رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان 2 أكتوبر، 2023 0 تعليق

قواعد ومنطلقات في مواجهة الشبهات حول السنة النبوية

  • لابد من التأكد من ثبوت الحديث عن النبي  صلى الله عليه وسلم فكثير من الأحاديث التي يستدلُّ بها بعض المشككين تكون أحاديثَ واهية ولا تثبُت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم
  • لابدَّ على طلبة العلم من التسلُّح بالعلم ومنهج الحِوار الصحيح والتعامل مع الشُّبهات حول السنة وأصحابها بمنهجٍ علميٍّ موضوعيٍّ
  • متى ما أدرك الناس قيمة السُّنَّة النبوية الصحيحة ومكانتها أدركوا ما يستهدفه المشكِّكون فيها من هدم الدين وأُصوله
  • على طلبة العلم التسلُّح بالعلم ومنهج الحِوار الصحيح، ثم على المتخصِّصين بثُّ هذه القواعد بين الناس، والتعامل مع هذه الشُّبهات وأصحابها بمنهجٍ علميٍّ موضوعيٍّ
 

في زمنٍ يتجدَّد فيه المشكِّكون في السُّنَّة النبوية، لا بدَّ على طلبة العلم معرفة قواعدَ علمية لمواجهة شبهاتهم، فمَن ينطلق من قواعدَ ثابتةٍ يمكنه التعاملُ مع الشبهات كلِّها، في حين أن مَن يقف مع كلِّ شبهةٍ دون معرفة القواعد العامَّة سوف يقف عند حدٍّ معيَّن يعجز فيه عن مواجهتها، أمَّا إذا كانت لديه هذه القواعد، فيصبح من السهل عليه الحوار مع أيِّ مُشكِّكٍ؛ سواء من المُعاندين أم من المُغَرَّر بهم.

  وفي زماننا يزعم بعضهم أن القرآنَ الكريم والسُّنة النبوية يعارِضان العقلَ، أو العلم التجريبيَّ، وفي هذا المقام نقدم بعض القواعد التي وضَعَها العلماء قديمًا وحديثًا في مواجهة مثل هذه الشُّبُهات، ويمكنني تلخيص هذه القواعد كالآتي: (1) التأكد من ثبوت الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم  التأكد من ثبوت الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فكثير من الأحاديث التي يستدلُّ بها بعضهم تكون أحاديثَ واهية، ولا تثبُت عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم . (2) التفريق بين ما يخالف العقل وبين ما لا يُدركه العقل التفريق بين ما يخالف العقل، وبين ما لا يُدركه العقل، فعالَم الغيب ممَّا لا يُدركه العقل، وكثير من الغيبيَّات لا يُدركها العقل، حتى في العبادات التي نقوم بها، هيئاتُها وعددُها غير معقول المعنى عند البشر، ولكننا مأمورون بها، كما هي العبادات في الأديان الأخرى، وقد وقف ابن تيمية في كتابه (درء تعارض العقل مع النقل) مع أغلب الشبهات إلى زمنه؛ حتى قال: «لا يمكن للعقل الصريح أن يُخالف المنقول الصحيح.» (3) التأكُّد من دلالة الآية وسياقها في القرآن الكريم التأكُّد من دلالة الآية وسياقها في القرآن الكريم، والرجوع إلى كلام المفسرين حولها وما يختصُّ بهذه الآية، كما في حدِّ الرِّدَّة ورده بآية: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (البقرة: 256)، فمُعظم المشكِّكين يأتون بهذه الشبهة، ولكنهم لا يرجعون إلى كلام العلماء السابقين على مرِّ 14 قرنًا. (4) التمييز بين اختلاف الأفهام وبين مخالفة العقل التمييز بين اختلاف الأفهام وبين مخالفة العقل؛ فبعض الناس يخلط بين ما يُخالف العقل، وبين ما يُخالف مُسَلَّماتِه في بيئته، فكلُّ إنسان يعيش في بيئة معيَّنة تكون المُسلَّمات فيها تختلف عن المُسلَّمات في بيئةٍ أخرى، فكثير من الأمور التي تُذكر في بعض الأحاديث تكون الإشكالية فيها عند بعضهم هي مسألةَ مخالفة الحديث لفهمه ومُسلَّماته هو، وليس مُخالفة الحديث للعقل الصريح، فما يُخالف عقل إنسانٍ في بيئةٍ ما، قد لا يُخالف بيئةً أخرى (5) معرفة دلالة الحديث وتفسيره معرفة دلالة الحديث وتفسيره؛ فعلماء الحديث وشُرَّاحه وقفوا على الأحاديث النبوية كلِّها، كما في كتب شروح الحديث (شرح النووي لمسلم، فتح الباري شرح صحيح البخاري، وغيرهما). (6) التفريق بين الحقيقة العلمية والفرضية والأطروحة التفريق بين ما يسمَّى بالحقيقة العلمية، والقانون العلمي، والنظرية العلمية، والفرضية والأطروحة، وهي مرتَّبة تنازليًّا من حيث القوة على ما ذكرنا، فعلى سبيل المثال: عند تعارض حديث متواتر مع العلوم التجريبية، ولم نستطع التوفيق أو الجمع أو التفسير، نقدِّم المتواترَ؛ لقوته وقطعه بالعلم، (وهو غير موجود، إنما نضرب به المثال جدلًا). (7) عند التعارض بين العلم التجريبي مع الحديث عند تعارض العلم التجريبي مع حَديثٍ مَا، ننظر كالآتي:
  • أولًا: يجب التأكُّد من وجود التعارض فعلًا.
  • ثانيًا: ننظر إلى كلام العلماء في التوفيق بينهما (كما في كتب مُشْكل الحديث، واختلاف الحديث؛ كاختلاف الحديث للشافعي، ومختلف الحديث لابن قتيبة، ومشكل الآثار للطحاوي).
  • ثالثًا: إنْ وُجد التعارض، ننظر لترجيح الأقوى على الأضعف في كلٍّ منهما، فنرتِّبها تنازليًّا:
  • العلم التجريبي: (الحقيقة والقانون والنظرية والفرضية والأُطروحة).
  • الحديث النبوي: (المتواتر والصحيح لذاته والصحيح لغيره والحسن لذاته والحسن لغيره والضعيف).
وقد قال ابن خزيمة -رحمه الله وهو من أكابر المُحدِّثين-: «لا أعرف حديثين متضادَّين، فمن كان عنده فليأتني به لأؤلِّف بينهما».

