رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 5 مايو، 2025 0 تعليق

خمسون عاماً في الدعوة إلى الله تعالى – النجدي: الشباب بحاجة لمن يحتويهم ويسمع لهم وهذا ما فعله معنا المشايخ في بداية الدعوة

  • المفتي لا يستغني عن استشارة من هم أعلم منه من كبار العلماء أو ممن هو أعلم بالمسألة أو يكون صاحب اختصاص
  • أثرى الشيخ النجدي المكتبة الإسلامية بكثير من المؤلفات المميزة التي تتميز بسلامة المنهج وصحة العقيدة ملتزمًا في كتاباته ومواعظه الاعتصام بالكتاب والسُنَّة بفهم سلف الأمة
  • وسائل التواصل من نِعم الله -عزوجل- العظيمة ونحن بحاجة إلى شكر الله -عزوجل- على هذه الوسائل بـاستـعـمـالـهـا في طاعة الله -عزوجل-
  • مجلة الفرقان فتحت لي باب التأليف والكتابة فسلسة المقالات التي تستمر حوالي سنتين تكون نواة كتاب أو تكون مادة كتاب يجمع بعد ما يجمع ويهذب ويرتب وينشر
  • كانت عادتنا اللقاء بالمشايخ الكبار ابن باز وابن عثيمين، وغيرهم في شهر رمضان وفي مواسم الحج، وقد يسر الله لنا العديد من اللقاءات معهم وكانوا يرحبون بنا ويقدموننا على غيرنا
  • أعظم مادة يتزود بها طالب العلم هي القرآن والسُنَّة ونحن متفقون على أن مادة الصلاح والفلاح والنجاح والنجاة من الشرور والفتن في الدنيا والآخرة هي القرآن والسُنَّة
  • من فضل الله علينا في بداية الدعوة وجود إخوة أفاضل يوجهوننا ويعتنون بنا مثل الشيخ عبدالوهاب السنين والشيخ ناظم المسباح وغيرهم فكانوا سببا بعد الله تعالى في استقامتنا على هذا المنهج المبارك
  • تصدر العالم أو طالب العلم للفتوى يكون دافعًا له أن يزداد معرفة بالأمور التي يُسأل عنها لأن السائل قد ينبهك إلى باب من أبواب العلم أنت عنه غافل
  • الشباب يحتاجون إلى من يهتم بهم ويوليهم شيئا من عنايته ويعطيهم شيئا من وقته وأن يشغل أوقاتهم بما ينفع وأن يكون على صلة مباشرة دائمة بهم
  • أعظم الكتب -على الإطلاق- القرآن والسنة وهما مادة النجاح والصلاح والنجاة بفهم سلف الأمة
 

للعلماء في شريعتنا منزلة سامية، ومكانة عالية رفيعة، فهم خلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمته، وورثته في حكمته، واستمرارًا لجهود (مجلة الفرقان) في تسليط الضوء على جهود مشايخ الدعوة في الكويت، يسعدنا أن نستضيف في هذا اللقاء  الشيخ: محمد الحمود النجدي، وقد عُرف الشيخ بثباته في طلب العلم منذ نعومة أظفاره، وحرصه المتواصل على خدمة الدين، والدعوة إلى الله -تعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة؛ حيث أثرى الشيخ المكتبة الإسلامية بعددٍ من المؤلفات المميزة التي تتميز بسلامة المنهج وصحة العقيدة، ملتزمًا في منهجه الاعتصام بالكتاب والسُنَّة وفهم سلف الأمة.

  • المكتبة الخاصة وكيف تأسست؟
  • هذه المكتبة تأسّست منذ بداية عمل لجنة صباح الناصر تقريبًا عام 1986م؛ حيث كانت اللجنة في البداية مجرد غرفة في المسجد المجاور، ثم صارت مقراً صغيراً عبارة عن عدة غرف (كيربي) بجانب المسجد، ثم بعد ذلك جزاها الله خيرًا الفاضلة الشيخة: د. سعاد الصباح التي تبرعت بها وقفاً لزوجها الشيخ عبدالله مبارك الصباح -رحمه الله-، وبُنيت هذه اللجنة بهذا الشكل المبارك، وكان أول من بدأ في تأسيس هذه اللجنة الأخ الفاضل: محمد راشد العجمي هو وبعض الإخوة معه بالمنطقة، وكانت تربطني به علاقة جيدة؛ حيث كان من شباب خيطان.
  • هل هذه الكتب خاصة بك؟
  • نعم هذه مكتبتي الخاصة، جمعت محتوياتها منذ زمن بعيد، وهناك مكتبة أخرى تخص رواد اللجنة، وهي مفتوحة للناس عامة ولطلبة العلم.
  • ما علاقتك بالكتب؟ وكيف تقوم باختيار الكتاب الذي تشتريه؟
  • الكتب أنواع: فهناك كتب مراجع كبرى لا يستغني عنها طالب العلم، مثل: البداية والنهاية، وسير أعلام النبلاء، وتهذيب التهذيب، ومسند الإمام أحمد، وغيرها، فهذه كتب مراجع، وهناك كتب حاجتك لها شبه يومية كتفسير الطبري، وتفسير ابن كثير، وفتح الباري، وشرح مسلم للنووي، وصحيح الجامع، وكذلك الكتب الفقهية مثل كتاب المغني لابن قدامة، فهذه كتب ما تنفكّ عنها يوميا، وهناك كتب تتخذها للتدريس مثل: عمدة الأحكام، وبلوغ المرام، وزاد المستقنع، ورياض الصالحين، فهذه الكتب ندرِّسها في مسجدنا وغيره، فعلاقتنا بها شبه يومية.
  • أنت من منطقة خيطان أصلا؟
  • أنا ولدت في المرقاب، ثم ذهب والدي -رحمه الله- إلى خيطان، وسكنّا هناك، وأكملت بها دراسة مراحل الابتدائي والمتوسط والثانوي، وبقينا بها ما يقرب من 25 سنة، ثم كان لي هناك مسجدان في خيطان، أولهما مسجد جمعة الفهد، ثم مسجد سعد بن عبادة، وكانت لي خطبة في مسجد معاذ بن جبل في الخالدية.
 
  • متى تركت منطقة خيطان؟
  • التحقت بالعمل في وزارة الأوقاف في عام 1983م، وخرجت من خيطان عام 1986م، وذهبت إلى منطقة صباح السالم؛ حيث كنت أصلي في مسجد السبتي ق 6، وأخطب في مسجد زهرة النصر الله، كلاهما في صباح السالم.
  • وما علاقتك بالخالدية؟
  • كان أول ما بدأت به الخطبة في الخالدية في مسجد معاذ بن جبل، وبقيت فيه فترة، ولمّا انتقلنا لمنطقة صباح السالم، أصبحت أخطب في مسجد زهرة النصر الله، وبقيت فيه لما بعد الغزو بسنتين، أي عام 1992م، ثم جاءني الأخ محمد راشد العجمي وأبدى رغبته في أن أكون معهم في منطقة صباح الناصر؛ فلبيت رغبته، وكان ذلك في عام 1993م ومنذ ذلك الحين وأنا موجود في منطقة صباح الناصر.

العيسى مكرماً النجدي بوجود محمد الراشد و د. فرحان الشمري

 

الفتاوى الأقرب للناس

  • ما فروع الشريعة الأقرب للناس من أسئلتهم؟
  • الغالب على أسئلة الناس ما يتعلّق بالفقه، والعبادات، والطهارة، والصلاة، والصيام، والزكاة، لاسيما وأننا في لجنة صدقات وزكاة، وفيها أعمال ووقفيات خيرية؛ ورعاية أيتام وأرامل وأسر فقيرة، في داخل الكويت وخارجها، فكثيرا ما تكون الأسئلة في هذا الباب، وكذلك ما يتعلق بالعلاقات بين الناس والأسر، والمشكلات الزوجية وغيرها، ومن ثَمّ تعدّ مهمة المفتي والداعية مهمة ونافعة للمجتمع ككلّ.
  • ما مدى استفادة العالم من الفتاوى التي تُعرض عليه يوميا؟
  • لا شك أن تصدّر العالم أو طالب العلم للفتوى؛ يكون دافعًا له أن يزداد معرفة بالأمور التي يُسأل عنها، وكما قال بعض أهل العلم: «مِنَ السّائلين من يكونُ له فضلٌ عليّ»؛ لأنّه قد يُنبّهك إلى بابٍ من أبواب العلم؛ أنت عنه غافل؛ فيسألك مثلاً عن مسألة فقهية، فتبحث عنها، وتنظر أقوال أهل العلم فيها، وقد يسألك عن جانب من جوانب العقيدة، أو عن تفسير آية، وتخرج ما إذا كان فيها شبهة، أو غزوة من الغزوات، فمن الأسئلة ما يكون فيه نفع للمفتي أولا؛ لأنه يحثّك على البحث والمراجعة والتحقيق، وأحيانا يأتيك إنسان مثلا درس في الجامعة، وقد تعرض لشبهةٍ من الشبهات؛ فيسألك عنْها وعن القول الصحيح فيها، وكيف نردّ على من قال كذا وكذا؟ فهذا يكون داعيًا لك للبحث والمراجعة والنظر في أقوال العلماء، فأنت من أول المستفيدين وأول من يزداد علمًا، وهكذا المسائل الخلافية بين العلماء، وأدلة كلّ واحد منهم.

تكريم الشباب من حفظة القرآن الكريم في فرع صباح الناصر

الإفتاء

  • ما الخطوات التي يتبعها المفتي للإجابة عن الأسئلة التي ترد عليه؟ 
  • الأسئلة التي ترد للمفتي أنواع، فهناك أسئلة متكررة، سواء في الطهارة أم في الصلاة أم الزكاة أم الصيام، والجواب عنها معروف وسهل، وهناك بعض الأسئلة تحتاج إلى مراجعة كتب الفقه، أو كتب العقيدة وغيرها، فالركيزة الأساسية للإنسان إذا أراد أن يتكلم في عبادة أو موضوع؛ أنه لابد له من أمرين: - الأمر الأول: أن يكون لديه رصيد علميّ وشرعي كاف. - الأمر الثاني: أن يكون له معرفة بواقع السؤال.
  • متى يلجأ المفتي لغيره من المشايخ؟
  • الشيخ والمفتي لا يستغني عن استشارة من هم أعلم منه من كبار العلماء، أو ممن هو أعلم بالمسألة، أو يكون صاحب تخصص في المسألة، مثل أنْ تكون المسألة طبية أو اقتصادية، أو غيرها من المسائل التي يحتاج فيها إلى العلم بواقع معين، واليوم أصبح من السهولة الوصول للمعلومات، وهذه نعمة عظمى من عند الله -تعالى-.
  • بحوثكم المنشورة في مجلة الفرقان متى تتحول إلى كتاب؟
  • جزاكم الله خيرًا أنتم فتحتم لي الباب، وأعنتموني على كتابة هذه الكتابات بالنشر، وتأليف هذه الكتب؛ فسلسة المقالات التي تستمر حوالي سنتين، تكون نواة كتاب أو تكون مادة كتاب يجمع بعدما ينتهي ويهذّب ويرتّب، وبعد ذلك يكون كتاباً صالحاً للنشر، وأنا حاولت دائمًا أن تكون المادة العلمية نافعة للمجلة والقراء، وكذلك هي مشروع مستقبلي لكتاب ينشر.
  • ما أفضل كتابٍ تنصح به  طالب العلم؟
  • لا شك أن أعظم الكتب والعلوم هي القرآن والسُنَّة، والفقه والفهم والعلم بهما، ونحن -أصحاب المنهج السلفي- نقدّم للناس مادة النّجاة، والفلاح والصّلاح، ونحن متفقون على أنها القرآن والسُنَّة، كما قال الله -تعالى-: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} آل عمران.
فالسلفي يقدّم للناس القرآن والسُنَّة بفهم سلف الأمَّة، ويقول لهم: هذه هي أُصول النّجاح، وهذا هو حبل النّجاة مِنَ الشّرور والفتن، ونحن إذا لاحظنا الجماعات التي لا تتمسّك بالقرآن والسُنَّة، وفهم سلف الأمة، نجدها كلّها تعرّضت للفتن، والشّرور والمحن الشديدة، وربما الانْتهاء والانقطاع! لأن الله -سبحانه وتعالى- عندما قال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} فهو يرشدنا إلى فوائد عظيمة منها: الاعتصام بالكتاب والسُنَّة بفهم سلف الأمَّة كما قال أهل العلم؛ هو عصمة من الخطأ، فالمعصوم من عصمه الله.

       وقوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ}، حبل الله هو: القرآن، ومثله السُنَّة النبوية، بفهم سلف الأمة الأكابر- رضي الله عنهم وأرضاهم-. وأيضا الاعتصام بالكتاب والسُنَّة نجاة من النار في الآخرة؛ لأن الإنسان المتمسك بالكتاب والسُنَّة لا تُصيبه النار؛ فالله وَعَد المتمسّكين بالكتاب والسنة، والطائعين لله ورسوله، بالرحمة والجنة، فقال سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، فهذه الطاعة سببٌ لكلّ خير، فنحن نحاول دائما أن نقدم للناس ما يكونُ سَبباً لنجاتهم، ونذكّرهم بما أمرهم الله -عز وجل- به.

النشأة والبدايات

  • ما البيئة التي نشأت فيها في بداية الدعوة وطلب العلم؟
  • نحن -بفضل الله- بدأنا في منطقة خيطان بحلقات التحفيظ للقرآن مع الشباب في المساجد، وكان يصاحب الدرس شيء من التوجيه والتحفيز وأيضًا، بعد ذلك صارت هناك لقاءات في الديوانيات، وكان الشيخ ناظم المسباح -جزاه الله خيرا- من الإخوة الذين كانوا دائمًا يحرصون على هذا الدرب وعلى هذا الطريق، وكنا نلتقي بالشيخ أبي يوسف عبدالرحمن عبدالصمد -رحمه الله-، وكان إماماً بمنطقة العمرية، وكان أيضا يحفزنا ويوجّهنا ويوجه إخواننا على الحِفظ والتعلّم، والحِرص على السُّنن النبوية، فكانت هذه هي البدايات، في حفظ القرآن الكريم في حلقات المَساجد.

         وهذا كما ذكر علماؤنا: أنّ طالب العلم بدايته الناجحة؛ لابد أن تكون مع كتاب الله، فالإنسان إذا بدأ مع كتاب الله فهذا طريق النجاح؛ ولهذا نرى أن حفاظ القرآن هم المُتميّزون في جميع العلوم، وهذا من بركة القرآن وفضله على صاحبه، والله -عزوجل- يُبارك في وقت حامل القرآن وعمره.

مع مشايخنا ابن باز وابن عثيمين

  • مواقف مؤثرة مع الشيخين ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله-.
  • في الحقيقة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- كان يحبنا ويرتاح لنا، ويعلم أننا على منهجٍ صحيح -بفضل الله-، وأحياناً كان يقدمنا على غيرنا، وكان الإخوة عندما يدعونهم للحملات الكويتية للمحاضرات ما كانوا يترددون أبدا، فكل المشايخ الكبار زارونا في الحملات، والشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- زارنا تقريبًا مرتين أو ثلاث في الحملات، وكذلك الشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالله بن غديان -رحمه الله-، وغيرهم، فأكثر كبار العلماء كانوا يزوروننا في الحملات، وكنا نلتقي بهم في الحَج دائماً.
والشيخ ابن باز -رحمه الله- كان عنده لقاء سنوي مع كل مشايخ ودعاة العالم في وقتِ الحج، وكان يقيم لهم ندوة كبيرة، ثم يدعوهم للعشاء في بيته في العزيزية، فكنا نحضر تلك اللقاءات. أيضًا تيسر لي مع الإخوة زيارة الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- في مسجده في الرياض، فحضرنا معه شرح كتاب تيسير العزيز الحميد، وكان -رحمه الله- صاحب همّة عالية، فبعد أن يصلي الفجر كان له دروسٌ متواصلة في علوم عدة، إلى الساعة الثامنة تقريبًا، فيقرأ عليه تقريبًا أربع كتب منها: تيسير العزيز الحميد، وتفسير ابن كثير، وغيرها من الكتب، كل كتاب تقريبًا يأخذ نصف ساعة مع شرح الشيخ، وكلّ كتاب له قارئ، والعجيب أن الشيخ ابن باز -رحمه الله- بعد أن ينتهي من هذا المجلس، ينتقل إلى مكتبه في إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ويظل يعمل ويستقبل الناس والفتاوى تَرِدُ إليه من كل مكان إلى الساعة الواحدة ظهرًا، فكان عند الشيخ جلدٌ وصبرٌ ليس موجوداً عند أقوى الشباب اليوم، فمن صلاة الفجر إلى الساعة الواحدة وهو مع الناس، فيذهب إلى مكتبه فيأتيه الناس من كل أنحاء العالم، من الدعاة والخطباء والأئمة، والذي يريد شفاعة في أمر ما، ومنهم من يحتاج إلى مساعدة وغيرهم كثير.

  • المشايخ والأمور السياسية.
  • أولاً هناك أمورٌ ثابتة لا تتغيّر لدى المسلم، كثوابت الدّين والعقيدة، مثل موقفه من الكفار من اليهود والنصارى، والمشركين وعبدة الأوثان، فهذه مواقف لا تقبل التغيير، وعندنا السنَّة النبوية حافلة بالمواقف النبوية الصحيحة تجاه هؤلاء، والتي اتخذها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالمسلم والداعية والشيخ والمفتي لا يتجاوزها ولا يخالفها، ولا يحلّ له ذلك.
وأذكر من المواقف في ذلك: لما صدرت فتوى الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- عندما سُئل عن حُكم الصلح مع اليهود؟ فأجابهم وأعطاهم الأدلة في هذه المسألة، وأنّ النبي- صلى الله عليه وسلم - صالحهم أحياناً، ولاسيما إذا كان عقد الصلح فيه مصلحة للإسلام والمسلمين، وفيه حقنٌ لدماء المسلمين، وفيه مراعاة لواقع الضعف عند المسلمين، وتقوية لهم واستعدادا، كما قال العلماء «إن الصلح هو زمن تستطيع بناء نفسك فيه، وتقوّي نفسك فيه» فأنا أعقد الصّلح إلى أنْ أتقوى، وكما تعلم فإن الشيخ ابن باز -رحمه الله- تعرَّض لهجوم قوي بسبب ذلك، واتهم بالخيانة والعمالة مع أنه ما قال ذلك إلا بأدلةٍ واضحة، منها قول -تعالى-: {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (الأنفال:61)، وأولياء الأمر كانوا على نظرٍ ومعرفة بالحال، وأنّهم يحتاجون إلى الاستعداد، وإلى مَن يُساندهم ويعطيهم قوة في هذا الباب، لردع هذا العدوان.
  • في هذا الطريق كان لك إخوة ودعاة وصحبة صالحة قريبون منك، وتأثرت بهم فهل من إشارة إلى ذلك؟
  • الحمد لله الدعوة كانت كما ذكرت سابقًا مع شيخنا وأخينا الكبير ناظم المسباح، والشيخ الكبير عبدالوهاب السُنَين، كان هؤلاء الإخوة من الموجهين المحيطين بنا دائماً، من بدايات الدعوة، ولا زالوا ولله الحمد، وعندما انتقلت إلى منطقة صباح السالم كان معنا أخونا د. وائل الحساوي، والأخ أبو سعد يوسف الجريوي رحمه الله، وغيرهم كثيرون ممّن رافقونا في بداية الدعوة.
 

السيرة الذاتية للشيخ محمد بن حمد الحمود النجدي

  • اسمه ونشأته: هو محمد بن حمد الحمود النجدي، ويرجع الشيخ بنسبه إلى آل الجرباء من قبيلة شمر ووالدته إلى النسب الشريف، ولد 1379هـ/1959م.
المؤهلات العلمية وعمله:
  • حصل على الماجستير في العلوم العربية والإسلامية.
  • الدكتوراة عن رسالته في شرح أسماء الله الحسنى وآثارها.
  • إمام وخطيب في وِزارة الأوقاف.
  • مدرس بدار القرآن سابقاً.
  • عضو الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب.
مشايخه
  • الشيخ عبدالعزيز ابن باز واستفاد كثيرًا من محاضراته ولقاءاته التي التقى به فيها.
  • الشيخ محمد بن صالح العثيمين أخذ كثيرًا من الفقه والأصول عبر دروسه في الحرم ومشافهة وعبر كتبه وأشرطته.
  • الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
  • الشيخ عبدالله السبت واستفاد منه في الدعوة والعقيدة.
  • الشيخ عبدالرحمن عبدالصمد واستفاد منه في الآداب والفِرَق والدعوة.

طلبة العلم ووسائل التواصل الاجتماعي
  • نريد نصيحة إلى طلبة العلم في التعامل وسائل التواصل؟
  • وسائل التواصل هي من نعم الله -عزوجل- العظيمة، فأنتَ من خلال تلك الوسائل الحديثة اليوم؛ ومحركات البحث، تستطيع بدقائق أنْ تجمع كلام أهل العلم في أي قضيةٍ أو مسألة، وفي أي بابٍ من أبواب الشريعة، وإنْ أردت فبالصوت والصورة، وإنْ أردت فبالكتابة والكتب، وهذا من فضل الله -عزوجل- علينا؛ فلذا نحن بحاجة إلى أنْ نذكر ونوجّه الناس إلى كيفية شكر الله -عزوجل- على هذه الوسائل.
ومن شُكْر الله -عزوجل- على تيسير هذه الوسائل؛ أن تستعملها في طاعة الله -عزوجل- هذا هو التوجيه الذي ينبغي أن يكون عند الشباب، فالله -عزوجل- أعطانا هذا الهاتف، فالمفروض أنْ نستعمله في طاعة الله؛ لأننا إذا استعملناه في طاعة الله؛ نكون قد شكرنا الله -عزوجل- على هذه النّعمة. مَنْ كان يظن أنَّ المادة العلمية للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- كاملة؛ توجد في رابطٍ واحد، مفهرسة كلها، تستطيع الوصول إليه بكلّ سهولة وفي ثوانٍ معدودة، فتخيل المادة العلمية كلّها في رابط تدخل عليه تجد مثلا: كتاب الطّهارة في عشرة أشرطة أو عشرين شريطا، وكتاب الصلاة، وكتاب الزكاة، وهكذا إلى نهاية الأبواب الفقهية، فهذه النّعمة لا بدّ أنْ تُشكر، وأن تُستعمل استعمالاً صحيحًا، فالذي ابتكرها لم يكنْ يقصد هذا، ولكن الله -عزوجل- ينصر هذا الدّين بالرجل الفاجر، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ ليُؤيِّدُ هذا الدِّينَ بالرجلِ الفاجرِ». وفي الرواية الأخرى: «بأقوامٍ لا خَلاق لهم». متفق عليه. سبحان الله! هم ما قصدوا هذا الشيء للإسلام وأهله، ولكن الله غالبٌ على أمره.
  • وأمر آخر: من شكر هذه النّعمة- وهي أنَّ الله عزوجل سخر لنا هذا الهاتف- أنك تستطيع من خلاله، أن تصل رحمك ولو كان في آخر الدنيا، صوتاً وصورة، أنا أتذكر ونحن في بدايات العمل هنا يعني قبل نحو ثلاثين سنة، كنا نتواصل مع الناس في مصر والجزائر وفي أوروبا؛ حيث كانوا يراسلوننا، ويطلبون كتباً علمية ومطبوعات شرعية، فكنّا نضعها لهم في ظروف وطرود، وبعد ذلك نرسلها لهم للبريد وندفع رسوماً عليها، ثمّ تمكث أيامًا طويلة حتى تصل إليهم، فجهد كبير ومال كان يبذل لإيصال مطبوعاتنا وكتبنا لهم، أما الآن ففي ثوانٍ ترسل الكتب والمطبوعات لمن تشاء، وتصلك على الجهاز، ثم تستطيع أن تسحبها ورقياً أو تقرؤها على الشاشة، فهذه نِعم والله عظيمة، وتسهيل لطلب العلم والدّعوة

اللقاء مع العلماء ابن باز وابن عثيمين والألباني

  • شيخنا ماذا عن لقائكم بكبار العلماء مثل الشيخ: ابن باز وابن عثيمين والشيخ محمد ناصر الدين الألباني -عليهم رحمة الله؟ وهل مثلت هذه اللقاءات نقلة نوعية لكم؟
  • بحكم أننا في الكويت ونظرًا لانشغالنا هنا، فكان عادة اللقاء بالمشايخ يكون في رمضان، وفي مواسم الحج، -وبفضل الله عزوجل- الذي لا يعدّ ولا يحصى، يسر الله لنا حضور مجالس الذكر التي كان يلقيها الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في الحرم في مكة، فالشيخ رحمه الله تعالى كان له مجلسان يومياً في رمضان، مجلس بعد صلاة التراويح تقريبًا من الساعة 10 ونص للساعة 12 وكان على السطح في المسجد الحرام، والمجلس الثاني بعد صلاة الفجر أيضا ساعتان أو ساعة ونصف يومياً، فكانت هذه المجالس لا تفوتنا بفضل الله، وقد استفدنا استفادة عظيمة من هذه المجالس، من علم الشيخ وأدبه وأخلاقه.
وكان الشيخ أيضًا يرحّب بنا خاصة إذا زرناه، وكان يعلم أننا من أهل الكويت، فكان يقدّمنا على غيرنا، جزاه الله خيرًا وغفر له، وزرناه أكثر من مرّة في غرفته الخاصة في المسجد الحرام، وكنا نرافقه في الذهاب والرجوع أحيانًا، فقد كان يسكن بالقرب منا.  

رسالة مهمة في ظل الظروف التي تحيط بالأمة

  • لا شك أن الأوضاع التي تمر بها الأمة في بعض البلدان مؤلمة، وفي الوقت نفسه الإنسان يجد عجزاً في كثير من النواحي، لكن أملنا في الله -عزوجل- كبير، والله -سبحانه- فتح لنا أبواباً من النصرة للمستضعفين، وأهمّها الدعاء، فالدعاء من أعظم الأسباب، وهو الجند الذي لا يُغلب، والسلاح الذي لا يقهر، وهو أقوى من كل الأسباب فلا نغفل عنه.
وأيضًا من أسباب النّصر والتمكين: صلاح الإنسان المسلم في نفسه؛ فالإنسان المسلم اذا صلُح حاله مع الله، نَصَره الله، قال -تعالى-: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد:7)،  فإذا عاد المسلمون إلى دينهم، وعادوا إلى ربّهم وكتابه، وإلى سُنَّة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - فنصَروها وحكّموها في أنفسهم وأهليهم، وعملوا بها، ودعوا الناس إليها، فإنّ النصر قادمٌ لا محالة؛ لأن الله -عز وجل- لا يُخلف الميعاد، لكن إذا كنا بعيدين عن الله -عزوجل- وكنا مقصرين في حقّه، فلا شك أنّ هذا البلاء يكون عُقوبة من الله -تعالى- لنا، فتسليط الظالم قد يكون عقوبة؛ فالإنسان عليه بصدق التوبة إلى الله -تعالى- والاستغفار من التقصير، والعمل بما يرضي الله -عز وجل- ظاهراً وباطناً؛ فذلك كلّه من أسباب النّصر إن شاء الله -تعالى-، والشدّة لا تدوم، والعسر لا يبقى، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.

ماذا يحتاج الشباب في زماننا هذا؟

  • الشباب يحتاجون إلى مَنْ يهتم بهم، ويحتاجُون مَن يوليهم شيئاً من عنايته، ويعطيهم شيئاً من وقته واهتمامه، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل، هذا الذي ينقصنا في الحقيقة، فينقصنا دائمًا من يَستقطب هؤلاء الشباب، ويحاول أنْ يشغل أوقاتهم بما ينفعهم، وأن يكون على صلةٍ مباشرة دائمة بهم، من المدرسين والدعاة وغيرهم، ولا يخفاك أنّ الشباب المسلم اليوم هدفٌ لكثير من الأعداء؛ فأعداء المسلمين اليوم؛ وجدُوا ضالتهم مثلاً في وسائل التواصل، فصاروا يتواصلون مع الشباب، بل مع المسلمين جميعًا مع الكبير والصغير بإرسال المواد الصوتية والمرئية المفسدة والضارة من خلال وسائل التواصل؛ لذا فنحن نحتاج حقيقةً الى أنْ نُزاحم هذه الوسائل، وأن يكون لنا أثر فعّال فيها، وأن يكون لنا شيء من الجهد في إنقاذ هؤلاء الشباب، وشغل أوقاتهم بالنافع، والحمد لله جمعية إحياء التراث لها دور وعمل فعَّال في هذا الباب؛ فالمراكز الصيفية، والمراكز الشبابية، ومراكز تحفيظ القرآن وحلقات التحفيظ منتشرة في ربوع الكويت كلها، فعندنا مثلا بفرع صباح الناصر حلقة التحفيظ فيها العديد من الأنشطة، وفيها الرحلات الدعوية والأنشطة الترفيهية، وفيها المسابقات، حتى تشغل أوقات الشباب بالعلم النافع، والعمل الصالح، وتكون سندًا لهم، وقد لمس أولياء الأمور تحسن سلوك أبنائهم؛ بسبب الارتباط بهذه الحلقات، فولي الأمر عندما يرى ابنه مع الشيخ، ومع الموجه والمحفظ والمربي يطمئن ويسعد بذلك؛ لما يراه من آثار إيجابية على أبنائه.
 

مؤلفات الشيخ وتحقيقاته

 

مؤلفاته

1- النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى (3 مجلدات). 2- القول المختصر المبين في مناهج المفسرين 3- الكلمات البينات في أحكام حداد المؤمنات. 4- شرح العقيدة الطحاوية (مجلد). 5- ماالذي نرجوه من صيامنا. 6- قطف الأزهار في آداب الأسفار. 7- بشرى المخبتين بفضل الصبر والصابرين. 8- المخرج من الفتن والرد على أهل التكفي. 9- المواعظ السنية في رؤيا سيد البرية. 10- مسائل ورسائل تهم الأسرة والمجتمع رقم (صدر منه 6 أجزاء). 11- القول الثبت في صوم يوم السبت. 12- قطف الأزهار في آداب الأسفار. 13- الكلم المجموع في الهجر المشروع. 14- قاعدة نافعة فيما يعتصم به العبد من الشيطان. 15- اللقطات فيما يباح ويحرم من الأطعمة والمشروبات. 16- مسائل في الاعتصام بالكتاب والسنة وفهم سلف الأمة. 17- سؤال وجواب في الشهر الكريم. 18- مجالات عمل المرأة المعاصرة. 19- المخرج من الفتن (رد على أهل التكفير والخروج). 20- العقيدة السلفية تعريفها - فضلها - خصائصها. 21- فضل الحديث النبوي وشرف أهله.

تحقيقاته

1- حسن التحرير في تهذيب تفسير ابن كثير (4 مجلدات) 2- فيما ورد عن شفيع الخلق يوم القيامة أنه احتجم وأمر بالحجامة - للمحدث شهاب الدين البوصيري 3- كتاب العرش وما روي فيه - للحافظ أبي بكر بن أبي شيبة (تحقيق 4- الحسبة - لشيخ الإسلام ابن تيمية (تحقيق) 5- الوصية الكبرى -لشيخ الإسلام ابن تيمية (تحقيق) 6- إبطال وحدة الوجود - لشيخ الإسلام ابن تيمية (تحقيق) 7- مناظرة في القرآن العظيم - للإمام ابن قدامة المقدسي (تحقيق) 8- كتاب الورع - للحافظ أبي بكر بن أبي الدنيا (تحقيق) 9- النبذ في أصول الفقه - للإمام الفقيه ابن حزم (تحقيق) 10- المرأة المسلمة والحجاب - للشيخ عبدالله آل السند (تحقيق) 11- الكوثري وتعلقياته - للشيخ محمد البيطار (تعليق) 12- إبطال التأويلات لأخبار الصفات للقاضي أبي يعلى الحنبلي (تحقيق) صدر منه مجلدان 13- نبذ من آداب المعلمين والمتعلمين (تعليق) 14- الحب في الميزان - (تهذيب روضة المحبين) للإمام ابن القيم . 15- شرح صحيح الكلم الطيب.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك