
250217 – كُلُّ قَطْرَةٍ… بِقَدَر!
- كم قُطْرُ قَطرَةِ المطر؟ وما وزنها؟ وما سرعتها في النزول؟ وكيف تتشكل؟ وفي أي مكان ستنزل؟ وما تأثير نزولها؟ وما الحكمة في كل ذلك؟
- يتراوح قُطر قطرة المطر من 0.5 إلى 6 مم قد تزيد وقد تنقص.. ووزنها في المتوسط 4 جرام، وسرعتها في النزول تتراوح بين 30 إلى 36 كم/ساعة، والقطرات الكبيرة قد تصل سرعتها إلى 65 كم/ساعة، والقطرة تمر بمراحل في تكونها من التبخر والصعود إلى السماء ثم التكثف، وتَجمُّعِها على هيئة جزيئات ثم النزول عندما تصبح ثقيلة، ونزولها في المناطق الاستوائية أكثر من الصحراوية، كما أن الأعاصير والعواصف قد تجلب الأمطار الغزيرة إلى مناطق معينة. وقدحاول الإنسان التدخل في صناعة المطر فيما يسمى بـ(التلقيح السحابي cloud seeding)، لكنْ هناك جدل حول فعاليتها وكفاءتها على المدى الطويل، وفي حقيقته هو تحفيز لنزول المطر في أماكن محددة من خلال مواد ترشّ على السحب.
- ومن رحمة الله بالإنسان أنه ينزل المطر بقدر معلوم، فالله مالك كل شيء، يعطي ويمنع بحسب حكمته، فيحدد الكيفية والإرادة، فلا يزيد على ما قدّره ولا ينقص منه، قال -تعالى- : {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} ( الحجر:21)
- والله -سبحانه- مثلما أنزل المطر فهو قادر على ألا تمسكه الأرض، قال -تعالى-: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} (المؤمنون:18)، فالماء بقدر يفيد ولا يضر. وفي الوقت ذاته الله قادر على إذهابه وإهلاك الناس بذلك، قال -تعالى-: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ} (الملك:30).
- ومن أثر قطرة المطر، ما تحفظه الأرض ويستفيد منه الناس، فقد شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - قبول الناس للعلم والهداية كمثل أنواع الأرض التي تتعامل مع الماء، فمنها قيعان لا تمسك الماء، ومنها أجادب تمسك الماء، ومنها أراض نقية تقبل الماء وتخرج الزرع: كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به مِنَ الهُدَى والعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أصابَ أرْضًا، فَكانَ مِنْها نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ الماءَ، فأنْبَتَتِ الكَلَأَ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وكانَتْ مِنْها أجادِبُ، أمْسَكَتِ الماءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بها النَّاسَ، فَشَرِبُوا وسَقَوْا وزَرَعُوا، وأَصابَتْ مِنْها طائِفَةً أُخْرَى، إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذلكَ مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ، ونَفَعَهُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومَثَلُ مَن لَمْ يَرْفَعْ بذلكَ رَأْسًا، ولَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الذي أُرْسِلْتُ بهِ».
- ومن آثار المطر حياة الناس، قال -تعالى-: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} (الزخرف:11).
- والحكمة من نزول المطر بقدر لا يزيد ولا ينقص، أن الله لو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق، لحملهم ذلك على البغي والطغيان - بعضهم على بعض-، أشرا وبطرا، كما قال -تعالى-: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} (الشورى:27)، ولكن الله -سبحانه- ينزل بقدر، فيرزقهم ما فيه صلاحهم، وهو أعلم بهم؛ فيغني من يستحق الغنى، ويفقر من يستحق الفقر.
- وقطرة المطر ماهي إلا نموذج فريد على صنع الله، وأما قدرة الله-تعالى- فهي جلية في كل شيء، فهو -سبحانه- حكيم في كل أمره، قال -تعالى-: {وعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}(الانعام:59).
17/2/2025م
لاتوجد تعليقات