التسلُّح بالعلم ومنهج الحِوار الصحيح

       وأخيرًا لابدَّ على طلبة العلم التسلُّح بالعلم ومنهج الحِوار الصحيح، ثم على المتخصِّصين بثُّ هذه القواعد بين الناس، والتعامل مع هذه الشُّبهات وأصحابها بمنهجٍ علميٍّ موضوعيٍّ، فمتى ما أدرك الناس قيمة السُّنَّة النبوية الصحيحة ومكانتها، أدركوا ما يستهدف هؤلاء المشكِّكون من هدم الدين وأُصوله.  

التَّصديق بالسُّنة

التَّصديق بالسُّنة إنما هو ركنٌ أصيل من أركان الدِّين، فليست المسألة مسألة أحكام وتشريعات، أو أوامر ونواهٍ، وإنما القضية أخطر من ذلك بكثير؛ إذْ هي قضية عقيدة في المقام الأول؛ لأن تصديق السُّنة إنما هو تَبَعٌ لتصديقِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتصديقُ النبي - صلى الله عليه وسلم - من ضرورات ومقتضيات الإيمان؛ إذْ كيف يؤمن بالقرآن العزيز وبالرسالة الخاتمة مَنْ شكَّ فيما يقوله النبيُّ الأمين - صلى الله عليه وسلم ؟!

   

السلف الصالح والتمسك بالسنة

كان سلفنا الصالح يستمسكون بالسُّنة ويهتدون بها، ويحثون على العمل بها، ويُحذِّرون من مخالفتها، ويعتبرونها مكمِّلة للقرآن العظيم وشارحةً له، وإن تعذَّر العثور على الدليل في القرآن الكريم، أخذوه من السُّنة ولا يتجاوزونها إلى غيرها إنْ كان الدليل فيها، بل كان الواحد من الأئمة الكرام يرجع عن اجتهاده - دون أدنى تردُّد - إنْ تبيَّن له حديثٌ ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعارض ما ذهب إليه من اجتهاد، وعبارتهم المشهورة في ذلك: «إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي، واضربوا بقولي عُرض الحائط».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك