رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 29 أبريل، 2014 0 تعليق

قناديل على الدرب – ماهية المصلح

     أساس الإصلاح والتغيير هو الفقه بمقوماته الأساسية، وصدق القصد والنية في إيصال المجتمع إلى نتائجه وثماره، ويتوقف هذا كله على إنسان خالص النية لله -تعالى- مؤهَل لحمل هذا العبء الثقيل ويُسمى هذا بالمصلح أو المغير، وإذا لم يتوفر هذا الشخص المناسب خرج مسار الإصلاح عن طريقه الصحيح، فيترتب على ذلك نتائج عكسية مسيئة إلى باقي المصلحين.

لذلك يجب أن نبين ماهية هذا المصلح، ومن يكون، وما الشروط الواجب توافرها فيه لكي نطلق عليه هذا اللقب؟ وهل كل من هبّ ودبّ وادعى الإصلاح يجوز أن نسميه بهذا الاسم؟! كل تلك التساؤلات المشروعة نحاول جاهدين أن نجيب عنها في مقالنا هذا بإذن الله تعالى.

المصلح هو شخص وفقه الله لهذه الرسالة الجلية في هداية الناس، وإصلاح ما فسد من أمور حياتهم، وكل هذا بنية خالصة وقصد سليم لله -عز وجل- لا يطلب به شرفًا ولا جاهًا ولا سلطانًا، ولا حتى تقربًا لذي سطانٍ.

وهناك شرطان أساسيان يجب توافرهما في هذا الشخص، وهما:

- أولاُ: الشرط الذاتي، فهو أن يكون ذا مكانة ومنزلة شريفة وعالية في المجتمع، وقد دل على ذلك قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (القصص: 59)؛ حيث أخبر الله تعالى أن سنته اقتضت أن يبعث الرسل المصلحين المغيرين دائما من الحواضر، وهذا مقصود لذاته؛ فإن أهل البدو والأرياف يقبلون من أهل الحواضر، وأهل الحواضر لا يقبلون من أهل البدو. لكن هل كان هؤلاء المصلحون من الأنبياء والرسل من الأشراف؟ هذا ما أجابت عنه السنة النبوية على لسان هرقل لما سأل عن النبي [ كما جاء في الصحيح من حديث عبد الله بن عباس وفيه «... ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم ؟ قلت: هو فينا ذو نسب... ـ إلى أن قال أي الراوي ـ فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها». ولا خلاف على أن أصحاب المسؤوليات العليا وقيادة المجتمعات هم شرفاء المجتمعات وعقلاؤها.

- ثانيًا الشرط العلمي: فيجب على المصلحين أن يكونوا أصحاب علم وفير، علمٍ يتيح له التحدث والتشاور مع الناس، علمٍ يعطي له القدرة على التفاف الناس من حوله وإقناعهم بما يراه مناسبًا، لذلك قال القائل: «لا تحدث بالعلم غير أهله فتجهل، ولا تمنع العلم أهله فتأثم، ولا تحدث بالحكمة عند السفهاء فيكذبوك، ولا تحدث بالباطل عند الحكماء فيمقتوك».

خلاصة القول: إنه ليس بمقدور أي فرد أن يدّعي لنفسه الإصلاح، وأنه من دعاة التغيير للأفضل، فليس كل من علا منبرًا أو ارتقى منصةً أو خطب في جمع من الناس أصبح من المصلحين؛ فالأمر ليس بالهين، و يحتاج إلى نسب عالٍ، وشرف غالٍ، وعلم غزير، وبه يصبح المصلحون مصلحين حقًا.

والله الموفق والمستعان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك