رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.وليد عبدالوهاب الحداد 24 أكتوبر، 2017 0 تعليق

دور قيم العمل في نهضة الأمة الإسلامية(4)

هذه الحلقة الرابعة من سلسلة مقالات قيم العمل في الإسلام ومازلنا مع كيفية الرفق مع الموظفين والمتعاملين والمستفيدين من الخدمات نظرا لأهمية الموضوع وتركيز الإسلام على هذا الجانب، وأيضا لكونه من أهم الاستراتيجيات الحديثة لتطوير الخدمات وكسب ولاء العملاء، وكتبت فيه آلاف الكتب والحمد الله، وهو موجود في ديننا منذ 1400 سنه على لسان المعصوم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

     وفي هذا الباب قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا» رواه الطبراني في الكبير -صحيح- وقال الله -عز وجل-: { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}(الأعراف: 199) وقال: مجاهد خذ العفو من أخلاق الناس وأعمالهم، والعرف هو الأمر بالمعروف، وقال قتادة: هذه أخلاق أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم وقال البخاري: قوله: «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين» (العرف): المعروف، أن ابن عباس قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس - وكان من النفر الذين يدنيهم عمر - وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته - كهولا كانوا أم شبابا - فقال عيينة لابن أخيه: يابن أخي، لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه. قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر رض الله عنه فلما دخل عليه قال: هي يا بن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب الله -عز وجل- وفي قوله -عز وجل-: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}(فصلت: 34).

     والناظر اليوم لأحوال المسلمين في وظائفهم هو عدم احترام المستفيدين من الخدمات أو العملاء، وعدم النصح لهم، وتعطيل أعمالهم، وأخذ وقت كبير للإنجاز، وبعضهم ينتهر ويصرخ في وجوه المراجعين، وفي حال غضب العميل فإنه يغضب في وجهه، وقد يدخل معه في تشابك بالأيدي والضرب بدلا من تهدئته واستخدام الأسلوب نفسه الذي اتبعه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كما في الرواية السابقة، عندما ذكر بالآية فوقف رضي الله عنه ، فالتعامل الحسن مع العملاء والمستفيدين من الخدمات والسلع هي قاعدة مهمة جدا في ديننا الحنيف، ويؤجر عليها من يطبقها، وفي الحديث: «ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة؛ إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته». (صحيح). وله شاهد صحيح بلفظ: من ولاه الله -عز وجل- شيئا من أمر المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره.

     فهذا المسكين الذي يغلق بابه دون الناس لا يعلم أن الله -عز وجل- سيغلق بابه عنه يوم القيامة دون خلته وحاجته ومسكنته، وكم هو بحاجة إلى الله -عز وجل- في مثل هذا اليوم وإلى رحمته! فالله المستعان أن يهدي المسؤولين في العالم الإسلامي إلى تطبيق هذا الحديث، وآخر حديث في هذه الحلقة هو قوله صلى الله عليه وسلم : «حرم علي النار كل هين لين سهل قريب من الناس» أي سهل طلق لين الجانب لا تشدد ولا تعصب، يلين مع الجميع الحاد والغاضب، وأيضا متواضع مع الجميع، ولا يستخدم منصبه ليرتفع ويتكبر على الآخرين ولا يتكلف، ومع الأسف أغلب المسؤولين يعتقد أنه يجب أن يحتقر ويتكبر على الموظفين والمراجعين حتي تكون له شخصية وهيبة! وهذا والله العلي العظيم لمفهوم خطأ شرعا، وأيضا حسب المفاهيم الحديثة للإدارة.

     وختاما فإن التعامل الحسن والرفق بالمراجعين والموظفين هي قاعدة أساسية وشرعية في الإسلام، تطبيقها واجب على كل مسلم موظف ومسؤول، ومستهلك ومستفيد من الخدمات، كما جاء في الاحاديث الصحيحة.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك