
تداعي الأمم علينا!
قال الله -تعالى-: {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.
تشابكت حلقات الكيد في سلاسل المؤامرة، لتمثل منظومة شمطاء من العداء المعلن والمكر المبطّن في تآمر رهيب من القوى العالمية، كان من أبرز إفرازاته إبادة المسلمين وإخراجهم من ديارهم واستبدال آخرين، وإقصاء دولنا عنهم تحت مسوغ شأن داخلي واستخدام الفيتو، وتكذيب الصور التي تدين إرهابهم وتورطهم، ورفع شعارات قومية، والمساندة من بعض الذين تلطخت أيديهم بالدماء، وضعف واقعنا العسكري، وانشغال الدول الإقليمية بالواقع المرير، والانهيار الاقتصادي والطرح من خلال نعرات حزبية وطائفية، وذلك لعمر الحق بتر لها عن قوتها المحركة وطاقتها الدافعة المؤثرة حتى تاهت القضية في دهاليز الشعارات، والتواء المسارات، وظلام المفاوضات، ودياجير المساومات، وأنفاق المراوغات في معايير منتكسة، وموازين منعكسة، ومكاييل مزدوجة، تسوّي بين أصحاب الحقوق المشروعة والادعاءات الممنوعة، حتى خُيّل لبعض المنهزمين أن القضية غامضة شائكة لغياب التأصيل العقدي والشرعي لهذه القضية، أولسنا أمة لها مصادرها الشرعية وثوابتها العقدية وحقوقها التاريخية.
إنها سلسلة متصلة من اللؤم والمكر والعناد والبغي والشر والفساد {ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين}، حلقات من الغدر والكيد والخسة والدناءة
يريدون إبادة أهل التوحيد والقرآن، تلك أطماعهم ومؤامراتهم، ولعل ما شهدته الساحة السورية هذه الأيام من مشاهد مرعبة ومآس مروعة؛ حيث المجاز، والصواريخ، والكيماوي، وأسلحة محرمة مع شعب أعزل؛ فتحولت المناطق إلى جثث وجماجم، حصار وتشريد، تقتيل ودمار في حرب إبادة بشعة وانتهاك صارخ للقيم الإنسانية، وممارسة إرهاب الدولة الذي تقوم به تلك الدول المحتلة المجرمة؛ مما لم ينسه التاريخ، بل يسجله بمداد قاتم تسطره دماء الأبرياء، الذين رويت الأرض بمسك دمائهم من إخواننا وأخواتنا على أرض الشام، عشرات المساجد دمرت، ومئات البيوت هدمت، وآلاف الأنفس أزهقت، كم من نساء أُهينت، وأطفال يُتّمت، ومقابر جماعية أُقيمت؛ فإلى متى الذل والمهانة، والضعف والهزيمة والاستسلام؟ أما آن لهذا الهوان أن ينتهي، وللضعف والذل أن ينقضي، والليل الطويل أن ينجلي؛ فهل تفيق أمتنا من ثُباتها؟
كل ذلك يحدث على مسمع من العالم ومرأى، وكأن المسلمين لا بواكي لهم، أين العالم بهيئاته ومنظماته؟ أين هم من بكاء الثكالى، وصراخ اليتامى، وأنين الأرامل، واغتصاب الأرض، وتدنيس العرض؟ أين شعارات حقوق الإنسان ومنظماته؟ ماذا يريد الضمير العالمي؟
إن من واجب المسلمين الوقوف مع إخوانهم في العقيدة في سوريا الشموخ وغيرها ودعمهم ماديا ومعنويا بالإنفاق في سبيل الله؛ فالجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس في كثير من آي الكتاب وسنة النبي الأواب - صلى الله عليه وسلم -؛ كما لا يخفى على أولي الألباب {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم}، وقال صلى الله عليه وسلم : «جاهدوا المشركين بألسنتكم وأموالكم وأنفسكم».
لعل اللبنة الأولى في مواجهة هذا الصراع مع العدو الغاشم هي العودة إلى الذات، إصلاح بناء الأمة من الداخل، اعتصامها بحبل الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والوقوف صفا واحدا أمام العدو المتربص، والتفطن للعدو من الصديق.
فقد أنجبت هذه المخططات نوابت في بلاد المسلمين ترفض الشريعة، وتعبث بالأخلاق والقيم، سُخرت أقلام وأفلام ووسائل إعلام لخدمة هذه المخططات الآثمة، وفي الأمة من لا يزال سادرا في غيه وضلاله يثبط ويخذل، وآخرون في الأمة أشتات متناثرون لعبت بهم الفرقة والخلافات والأهواء واكتوت قلوبهم بالحسد والبغضاء
لا يسترد مجد ولا يطلب نصر إلا بالسير على خطى سلف هذه الأمة؛ فلن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وإن التفريط في الثوابت ودخول النقص على الأفراد والمجتمعات في عقيدتها وقيمها وأخلاقها وفضائلها؛ سبب لحلول الهزائم في الأمم والانتكاسات في الشعوب والمجتمعات؛ فلن تحرر أراضي الأمة إلا بالقيام بما أمر الله به ووصى، ولن تسترد المقدسات إلا برعاية العقيدة والشريعة والمكرمات في محافظة على سياج الفضائل، ومجانبة للشرور والرذائل في محافظة على قيم أبناء المسلمين ومجانبتهم دسائس الباطنية، ومسالك الشر، والفساد، والطغيان، والله أسأل أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يهيئ لهم من أمرهم رشدا، إنه جواد كريم.
لاتوجد تعليقات