
شباب تحت العشرين – 1254
وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ رَبِّهِ
جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: «وشاب نشأ في عبادة الله -عز وجل-»، قوله - صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله» أي: في ظل عرشه، وقيل المراد بظله: كرامته وحمايته، كما يقال: فلان في ظل الملك، وقيل: إضافة تشريف، والأول أولى للنص عليه.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وشابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَة اللّه» فمعنى نَشَأ: نبت وابتدأ حياته في عبادة الله منذ صغره، وخصَّ الله -تعالى- الشاب دون الصغير أو الكبير في السن؛ لأن الشاب مظنة غلبة الشهوة، وقوة الهوى، وحب اللهو واللعب، فملازمة العبادة مع ذلك يدل على قوة الإيمان والتقوى في نفسه، ولا يعني هذا خلوه من الذنب مطلقًا، فإنه لا عصمة إلا للأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، فلا يوجد مسلم بلا ذنوب أبدًا، شابا كان أو غير ذلك؛ لأن بني آدم خطاؤون لا محالة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»، وهذا الشاب الذي نشأ في عبادة الله، وفَّقَهُ الله للأعمال الصالحة، وحبَّبها إليه، وكَرَّه إليه الأعمال السيئة، وأعانه على تركها: إما بسبب تربية صالحة، أو رِفْقة طيبة، أو غير ذلك، وقد حفظه الله ممَّا نشأ عليه كثيرٌ من الشباب من اللهو واللَّعب، وإضاعة الصلوات، والانهماك في الشهوات والملذَّات، وقد أثنى الله على هذا النشء المبارك بقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13).نصائح للشباب
عليك أيها الشاب أن تعمل في أيامك ولياليك على تحصين نفسك بذكر الله -جل وعلا-، وأن تكون مواظبًا على الأذكار الموظفة في الصباح والمساء وأدبار الصلوات والدخول والخروج والركوب ونحو ذلك؛ فإن ذكر الله -عز وجل- عصمةٌ من الشيطان وأمَنَةٌ لصاحبه من الضر والبلاء، وينبغي أن يكون لك وردٌ يومي مع كتاب الله ليطمئن قلبك؛ فإن كتاب الله -عزوجل- طمأنينة للقلوب وسعادةٌ لها في الدنيا والآخرة {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد:28)، وعليك أن تكثر من دعاء الله -عز وجل- أن يثبِّتك على الحق والهدى وأن يعيذك من الشر والردى؛ فإن الدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة.الشباب ولزوم طاعة الله
من أعجب الأمور ذلك الشاب الذي يُلزِم نفسَه بالطاعة والاجتهاد فيها؛ فيستحق أن يكون من السبعة الذين يُظلُّهم الله في ظلِّه؛ فلقد علم أنه مسؤولٌ عن شبابه فيما أبلاه، فعمل بوصية نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها؛ حيث قال: «اغْتَنِم خمسًا قبل خَمْسٍ: شبابَك قبل هَرَمِكَ، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك، وصحتَك قبل سقمك، وغِنَاك قبل فَقْرك».شباب تحتاجهم الأمة
إن الأمة تحتاج إلى شباب عالمين عاملين، في كل شؤون حياتهم: في المنزل، والمكتب، والشارع، والمصنع، الأمة تحتاج شبابا، هذا بالمكتبة ينهل من غزير المعرفة، وهذا في حلقة ذكر، وذا يشغل وقته في شيء مفيد، وذا ينمي موهبته، وذاك يشاهد برنامجًا نافعًا، وهذا يخطط لمستقبله، وذاك يحاول أن يكتشف حلا لمشكلته، وذا يحضر دورة تدريبية، وذا مع والده يتناقش معه ويتحاور، وذا وذاك وهذا، إنَّ الأمة في حاجة إلى الشباب الطموح الواعي المُتديِّن، صاحب الأخلاق السامية، والقيم المتنامية، والثقافة العالية، المنشغل بمعالي الأمور.أخطاء شائعة لا يقع فيها الناجحون
لا شك أن الجميع يريد النجاح في الحياة، إلا أن الكثيرين لا يستطيعون تحقيق ذلك، لوقوعهم في عدد من الأخطاء الشائعة ومن هذه الأخطاء: 1- التسويف: فالأشخاص غير الناجحين يضيعون وقتهم الثمين بالتسويف بدلاً من العمل على تحقيق أهدافهم، مما يبقيهم وراء الآخرين. 2- سوء تحديد الأهداف: يفشل الأشخاص غير الناجحين في الحياة في وضع أهداف واضحة وقابلة للتحقيق، وتؤدي تلك العادة السيئة إلى تشتيت الجهود وضياع الوقت وعدم تحقيق الأحلام في حياة أفضل. 3- غياب عقلية الحل: بعض الشباب بدلاً من امتلاك عقلية إيجابية وإيجاد حلول للمشكلات، تجدهم يركزون أكثر على المشكلات في حياتهم، وهو ما يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء عدم نموهم أفرادا. 4- الخوف من النقد: لا يجازف الأشخاص غير الناجحين في الحياة بسبب خوفهم من الفشل والانتقادات، ونتيجة لذلك، فإن ذلك يعيق أي خطوات تساعد على تحقيق النجاح المنشود. 5- عدم التعلم من الأخطاء: بعض الأشخاص بدلاً من أن يتعلموا من أخطائهم السابقة ويجعلوها تجربة إيجابية، يمتنعون عن ذلك؛ مما يجعلهم يقعون في الأخطاء نفسها مرة أخرى؛ فيعيقهم عن تحقيق النجاح.الشباب العمود الفقري للأمة
هؤلاء قدوتي
إن أهم ما يحتاجه الشباب في الوقت الراهن أن يعرفوا سيرة السلف الصالح، وأن ينهلوا من مناهلهم العذبة، وأن يتعلموا من حياتهم وتجاربهم، عندها سيدركون كيف استغلوا شبابهم بالطاعة والعبادة؟ وكيف اهتموا بأعمارهم حين جعلوها وقفًا لخالقها -سبحانه وتعالى-؟ وكيف اعتنوا بأوقاتهم حين اغتنموها في قراءة القرآن، وتعلم الحديث، وحضور مجالس الذكر ومجالسة الصالحين؟ فها هو ذا علي - رضي الله عنه - يشهد المعارك كلها ما عدا تبوك، وهو أول من أسلم من الصبيان، وهذا معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أعلم الأمة بالحلال والحرام، ويسبق العلماء يوم القيامة، وسفير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، مات وعمره 32 عامًا، وذاك الشافعي يحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، ويفتي الناس وهو دون العشرين عامًا، وابن حجر يؤلف الفتح وعمره 32 عامًا، فأين أنتم من هؤلاء الشباب الأفذاذ، الذين رسموا عز أمتهم بين أمم الدنيا؟!من روائع الحكمة
يا بني.. اركب سفينة السُنَّة، واتبع هدي خير المرسلين ولو كنت وحدك، ولا تنظر لأخلاق المفرطين، ولا حجج اللاهين، فما هي إلا ساعة ونقف جميعًا بين يدي الله -عزوجل-، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} (عبس:34-37).
لاتوجد تعليقات