القات.
فقدان الشهية
حيث يشعر متعاطو القات بالشبع فلا يميلون إلى تناول الطعام ويرجع ذلك إلى المواد الشبيهة بالإمفيتامين كالكاثينون التي يحتويها القات والتي لها أثر على مركز الشبع مما يقلل الشهية للطعام.
سوء التغذية
دائماً ما يصاب متعاطو القات بسوء التغذية نتيجة لفقدان الشهية مما يؤدي إلى هبوط فعالية جهاز المناعة في الجسم مما يجعل الشخص عرضة للأمراض والعلل.
إن مشكلة سوء التغذية ظاهرة موجودة لدى غالبية متعاطي القات ولاسيما ذوي الدخل المحدود «الطبقات الفقيرة».
أثر القات على الكبد
هناك علاقة متوقعة بين مضغ القات واختلال عمل الكبد لسبب احتواء القات على مواد معروفة السمية على الكبد كالتأنين فضلاً عن السموم التي يرش بها القات.
التهابات الكبد
أثبتت الدراسات أن متعاطي القات يكونون أكثر عرضة لالتهابات الكبد لاسيما النوع «ب»، وقد أجريت في جيبوتي دراسة وجد من خلالها أن هناك علاقة بين مؤشرات فيروس الكبد واعتياد مضغ القات؛ حيث كان مؤشر الفيروس لدى غير الماضغين 6.4٪ بينما كان عند ماضغي القات 13.2٪.
ويعتقد أن سمية القات تنقص المناعة وتؤدي إلى عدم استطاعة الجسم تصفية وإزالة الفيروس من نوع «ب» ما يؤدي إلى أن تكون الإصابة بالفيروس مزمنة.
الجهاز البولي.. حصر البول:
يكون متعاطو القات أكثر عرضة لهبوط تدفق البول وقوته، وإلى اضطرابات أخرى في عملية التبول مثل الصعوبة في إخراجه وزيادة عدد مرات التبول ويعود ذلك إلى الآثار السمبثاوية لمواد القاتمينات على جدار المثانة والعضلة التي تتحكم في خروج البول.
وقد أجريت دراسات في جامعة صنعاء سنة 1995 فوجد أن القات يؤدي إلى هبوط تدفق البول وقوته وصعوبة في التبول وزيادة عدد مراته.
حصوات الكلى
لاحظ بعض الأطباء أن كثيراً من الذين يترددون على العيادات من متعاطي القات تكون عندهم إصابة بحصوات الكلى إلا أن ذلك لم يخضع للبحث المخبري.
أثر السموم على الكلى
كما هو معلوم أن الكلى تتأثر بالسموم التي تدخل الجسم، ولذلك فإن المبيدات ومالها من تأثير سمي يؤدي إلى إيجاد ضرر على الكلى ووظيفتها.
الجهاز التنفسي
سوء التهوية التي تتميز بها مجالس القات له أثر رئيسي، فضلاً عن الدخان الملبد في أجواء المقايل، في إصابة مريض الربو بنوبات حادة تهدد حياته، وكذلك يتعرض الكثير من متعاطي القات للإصابة بالالتهابات الرئوية.
مرض السل
هناك احتمال إصابة متعاطي القات بالسل نتيجة تداول قصبة المداعة بين أكثر من واحد، إضافة إلى سوء التهوية وكثافة الدخان في مجالس القات.
القلب والأوعية الدموية
للقات أثر على القلب يشعر به المتعاطي مما يؤدي إلى شعوره بالقلق، وإذا أردنا أن نتحدث على أثر القات على القلب والأوعية الدموية فإننا لابد أن نتحدث عن بعض الأمور المهمة التي يجب أن يعرفها الجميع وهي:
القات وتسارع نبضات القلب
يكون متعاطو القات أكثر عرضة لذلك لأن مادة الكاثين الموجودة في القات تعمل على زيادة نشاط العصب الوردي الذي يرتبط بالقلب ويسيطر على وظيفته.
القات وارتفاع ضغط الدم
يكون متعاطو القات أكثر عرضة لارتفاع ضغط الدم لأن مواد الكاثينون والكاثين والإفدرين الموجودة في القات تعمل على تضييق الأوعية الدموية مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
الغدد الصماء
وجد من خلال الدراسات أن القات يؤثر على بعض الغدد الصماء في الجسم، وتنشأ عن ذلك آثار سلبية على صحة الإنسان.
أثر القات على هرمون التسترون
لاحظ العلماء أثناء أبحاثهم أن الكاثينون الموجود في القات يعمل على انخفاض هرمون التسترون عن معدله الطبعي، وهذا مما يفسر شعور بعض متعاطي القات بنقص القدرة الجنسية.
أثر القات على الغدة الدرقية
وجد أن مادة الكاثينون تؤدي إلى رفع مستوى هرمون الغدة الدرقية «الثيروكسين» وهذه الزيادة تفسر الأعراض التي تظهر على متعاطي القات مثل زيادة الحرارة وفقدان شهية الطعام.
أثر القات على الغدة النخامية
أثبتت الأبحاث أن القات يحرض الفص الأمامي للغدة النخامية على إفراز بعض الهرمونات مثل ACTH أي الهرمون المحرض للغدة فوق الكلوية لتفرز مواد كيماوية مشابهة في تركيبها لمركبات «الهيدروكورتيزون» الدوائية التي ترفع إفرازاتها من عملية التمثيل الغذائي في الجسم وترفع ضغط الدم.
أشارت الدراسات العلمية أيضاً إلى أن القات يقوم بخفض هرمون البرولاكتين الذي يوجد في الفص الخلفي للغدة النخامية وبذلك يقل إدرار اللبن عند الأم ويؤدي إلى عزوفها عن رضاعة طفلها.
الجهاز التناسلي
أجريت بحوث استبيانية عدة تحمل أهمية علمية كبيرة ومن تلك البحوث ما قام به أحد الباحثين اليمنيين «نعمان الأسودي» من دراسة لنيل شهادة الماجستير من جامعة صنعاء، إذ وضع سؤالاً يتعلق بأثر القات على الجهاز التناسلي وهل يضعف الدافع الجنسي؟ فكانت النتيجة أن 39٪ أجابوا بنعم بينما 26٪ أجابوا بالنفي، أما 34٪ فأجابوا بأنهم لا يدرون.
من هذا البحث نجد أن للقات تأثيراً على الجهاز التناسلي وينعكس ذلك على الدافع الجنسي وهذا أصبح أمراً مألوفاً ويتردد على ألسنة الكثير مما يعكس أنه أمر واقع لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه.
أما الباحث الإيطالي الدكتور (مانزوني) الذي سافر إلى اليمن عام 1877م وقام فعلياً بتعاطي القات ودوّن ملاحظاته حول القات، وكان من أهمها أن أوراق القات كانت مفقده تماماً للشهوة الجنسية.
ومن جانب آخر سجلت كثير من البحوث أن القات يؤدي إلى انخفاض مستوى التسترون في البلازما، وهو يعتبر الهرمون الجنسي الأساسي، وهذا يفسر الفتور الجنسي الذي يشكو منه البعض من متناولي القات.
القات وتشوه الحيوانات المنوية
كما سجلت البحوث أن القات يؤدي إلى نقص في عدد الحيوانات المنوية وحركتها فضلاً عن الزيادة في عدد الحيوانات المنوية غير الطبيعية «مشوهة».
أثر القات على الحامل والجنين
عندما تتعاطى المرأة الحامل القات فإنه من المحتمل أن يكون تأثير المواد الكيميائية مثل الكاثينون على الجنين مشابهاً لمواد الإمفيتامين الدوائية والتي يشار إليها بإصبع الاتهام بالقيام بتشويه الأجنة، كما أكدت هذا بعض التقارير العلمية، ومن الأمور التي تضر الأم الحامل وجنينها المبيدات التي يرش بها القات، والنساء الحوامل اللاتي يمضغن القات الملوث بالمبيدات وإن كانت بنسبة بسيطة يكن عرضة لأن تحدث بعض العاهات الخلقية عند المواليد، فقد وجد أن إصابة الأجنة بآفات خلقية كالحنك والشارب المفلوق مرتبطة بشيوع استعمال المبيدات.
القات وتسمم الحمل
يشير التقرير الطبي الذي نشرته مجلة «اللانست» 5 مارس 1988م إلى أن لقات قد يضاعف من الأضرار الناتجة عن تسمم الحمل حينما تمضغه النساء الحوامل الأكثر عرضة للإصابة بالتسمم الحملي.
الجهاز العصبي
أثر القات على الجهاز العصبي هو الشيء الأساسي الذي يجذب الناس نحو القات، فالنشوة والأريحية ونشاط الذهن والفكر والرغبة في الحديث والاسترسال فيه تعطي أثراً محبباً لمتعاطي القات، فيجعله أسيراً له، بل تجعله أيضاً يصل في تعلقه بهذا العشب العجيب إلى حد الولع أو ما يشبه الجنون «وهذا بالفعل ما يتداول بين الناس في وصفهم لمن يبالغ في تعاطي القات بأنه مولعي» وقد دلت الدراسات على أن مادة الكاثينون هي المادة الرئيسية المؤثرة على الجهاز العصبي.
وإذا أردنا أن نتحدث عن أثر القات على الجهاز العصبي فإن ذلك يمكن أن يتحدد في مرحلتين.
أثناء مضع القات
في هذه المرحلة يشعر متعاطي القات بالتالي:
- تنشيط عقلي.
- تنشيط جسمي.
- الإحساس بالراحة.
- زيادة الحديث.
- زيادة القدرة على التركيز.
بالإضافة إلى حدوث اضطرابات في البول «وهذا ما يفسر كثرة التبول عند المخزنين».
ما بعد مضغ القات:
في هذه الفترة متعاطي القات يشعر بالأمور الآتية:
- القلق.
- عدم التركيز.
- الميل للانزواء
- قلة الحديث.
- الأرق.
- الصعوبة في التبول.
- ضعف الأداء الجنسي.
- قلة الشهية.
- الخمول.
القات وآثاره النفسية
للقات آثار نفسية تبدو جلية عند متعاطيه وقد درس هذا الجانب كثير من الباحثين ووجدوا حدوث تغيرات نفسية ملحوظة بعضها غاية في الطرافة مثل أن بعض متعاطي القات يشعرون بداء العظمة «Paranoia»، وبعضهم يشعر بأنه ملك الدنيا، وبعضهم تتوارد في عقله أفكار بأنه سيصبح غنياً ولكن هذه الأفكار تختفي عندما ينتهي الشخص من تعاطي القات.
ومن الآثار النفسية الشعور بالراحة، فقد ذكر أحد الباحثين الأجانب ويدعى كنيدي أن أحد أساتذة الجامعة تعاطي القات لأول مرة وقد لوحظ عليه زيادة في الحديث والانبساط بعد تناوله القات، فضلاً عن أمور نفسية غاية في الإزعاج تظهر في متعاطي القات، حيث تجده بعد فترة من تعاطي القات قد غابت عنه حالات المرح والارتياح وتجده قد كف عن الحديث ويداخله قلق ما، وهذه سمة خاصة عند المخزنين تشوبها الكآبة والشرود والقلق أحياناً.
ومن أهم الآثار النفسية للقات:
- القلق والأرق:
وهما من الأمراض النفسية التي سببها الرئيس مادة الكاثينول الموجودة في القات.
الجنون التفاعلي:
وهو مرض نفسي فيه صورة من صور الجنون، وقد سجلت لهذا المرض ثلاث حالات في قسم الأمراض النفسية في لندن، ووجد أن حالتين من الحالات الثلاث أظهرت توجهات جنائية تضمنت الانتحار والقتل، وكان مجموع الحالات التي سجلت في بريطانيا حتى عام 1990م حوالي اثنتي عشرة حالة، وكانت مفرقة بأن تكون «باروني» أو «هوس» وأقل الحالات كانت «الإحباط» وأما حالات التفاعل الجنوني فعادة ما تظهر عند المخزنين لفترة طويلة «8 ساعات».
- هوس جنوني وانفصام شخصية:
ويكون ذلك بتأثير مادة الكاثينون على الجهاز العصبي، وقدرة تلك المادة على إثارة حالات مرضية مثل الهوس وانفصام الشخصية، وقد سجلت حالة هوس جنوني لرجل في أمريكا عمره 23 بعد تناوله كمية من القات.
القات والإدمان
وجد الباحثون أن هناك مظاهر عند متعاطي القات انطباعا للدارس بأن للقات تأثيراً يشبه الإدمان ولكنه لا يشبه الإدمان، على المخدرات الكبرى كالأفيون والمورفين والهيرويين، والذي يمكن أن يقال عن القات إن له مظهراً من مظاهر الإدمان غير المتعمد وهو ما يسميه العلماء «الإدمان النفسي»، وهي صورة من صور التعود التي تسيطر نفسيا ولا تسيطر جسدياً، فإذا انقطع عن القات فجأة فإنه يصاب نفسياً بمثل الضيق والتبرم والقلق لكن ذلك لا يؤدي إلى الوفاة كما هو الحال في الإدمان الخطير وهو الإدمان الجسدي عند متعاطي الأفيون والمورفين والهيرويين وغيره، حيث تسيطر على المدمن نفسياً وجسدياً وتؤدي إلى هلاكه وتحدث له في حالة انقطاعه عن تناوله أعراض الانسحاب التي تظهر في الغثيان وآلام البطن وهزات عصبية عنيفة وارتجاجات قد تؤدي إلى موته.
لذا فإن المتعاطي لمثل هذه المواد المخدرة يجب أن يعالج في مستشفيات خاصة علاجاً طويل المدى وهذا لا ينطبق على القات.
إذاً فالقات تكون لدى متعاطيه عادة مؤثرة تسبب الإدمان النفسي الذي لا شك في أنه تأثير سيئ ولكنه غير قاتل.
القات والإصابة بالسرطان
كما هو معلوم فإن تناول القات مرتبط بصورة شائعة بالتدخين الذي له علاقة بسرطانات عديدة كالفم والحنجرة والجهاز البولي، ويرتبط أيضا عند بعض الناس مع الأسف بالخمر، الذي أثبت العلم تورطه بسرطانات اللسان والبلعوم ولقاعدة الفم.
لكن الأمر الآخر والذي لا يستطيع أن ينكر هو الأثر السيئ للمبيدات التي لا تكاد نبتة القات تخلو منها، والتي أثبتت الكثير من الدراسات العلمية أنها مسؤولة عن كثير من السرطانات مثل مادة «د. د. ت» المسؤولة عن سرطان البنكرياس في الأفراد الذين كانوا يعملون في المصانع التي تنتجها.
وقد أثبتت الدراسات أن المناطق المحيطة بمصانع المبيدات في بريطانيا يعاني بعض سكانها من سرطانات الرئة والمعدة والبنكرياس وكذلك سرطان المثانة والبروستات.
بعد هذا وغيره مما نعرف ولا نعرف عن هذه الشجرة المدمرة وما يرتبط بها من عادات بالغة الخطورة، هل سننضم إلى صف من ينشدون حياة أروع وأجمل وأنقى دون قات؟
هذا ما نأمله ونرجوه ونعول على ذوي الوعي والرأي الصائب على العمل من أجل تحقيقه.
لاتوجد تعليقات