رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 29 يوليو، 2024 0 تعليق

باب تحت العشرين – 1227

مفهوم العبادة

العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله، والعبادة تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له؛ فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء .

حاجة الشباب إلى منهج الإسلام الصافي

من أهم الواجبات التي تقع على عاتق الشباب في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وتعدد فيه التيارات والفرق، البحث بدقة عن منهج الإسلام الصافي، منهج القرآن والسنة بفهم سلف الأمة؛ للخروج من هذه الفتن الحالكة المحيطة بهم. والأهواء والأفكار الباطلة من حولهم، والمغريات والمستغربات، من الشهوات والشبهات الباطلة؛ وذلك لأسباب منها: أن الشباب المسلم في حاجةٍ مُلحَّة وماسة إلى منهج يُصحح لهم عقائدهم وأخلاقهم، التي ربما يشوبها شيء من الشُّبهات والانحرافات؛ بسبب تعدُّد مناهج التربية، وربما تناقضها كثيراً، واضطرابها في عرض تصور صحيح عن مفاهيم العقيدة الإسلامية ومباحثها، وبيان سبل الوقاية من خطر الزيغ والانحراف عنها، ذلك أننا نرى حولنا من الفرق والمذاهب المختلفة والمتناقضة، وهي اتجاهات مُعادية ومحاربة للإسلام وشريعته، فمنها ما هو علماني مادي، ومنها ما هو فكري تصوري، ومنها ما هو وجودي إلحادي، ومنها ما هو متحلل إباحي، وهكذا مخاطر كثيرة ومتعددة المناهج والمعتقدات، ولا ريب أن العاصم من كل ذلك ملازمة منهج القرآن الصحيح الصافي، الذي جعله الله -تعالى- عصمةً من كل ضلالة وزيغ وفتنة، وفي متابعة السنة النبوية: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة: 15 - 16).

الصحبة الصالحة كنز لا ينفد

        مما يكسب الشباب الصلاح والتقوى، ويرقى بهم إلى مدارج القرب من الله -تعالى-، صحبة أهل الصدق والتقوى والحرص على مجالستهم، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة:119)، وقال -تعالى- أيضًا: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (الكهف: 28)، وقد أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة إلى ضرورة اختيار الجليس الصالح وصحبته، والبعد عن جلساء السوء وترك مصاحبتهم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة»، فالصحبة الصالحة كنز لا ينفد، وكلما كان صلاح الأصحاب أكبر، ازدادت ثمرات تلك الصحبة، وعظمت آثارها في مختلف المجالات.

احذروا يا شباب!

       على الشباب الحذر البالغ من مكر الأعداء بهم، والكيد لهم في الليل والنهار؛ بُغيةَ إفسادهم وإبعادهم عن حقيقة دينهم ومَحاسنه السامية؛ وما كل ذلك إلا ليتمكنوا من خلق أجيال تنتسب إلى الإسلام شَكلاً، ولا تعرفُ عن حقيقة الإسلام شيئًا يُذكر، وتتخلق بأخلاقه، ومن ثَمَّ تُحقق أمثال هذه الأجيال مآرب الأعداء، بلا جهد منهم ولا مَشقة ولا عناء، فتنقلب مَوازينُ الأخلاق والقيم في النفوس.

الاعتزاز بدين الإسلام

        من أهم ما يجب على الشباب في ظل الفتن المحيطة بهم أن يكونوا على يقين بأن الدين الإسلامي،  هو شريعة الله -تعالى- التي ارتضاها للناس كافة، فالإسلام هو المنهج التربوي الشامل، الكامل، والمحفوظ من كل تغيير، أو تحريف، أو تبديل، أو نقص، أو خلل، ولأنَّه المنهج المنزل من عند الله -تعالى- الذي يعلم النفسَ البشرية، ويعلم ما يهذبُها ويصلحها، ويعلم ما ينفعها ويضرها، ويعلم ما يهديها ويقومها، وما يغويها ويشقيها، ولأنَّه ليس من عند أفكار أو تصورات قاصرة، وليس من عند مناهج بشرية تُغلِّب النفسَ وشهواتِها على مرضاة ربها وموجدها، الذي أقام به وفيه كل مقومات البناء العقدي، والأخلاقي، والتعبُّدي، والحياتي، كلها على أحسن وأكمل وجوهِها، بل كان ذلك واقعًا مرئيًّا وبشريًّا، أقامه الله وجعله حقًّا في حياةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضوان الله عليهم - فحملوا هداياته وإشراقاتِه، وعلومه وأخلاقه، وتشريعاته الكاملة الشاملة، ففتحوا به الدنيا، ونالوا به حسن الثواب في الآخرة، فما أجله وأكرمه من منهج رَبَّاني محفوظ! {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9).

أخطاء يقع فيها الشباب

         وسائل الاتصال الحديثة جعَلَتِ العالم قريةً واحدة، وأصبح الناس متقاربين، وليس في هذا ضررٌ، بل فيه منفعةٌ، ولكن الضرر يكمُنُ في أن يتحوَّل التقارب إلى ذوبان، يفقد الناس معه دينهم وأخلاقَهم وتراثهم، وإن الكثير مِن شبابنا اليوم قد انصرف إلى تقليد أهل الباطل في شتى مجالات الحياة، وتركوا جوانبَ الخير المفيدة، وقد ترتب على ذلك آثارٌ سيئة على الشباب وعلى مجتمعهم؛ فاحذروا يا شباب من تقليد هؤلاء الذين يخالفون الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم !؛ فإنهم لن ينفعوكم يوم القيامة، وسوف يتبرَّؤون من أعمالكم، قال الله -تعالى-: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (الفرقان: 27 - 29).

أهمية العمل الصالح

        العمل الصالح هو الذي يمد المسلم بالهمة على مجاهدة نفسه والارتقاء بها في منازل التقوى والقرب من الله -تعالى-، وكلما ازداد تمسك الشاب بالفرائض ومسارعته إلى النوافل، كان ذلك زادًا له على تحقيق التقوى، أما إذا ترك بعض الطاعات أو تكاسل عن بعض النوافل، فإن زاده سيضعف، وجواده سيتعثر؛ ولذلك أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن القليل الدائم من العمل خير من الكثير المنقطع، فقال: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».

تدبر القرآن يورث الهدى

        قال الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: تدبر القرآن يورث الهدى، والنور الإلهي، واليقين والطمأنينة، قال -جلَّ وعلا-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (ص: 29)، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: «فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم، وتزيده يقينًا وطمأنينةً وشفاءً كما قال -جلَّ وعلا-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} (الإسراء: 82)».

حقيقة مفهوم الثقة بالنفس

         قال الشيخ عبد الرزاق عبدالمحسن البدر: من الأخطاء الشائعة الدعوة إلى الثّقة بالنّفس، والثقةُ في أصلها هي توكل، بل هي خلاصةُ التوكل ولبُّه، وهو لا يكون إلاّ بالله، وفي الدعاء المأثور: «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو؛ فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِى شَأْنِى كُلَّهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ». قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله في جواب من سأل عن قول من قال: تجب الثقة بالنفس؟- قال: «لا تجب ولا تجوز الثّقة بالنفس، في الحديث فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ».  

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك