رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 21 أكتوبر، 2024 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1239

نهوض الشباب

         التاريخ شاهد على أن في الشباب من يبلغ في حصافة العقل، وحسن التدبير، المنزلة الكافية لأن يلقى على عاتقه ما يلقى على عواتق الكهول أو الشيوخ من عظائم الأمور، وإذا قلبنا صفحات التاريخ، دلتنا على رجال ظهرت عبقريتهم، وكفايتهم للقيام بأعمال جليلة وهم في أوائل عهد شبيبتهم، فقد ولّى النبي - صلى الله عليه وسلم  - معاذ بن جبل على اليمن وهو دون سن العشرين، وولّى أسامة بن زيد إمارة جيش فيه الشيخان أبو بكر وعمر، وسن أسامة يومئذ تسع عشرة سنة، وولّى عمر بن الخطاب -  رضي الله عنه  - كعب بن صور قضاء البصرة وهو في سن العشرين، وكان عمر -  رضي الله عنه  - يدعو ابن عباس في المعضلات ويجلسه بين الأشياخ وهو دون سن العشرين.  

السعادة كلها في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم 

اعلموا يا شباب أنَّ السعادة كلها في طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم : {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب: 71)، والشقاوة كلها في معصية الله ورسوله {وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} (الأحزاب: 36)، والطاعة لله ورسوله تتمثَّل بالعمل بما يأتي:
  • إخلاص الدين لله وحده لا شريك له في القول والاعتقاد والعمل، والحب والبغض، والفعل والترك: {قُل إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} (الأنعام: 162).
  • العناية بالقرآن الكريم تلاوة وحفظًا وتدبرًا وتفسيرًا وعملًا، فهو خير كتاب أُنزِل على أشرف رسول إلى خير أمَّة أُخرِجت للناس بأفضل الشرائع وأسمحها وأسماها وأكملها، كما قال -تعالى-: {اليَوْمَ أَكْمَلتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا} (المائدة: 3).
  • العناية بالسنَّة المطهَّرة والسيرة النبوية، فلنا فيهما عِظَة وعبرة، ولنا فيهما قدوة حسنة لِمَن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا.
  • المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة، فهي عماد الدين، والصلة برب العالمين، والفارقة بين الإسلام والكفر.
  • حفظ الأوقات فيما ينفع؛ فأنت مسؤول عن وقتك في أيِّ شيء قضيته؟ والأوقات محدودة والأنفاس معدودة، فاغتنم حياتك النفيسة، واحتفظ بأوقاتك العزيزة، فلا تضيعها بغير عمل، ولا تفرط بساعات عمرك الذاهب بغير عوض؛ فإنك محاسَب عليها ومسؤول عنها، ومجازى على ما عملت فيها.
  • اختيار الأصحاب الصالحين والجلساء الناصحين الذين عرفوا الحق واتبعوه والباطل واجتنبوه، والمرء معتبر بقرينه، وسوف يكون على دين خليله فلينظر مَن يخالل، وأنت مع مَن أحببت يوم القيامة.
 

الشباب وصلاة الفجر

         صلاة الفجر واحدة من تلك الصلوات الواجبات، ولا تختلف عن غيرها في الأمر بالمحافظة عليها في وقتها وفي المسجد، غير أننا قد نجد بعض الناس يحافظ على معظم الصلوات ولكنه يتهاون في صلاة الفجر فلا يحضرها في المساجد، وربما نام عنها حتى تطلع الشمس فلا يصليها إلا بعد وقتها، حتى إنك تنظر لصفوف المصلين في الفجر ترى أن أكثرهم من الشيبان وكبار السن، فليعلم الشباب أنَّ صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق؛ فالمنافق يتحين الفرص للفرار من العبادة، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».  

من مشكلات الشباب

الانحراف عن الدين وترك العبادة

        من المشكلات المعاصرة للشباب الانحراف عن الدين وترك العبادة والعيش في هذه الحياة بلا هدف ولا رسالة ولا دين، قال الله -تعالى-: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}. (مريم:59). أي أنهم لم ينكروا الإيمان والصلاة والطاعة بل أضاعوا ذلك فاستحقوا عقوبة الله، والإنسان الذي يدع دينه ويتحلل من عقيدته سيقع في خطيئتين كبيرتين الأولى: أن فطرته التي فطره الله عليها إن لم تدن بالدين الحق سوف تدين بالدين الباطل وسيعبد الإنسان آلهة أخرى من دون الله، والثانية أنه سيظل في حالة افتقار وفي حاجة إلى من يملأ عليه فقر قلبه، يقول الإمام ابن القيم: «لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغايته ومطلوبه، وأحب إليه من كل ما سواه».  

الحب في الله والبغض في الله

         قال ابن العثيمين -رحمه الله-: يكون الحب في الله بأن ترى شخصًا صاحب دين وعلم وعبادة، وصاحب خلق حسن فتحبه لما قام به من طاعة الله والإيمان به، فهذه هي المحبة في الله، وأما البغض في الله: بأن ترى شخصًا عاصيًا متهاونًا بدينه لا يبالي، فتكرهه وتبغضه لما هو عليه من التهاون بدين الله -عزوجل-، والحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، ولهذا يجب علينا أن يكون حبنا وبغضنا لله -عز وجل-، لا نحب إلا من أحبه الله، ولا نبغض إلا من أبغضه الله.  

أبرُّ الأصحاب

         قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ أبرَّ الأصحاب وخير الرفقاء عمل المرء الصالح، ولن يدخل معه في قبره إلا هذا الصاحب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ ابْنِ آدَمَ وَمَالِهِ وَعَمَلِهِ مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَّاءَ، قَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: أَنَا مَعَكَ مَا دُمْتَ حَيًّا، فَإِذَا مُتَّ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْكَ، فَذَلِكَ مَالُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ، فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَى قَبْرِكَ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ لَكَ، فَذَلِكَ وَلَدُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا فَذَلِكَ عَمَلُهُ».  

الغاية التي من أجلها خُلقنا

        إن من أهم الواجبات على الشباب أنَّ يعرف الغاية التي من أجْلها خُلق، وهذه الغاية هي عبادة الله -تعالى-، التي من معانيها إخلاص النيَّة لله في القول والعمل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والولاء والبَراء لله ورسوله، واتِّباع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم  - قولاً وعملاً، ظاهرًا وباطنًا، في الأمر والنهي، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد.  

من واجبات الشباب المسلم اليوم

        من أهم واجبات الشباب المسلم اليوم التسلح بالعلم والثقافة، والتفوق في اختصاصه؛ فنحن -مع الأسف- موسومون بأننا من العالم المتخلف الذي يسمونه العالم الثالث، فلا زال بعض الناس يعتقدون أن سبب تخلف المسلمين هو الإسلام، وهذا غير صحيح بالمرة، فيوم كان المسلمون متمسكين بدينهم، كانوا هم الأمة الأولى، والعالم الأول في هذه الدنيا، قادت حضارتهم العالم حوالي عشرة قرون، كان المسلمون فيها السادة والقادة، وكان العالم يتعلم على أيديهم، ويتعلم في مدارسهم وجامعاتهم، وكانت اللغة العربية هي لغة العلم، ومن يريد من أبناء أوروبا أن يظهر أنه إنسان مثقف أو متقدم تكلم بعض ألفاظ بالعربية، كما يفعل كثيرون الآن حينما يكلِّمونك فيدخلون في كلامهم كلمات بالإنجليزية أو بالفرنسية ليشعروك أنهم من أهل التقدم والحضارة، هكذا كنا وينبغي أن نعود إلى ما كنا عليه.  

نور اليقين في سيرة خير المرسلين

          إنّ شخصية الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - تعد نبراسا لكل من أحبّ أن يهتدي إلى الطريق السوي {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، قال سيدنا سعد بن أبي وقّاص: «كنا نعلّم أولادنا سيرة الرسول ومغازيه كما كنا نعلّمهم القرآن»؛  ولا يوجد كتاب مختصر وسهل يلم بهذا الموضوع ككتاب (نور اليقين) للشيخ محمد الخضري؛ فإنه من أكثر الكتب المتداولة في السيرة النبوية في العالم الإسلامي؛ لذا ننصح الشباب بقراءته واقتنائه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك