رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ذياب أبو سارة 4 ديسمبر، 2024 0 تعليق

مفهوم الجودة في المنظمات غير الربحية (٢-٢)

  • من خلال تطبيق معايير الجودة يمكن للمنظمات غير الربحية تحقيق تأثير اجتماعي أكبر وزيادة كفاءتها في استخدام الموارد وضمان استدامتها على المدى الطويل
  • الجودة ليست مجرد هدف تسعى إليه المنظمات غير الربحية بل هي عملية مستمرة تتطلب التزاما واستحضاراً لمبادئ التنمية والتطوير
 

تحدثنا في الحلقة الماضية عن مفهوم الجودة وارتباطه بتحقيق معايير معينة، تستهدف تلبية توقعات المستفيدين وتحقيق الرضا الكامل، وذكرنا أن الجودة هي قدرة المنظمة على تقديم خدمات ذات قيمة مضافة، تفي باحتياجات المستفيدين بكفاءة وفعالية، مع الحفاظ على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، وذكرنا صوراً للجودة في القطاع غير الربحي، ومنها: الجودة الفنية، واليوم نكمل الحديث عن تلك الأنواع.

(2) الجودة الإدارية والمالية

         تشير الجودة المالية إلى مدى فعالية إدارة الموارد المالية والمحاسبية في المنظمة وكفاءتها. ويشمل ذلك التحكم في التكاليف والإيرادات والتخطيط المالي وإدارة المخاطر المالية وغيرها من الجوانب المالية، بينما تشير الجودة الإدارية إلى مدى فعالية إدارة المنظمة وكفاءتها وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها. ويشمل ذلك إدارة الموارد البشرية وإدارة العمليات والتخطيط الاستراتيجي والتحليل المؤسسي وغيرها من الجوانب الإدارية. لذا تعد الجودة الإدارية في البرامج التنموية أمرا حيويا لتحقيق النجاح والتميز في تنفيذ هذه البرامج. فالبرامج التنموية تتطلب تخطيطا دقيقا، وتنفيذا متقنا، وإدارة فعالة؛ لضمان تحقيق الأهداف المرجوة، وتحسين حياة الناس، وتشمل الجودة الإدارية في البرامج التنموية جوانب عدة، منها:
  • التخطيط الدقيق: يجب على البرامج التنموية إجراء تخطيط دقيق يشمل جميع مراحل البرنامج، وذلك لتحقيق الجودة الإدارية والحد من المخاطر المحتملة وضمان النجاح.
  • التنفيذ المتقن: يجب على البرامج التنموية إجراء تنفيذ متقن وفعال للبرنامج، وذلك بالتعاون مع الأطراف ذات الصلة وتنفيذ الإجراءات والتدابير المطلوبة.
  • المتابعة الدائمة: يجب على البرامج التنموية المتابعة الدائمة للبرنامج وضمان تحقيق الأهداف المرجوة بجودة عالية وفي الوقت المحدد.
  • التقييم المستمر: يجب على البرامج التنموية التقييم المستمر للأداء والجودة الإدارية، وتحديد نقاط القوة والضعف واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأداء.
ويمكن للبرامج التنموية تحقيق الجودة الإدارية من خلال تطبيق بعض الإجراءات والتقنيات المتاحة، ومنها:
  • إدارة المخاطر: يجب على القطاع غير الربحي إدارة المخاطر بطريقة فعالة، ومن خلال تحديد المخاطر وتقييمها واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الجودة الإدارية والحد من المخاطر.
  • تقنيات التخطيط الإداري: يمكن للبرامج التنموية تحقيق الجودة الإدارية من خلال استخدام تقنيات التخطيط الإداري التي تشمل تحديد الأهداف والإجراءات والموارد المطلوبة وتحديد المهام والمسؤوليات.
ومن ثم، فإن تحقيق الجودة الإدارية والمالية في البرامج التنموية يتطلب تفعيل الإجراءات والتقنيات المذكورة، وتطبيقها بطريقة فعالة ومنهجية لتحقيق الأهداف المرجوة وتحسين حياة الناس.

٣-الجودة الفكرية (الابتكار)

        تشير الجودة الفكرية إلى قدرة المنظمة على توليد الأفكار الجديدة والابتكارات وتحويلها إلى منتجات أو خدمات تلبي احتياجات العملاء. وتشمل ذلك البحث والتطوير والابتكار والتصميم والتسويق وغيرها من الجوانب الفكرية. إن الجودة الفكرية في البرامج التنموية أمر حيوي لتحقيق النجاح والتميز في تنفيذ هذه البرامج؛ حيث تساعد على إنتاج المعرفة والتكنولوجيا والإبداع والابتكار وتوفير الحلول الفعالة للمشكلات المجتمعية، وتشمل الجودة الفكرية في البرامج التنموية جوانب عدة، منها:
  • الإبداع والابتكار: يجب على البرامج التنموية تحقيق الإبداع والابتكار وتوفير الحلول الفعالة للمشكلات المجتمعية، وذلك من خلال توفير بيئة مشجعة للإبداع والابتكار واستخدام أساليب وأدوات ابتكارية.
  • التنمية المستدامة: يجب على البرامج التنموية تحقيق التنمية المستدامة وذلك من خلال توفير الحلول الفعالة للمشكلات المجتمعية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وبذلك تعدّ الجودة الفكرية أمرا حيويا لتحقيق النجاح والتميز في تنفيذ البرامج التنموية؛ حيث تساعد على تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق الجودة العلمية والأخلاقية والقانونية، وتحقيق الإبداع والابتكار، وتوفير الحلول الفعالة للمشكلات المجتمعية؛ لذا، يجب على الجميع العمل معا لتحقيق هذه الأهداف، والتأكد من تحقيق الجودة الفكرية في جوانب البرامج التنموية.

صور أخرى للجودة

  • الجودة العلمية: يجب على البرامج التنموية تحقيق الجودة العلمية، وذلك من خلال توفير الأبحاث والدراسات العلمية الموثوقة والمتخصصة التي تعتمد على المنهجيات العلمية الحديثة.
  • الجودة الأخلاقية: يجب على البرامج التنموية تحقيق الجودة الأخلاقية، وذلك من خلال احترام القيم والمبادئ الأخلاقية، وضمان عدم التأثير السلبي على المجتمع والبيئة.
  • الجودة القانونية: يجب على البرامج التنموية تحقيق الجودة القانونية، وذلك من خلال احترام القوانين واللوائح والتشريعات الحكومية المتعلقة بالتنمية، والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية.
ويجب على المنظمات الاهتمام بأنواع الجودة المذكورة، وغيرها من الأنواع؛ حيث تعد أساسا لتحقيق النجاح والتميز في الأداء. وباستخدام أدوات الجودة المختلفة وتقنياتها، يمكن للمنظمات تحسين جودة منتجاتها وخدماتها وزيادة رضا العملاء وتحقيق المزيد من الإيرادات والنجاح في السوق، لذا، يجب على المنظمات الاهتمام بتحسين الجودة وتطوير استراتيجيات مستدامة لضمان النجاح والتميز في الأداء.

الخلاصة

        إن الجودة ليست مجرد هدف تسعى إليه المنظمات غير الربحية، بل هي عملية مستمرة تتطلب التزاما من أفراد المنظمة، من خلال تطبيق معايير الجودة، ويمكن للمنظمات غير الربحية تحقيق تأثير اجتماعي أكبر، وزيادة كفاءتها في استخدام الموارد، وضمان استدامتها على المدى الطويل؛ فالجودة عنصر أساسي لنجاح المنظمات غير الربحية. فعندما توفر المنظمة خدمات عالية الجودة، فإنها تعزز ثقة العملاء وتحقق لهم الرضا، ومن ثم، يمكن تحقيق زيادة في الإيرادات وتعزيز الموارد المالية للمنظمة؛ فضلا عن ذلك، فإن تحسين جودة الخدمات يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة العمليات الداخلية للمنظمة. وهذا يساعد على تحسين أداء المنظمة وتحقيق أهدافها بطريقة أكثر فعالية، كما أن تحسين جودة الخدمات يمكن أن يؤدي إلى تحسين الصورة العامة للمنظمة في المجتمع المحلي والمجتمع الدولي. فعندما تقدم المنظمة خدمات عالية الجودة، فإنها تؤكد مسؤوليتها الاجتماعية، وتساهم في تحسين جودة الحياة للمجتمع المحلي، ومن ثم فإنه يتم تحفيز الأفراد والمنظمات للمساهمة في أعمال المنظمة ومشاريعها بطرائق مختلفة، سواء كان ذلك عن طريق التبرعات أم العمل التطوعي؛ ولذلك ينبغي للمنظمات غير الربحية الاهتمام بجودة الخدمات التي تقدمها وتحسينها باستمرار لتحقيق أهدافها بطريقة أكثر فعالية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك