رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 28 أبريل، 2025 0 تعليق

درجات التصوف والموقف الشرعي منها

  • جمع هذا المصنف العديد من المسائل والمباحث الشرعية وأهم درجات التصوف والموقف منها وأقوال الصوفية والبدع المتعلقة بوحدة الوجود والبدع المتعلقة بالأسماء والصفات وبالقدر
 

لمؤلفه : د. أبو زيد بن محمد مكي

نتناول في هذه الحلقة دراسة مهمة تمثل إضافة للمكتبة الإسلامية المهتمة بالشأن الشرعي والجانب العقدي، وهو كتاب: (درجات التصوف والموقف الشرعي منها) لمؤلفه د. أبو زيد بن محمد مكي- حفظه الله-، وهو من المصنفات التي تعتني بهذا الباب وتتميز به، وقد جمع الكتاب العديد من المسائل والكثير من المباحث الشرعية، وأهم درجات التصوف والموقف منها وكذلك العديد من أقوال الصوفية والبدع، سواء المتعلقة بوحدة الوجود أم بتوحيد الألوهية أم البدع المتعلقة بالأسماء والصفات أم بالقدر إلخ، وتقع هذه الدراسة في مجلد واحد من 144 صفحة، تتكون من مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث، ثم فهرس الموضوعات، وطبعت الطبعة الأولى (1443هـ- 2022 م) وقام على الطباعة دار الأوراق للنشر والتوزيع بالمملكة العربية السعودية.

الهدف من كتابة البحث

        تعرض المؤلف في مقدمة دراسته لبعض من أسباب كتابة هذا البحث وذكر منها: القيام بالتعبد لله -تعالى- بحماية الدين الإسلامي في عقيدته وشريعته، وحث المسلمين على التزام الصراط المستقيم وهو دين الإسلام المحض الخالي من البدعة، وتحذيرهم من الانحراف عنه، ومعرفة الحكم الصحيح على الفرق وعلى رجالاتها وأتباعهم.

تعريف التصوف اصطلاحا

        ذكر الباحث تعريفات عدة للتصوف من بعض الباحثين، وكان ما انتهى إليه ترجيح الباحث هو أن النظر الصحيح للتصوف يكون من ناحية الدرجات التي يظهر بها لا من ناحية المراحل، وعلل ذلك بأن التصوف أمر قديم معروف وحقيقته معروفة قبل الإسلام، بل وقبل اليهودية والنصرانية؛ فالقول بالمرحلية معناه أنه حادث في الأمة الإسلامية ثم تطور وهذا غير صحيح، لكن الصحيح أنه تدرج في الظهور في الأمة الإسلامية؛ فبيان معنى التصوف أنه على درجات ثلاث: إفناء الإرادة البشرية، ودرجة إفناء الصفات البشرية، ودرجة إفناء الذات البشرية.

المبحث الأول: الدرجة الأولى من درجات التصوف

تناول المؤلف في مبحثه الأول ثلاثة مطالب؛ الأول: المراد بالزهد الشرعي، والمطلب الثاني: المراد بالزهد عند الصوفية، أما المطلب الثالث: فكان حول الفرق بين الزهد الصوفي والزهد الشرعي. في المطلب الأول تناول المؤلف المراد بالزهد في اللغة وضعناه قلة الرغبة في الشيء والرضا منه بالقليل كما قال -تعالى- عن إخوة يوسف: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ}، ثم تعرض لتعريف الزهد الشرعي بأنه: اغتنام الحياة والعمر والشباب والصحة والفراغ، وترك كل ما من شأنه أن يعيق عن ذلك من فضول المباح.
  • وفي المطلب الثاني بين الكاتب مفهوم الزهد الصوفي، وأنه هو التخلي عن الأملاك وترك الدنيا بالكلية بالخروج عن الأوطان وهجر الزوجات والأولاد والأحباب، ثم ذكر أمورا عدة قام عليها الزهد الصوفي منها: الغلو في التعبد، والغلو في تخلية القلب من الطمع فأخلوه حتى من الطمع فيما عند الله من خيري الدنيا والآخرة.
  • وفي المطلب الثالث بين الفرق بين الزهد الصوفي والزهد الشرعي من أهمها: أن الزهد الصوفي قائم على الغلو، ومجاوزة الحد في العبادة، والزهد الشرعي قائم على الاعتدال، والتزام السنة، وأن الزهد الصوفي قائم على الانحراف في أعمال القلوب، والزهد الشرعي قائم على تحقيق أعمال القلوب كما جاءت في الوحي الإلهي، وأن الزهد الصوفي قائم على تعذيب البدن بالجوع والسهر، أما الزهد الشرعي فقائم على الاهتمام بالبدن من ناحية نظافته، وأكله، وشربه، ولباسه، وإبعاده عن كل ما يضره من السهر والمأكولات الخبيثة؛ فالزهد الشرعي يقوي البدن ولا يضعفه.

المبحث الثاني: درجة الكشف الصوفي

وفيه عرض المؤلف مطالب عدة، منها: المراد بالكشف عند الصوفية، وأنواعه، والمطلب الثاني: البدع والانحرافات المتعلقة بدرجة الكشف الصوفي. وتناول أنواع الكشف عند الصوفية وذكر منها: الزعم بالتلقي من الله مباشرة سواء مهاتفة أم قلبيا، والرؤية اليقظية للأنبياء والأولياء بعد موتهم، والتلقي منهم مباشرة، والرؤى المنامية، ورؤية الخضر، والإلهام، والخواطر، والفراسة. وفي المطلب الثاني بين المؤلف بدع الكشف الصوفي المتعلقة بمصادر الدين، ومنهج التلقي وذكر منها: البدع المتعلقة بمصادر التلقي، وذكر منها: البعد عن المصادر الشرعية الوحي الإلهي الكتاب والسنة في تلقي الدين الإسلامي، واعتماد مصادر مبتدعة غير صحيحة في التلقي، كادعاء محادثة الله لهم، ومن البدع أيضا الإعراض عن تعلم العلوم الشرعية وانتقاص قدرها، وكذلك من البدع اعتقادهم بأن الوحي الإلهي مستمر النزول على الأولياء. أما النوع الثاني من البدع فمتعلق بمنهج التلقي: مثل جعلهم الوحي الإلهي موزونا للكشف فهم يعتقدون أن العلم المتلقى من الكشف يقيني، وكذلك الاعتماد على النصوص الضعيفة والموضوعة لموافقتها لأهوائهم.

المبحث الثالث: وحدة الوجود

وفي هذا المبحث الأخير تعرض المؤلف لمطلبين مهمين هما: المراد بدرجة وحدة الوجود، المطلب الثاني: أبرز البدع المتعلقة بدرجة وحدة الوجود. ففي المطلب الأول تعريف وحدة الوجود والفرق بينها وبين الحلول والاتحاد فذكر المؤلف أن تعريف وحدة الوجود عن الصوفية يراد به وحدة الموجود، فالموجود هو الله وحده، وما عداه مجرد أوهام وخيالات، فالله -تعالى- هو الظاهر في جميع المظاهر. وأما الحلول عندهم: فهو نزول الذات الإلهية في الذات البشرية، ودخولها فيها؛ فيكون المخلوق ظرفا للخالق، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وأما الاتحاد عندهم: فهو اختلاط وامتزاج الخالق بالمخلوق، فيكونان بعد الاتحاد ذاتا واحدة, ثم بين المؤلف أهم الفروقات بينها. ثم تناول في المطلب الثاني أبرز البدع المتعلقة بوحدة الوجود وتعرض لهذه البدع والانحرافات في مجالات مختلفة منها: البدع المتعلقة بتوحيد الربوبية، والبدع المتعلقة بتوحيد الألوهية، والبدع المتعلقة بتوحيد الأسماء والصفات، والبدع المتعلقة بالقدر، والبدع المتعلقة بالنواحي الأخلاقية.

الخاتمة

وفي نهاية الكتاب خلص المؤلف إلى عدد من الحقائق والتوصيات وهي:
  • لا علاقة بين التصوف وبين درجة الإحسان الشرعي.
  • شتان بين الزهد عند الصوفية، والزهد الشرعي؛ فالزهد الصوفي غلو في التعبد وغلو في تخلية العقل عن الطمع فيما عند الله وترك الجهاد، وعدم إنكار المنكرات، بخلاف الزهد الشرعي القائم على اعتقاد سرعة انقضاء الدنيا وقصر العمر، وأن نعيم الدنيا بالنسبة لنعيم الاخرة لا شيء.
  • درجة الكشف الصوفي انحراف عن مصادر التلقي في الإسلام إلى مصادر باطلة بدعية كالتلقي عن الجن والمشايخ الأموات.
  • درجة وحدة الوجود هي التصوف الكامل عند العالمين بالتصوف على وجه الحقيقة، والمقصود بها: وحدة الموجود؛ فوجود الخالق هو وجود المخلوق، ووجود المخلوق هو وجود الخالق.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك