
شباب تحت العشرين – 1255
لماذا رمضان فرصة؟
رمضان فرصة حقيقية، لو تفكَّر كل واحد منَّا في طبيعة حياته ومسيرة أوقاته فسيدرك أنَّنا نعيش كل ثانية وكل دقيقة بفرصٍ وأنفاسٍ لن تعود، وأنَّ هذه الأيام التي نقطعها ونفرح بها لبلوغ غاية أو لنيل مقصدٍ محبَّبٍ للنفس، ستؤول في النهاية إلى النقصان من العمر، سواء شعرنا أم لم نشعر، وحينها لا مناص ولا فرار من الله إلا إليه.
لاغتنام هذه الأوقات بالنافع المفيد، وترك اللهو واللعب والأوقات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل قد تجلب الحسرة والمرارة التي تعتصر قلب المرء، يوم أن يقول لربه: {رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ}، إنَّ رمضان فرصة لتحقيق العبوديَّة لله والقيام بحقِّه، والتوجه والافتقار إليه، والانطراح بين يديه، والمؤمن السبَّاق لعمل الصالحات، والمدرك تمام الإدراك بأن رمضان فرصة لا تعوض، يستقبله بالمسارعة إلى عمل الخيرات، وتجنُّب المنكرات، متمثِّلا قول الله -تبارك وتعالى-: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 133)، وفي سياق اعتبار رمضان فرصة ويجب اغتنامها، فإن المسابق لعمل الخيرات واقتناص الفرص شيمته التطلُّع والترقب لكل فرص الخير وغنائم البر ومعارج القبول ليتقرب بها إلى ربِّ العالمين؛ ابتغاءَ مرضاة الله -تعالى-، وخوفا من أليم عقابه.الفرح بشهر رمضان
- الوجه الأول: مَن يفرَح برمضان؛ لأنه يَنْشَطُ في رمضان على العبادة، ويُكثِرُ من العبادة، وهذا لا شكَّ هو الأصل، وهو المقصود، وهو الطيِّب.
- الوجه الثاني: من يفرح برمضان؛ لكثرة خيراته، وكثرة نِعَم الله -عزوجل-، وعفوه عن عباده، ولِما فيه من الأسباب الكثيرة التي يَغفِر الله بها للإنسان كالصيام مثلًا.
- والذي ينبغي للإنسان أن يفرح برمضان للأمرين معًا فيفرَح لأنه ينشَط على العبادة ويُكثِر منها ويتعبَّد الله -عزوجل- بقدر ما يستطيع ويفرح به أيضًا لِما فيه الخيرات والبركات ونِعَم الله -عزوجل-، فإن فيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر.
رمضان فرصة للتغيير فاغتنمها
يعد شهر رمضان فرصة حقيقية لزيادة معدلات التغيير والتصحيح في حياة كل فرد ولا سيما الشباب، بل في حياة الأمة جمعاء؛ حيث يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين»، فلهذا الشهر الكريم من الخصائص التي ميزه الله بها دون غيره من الشهور ما يساعد على أن يكون فرصة تنتظر من يغتنمها.التوبة والموعد الموهوم
كثير من الشباب يقتنع من خطأ طريقه، ويتمنى التغيير، ولكنه ينتظر المناسبة ألا وهي أن يموت قريب له، أو يصاب هو بحادث فيتعظ، ويهزه الموقف فيدعوه للتوبة، ولكن ماذا لو كان هو الميت فاتعظ به غيره؟ وكان هذا الحادث الذي ينتظره فعلاً لكن صارت فيه نهايته؟ ليس -أخي الشاب- للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة فالأمر لا يحتمل المخاطرة، فهلا قررنا التوبة اللحظة وسلوك طريق الاستقامة الآن؟ إن القرار قد يكون صعباً على النفس وثقيلاً، ويتطلب تبعات وتضحيات لكن العقبى حميدة والثمرة يانعة بمشيئة الله.مقترحات عمليَّة لا غتنام الفرص في رمضان
لأن رمضان فرصة تنتظر من يفوز بها، وبما أنَّ الفرص كثيرة والمغانم في هذا الشهر غزيرة، فحريٌّ بالشاب المؤمن أن يسعى لاكتسابها ويحاول تطبيقها؛ ليخرج من العيش في ظلاله بنتيجة ترضيه حين يراها في صحائف أعماله، {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النور: 24)، وإنَّ من هذه الفرص الجليلة:- فرصة العطاء: شهر رمضان يعطينا فرصا كثيرة للعطاء وتقديم الخير للناس، وإكرامهم، وإسبال الجود عليهم، من قبيل: تفطير الصوَّام، والتصدق بالمال، وتعليم الناس العلم، والسعي في خدمة المحتاجين والمكروبين، وبذل الإيجابيَّة الفعَّالة في أوساط الناس.
- فرصة العمل: شهر رمضان فرصة يعطيك دفعة حركيَّة، وطاقة مستمرة في العمل، فأنت في هذا الشهر تصلي لله -تعالى- القيام وصلاة التراويح، وأنت في هذا الشهر تتصدق، وهو فرصة للإنجاز، فمن صام شهر رمضان كاملا فقد أنجز إقامة هذا المشروع الكبير على أتم ما يرام، وهو بهذا يعطيك دفعة إيمانية لإنجاز أعمالك والتمرن عليها، وترك التسويف والتسويغ غير اللائق، الذي لن يجني المرء منه سوى الهم والغم.
- فرصة التنظيم: رمضان فرضة للتنظيم وإعادة الهيكلة، فمن يتأمَّل هذا الشهر الكريم يجد دقَّة التنظيم، فلا يدخل وقت في وقت، فللصيام وقت، وللإفطار وقت، وهو بهذا يكسبك دفعة إلى الأمام لكي تُحسِن استغلال وقتك بالنافع المفيد، وتحاول تنظيم وقتك وساعاتك لكي تقوم بالعمل وتنجزه على قدم وساق.
- فرصة الدعوة: رمضان فرصة للدعوة، فالناس يكونون في هذا الشهر راغبين في كل خير، كما أنَّه في هذا الشهر تصفَّد الشياطين، وتكون فيه القلوب إلى الخير أقرب، فهي فرصتك لكي تدعو أقاربك وأرحامك وجيرانك، فهذا الشهر فرصة دعويَّة يستغل الداعية فيه جميع إمكاناته لنشر دعوة الإسلام لدعوة من يستطيع دعوته من الأمَّة المسلمة.
- فرصة لتقوية الإرادة: فهو فرصة عظيمة لاستثمار روح الإرادة التي جعلت الإنسان يصوم نهار رمضان كاملا، ومن كان كذلك فهو يستطيع أن يسيطر على شهواته ونزواته وأهوائه ورغباته التي تحول بينه وبين إرادته وعزيمته.
كُن سابع السبعة
أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه في يوم القيامة: «يوم تدنو الشمس من الخلائق فتكون قدر ميل، ويبلغ منهم الجهد والعرق كل مبلغ»، أنه في هذا اليوم هناك من ينعم بظل الله وتكريمه، ومنهم «شاب نشأ في طا
مدرسة شهر الصِّيام
قال الشيخ عبد الرزاق عبدالمحسن البدر: الصِّيام مدرسةٌ تربويَّةٌ عظيمةٌ مباركَةٌ، يتخرَّج فيها المؤمنون المتَّقون، ويتزوَّد فيها المؤمنون بأعظم زادٍ يمضي معَهم في حياتهم كلِّها، وفي أيَّامهم جميعِها، على أنَّ هذه المدرسةَ ـ مدرسةَ شهر الصِّيام ـ لا يستفيد منها كثيرٌ من النَّاس؛ إذ تمضي عليهم هذه المدَّة الشَّريفة وهُم يتعايشون معها تعايشَ الطَّالب البليد في مدرسته يتخرَّج ولا يستفيد، بينما المؤمن المجدُّ الحريص يدخل هذه المدرسة المباركة فيأخُذ منها دروسًا تربويَّةً إيمانيَّةً علميَّةً تمضي معَه في حياته كلِّها.أخطاء يقع فيها الشباب في رمضان
من الأخطاء التي يقع فيها الشباب في شهر رمضان اتخاذ هذا الشهر فرصة للنوم والكسل في النهار وما يترتب عليه من إضاعة الصلوات أو تأخيرها عن وقتها، والسّهر في الليل على ما يسخط الله ويغضبه من لهو ولعب ومشاهدة القنوات، فتضيع بذلك على الإنسان أشرف الأوقات فيما لا فائدة فيه بل فيما يعود عليه بالضرر في العاجل والآجل.
لاتوجد تعليقات