رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 5 فبراير، 2024 0 تعليق

النصيحة وأنواعها

   

سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله

ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم».هذا الحديث العظيم الجليل يدل على عظم شأن النصيحة، وأنها الدين؛ لأن المسلمين متى تناصحوا فيما بينهم، وتعاونوا على البر والتقوى، وتواصوا بالحق والصبر عليه استقام أمرهم، وعلا شأنهم، واتحدت كلمتهم وصفهم، ونصرهم الله على عدوهم، ومتى تخاذلوا، وغش بعضهم بعضاً، وخان بعضهم بعضاً، تفرقت الكلمة، وتكدرت القلوب، وحصل التباغض والفرقة والاختلاف، ولهذا أرشدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النصيحة، فقال: «الدين النصيحة» والنصيحة هي الإخلاص في الأمور، وعدم الغش فيها أو الخيانة، أن يكون كل واحد ناصحاً في أعماله كلها، ناصحاً في عمله لله، وفي عمله في كتاب الله، وفي عمله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي عمله مع الأئمة والقادة، وفي عمله مع العامة، هكذا يكون المؤمن ناصحاً أينما كان، وفي أي عمل كان، الدين النصيحة، يقال: ذهبٌ ناصح، أي: خالص ليس فيه غش، ويقال: عسل ناصح، أي: مصفى ليس فيه شيء من الغش ولا من الشمع، فالمعنى: الدين الإخلاص والصدق والصفا في كل شيء من أمور العبد مع ربه، ومع القرآن، ومع السنة، ومع العامة ومع الخاصة.

معنى النصيحة لله ولكتابه ولرسوله

        فالنصيحة لله: الإخلاص في العمل، وأداء العمل كما شرع الله في جميع أعماله من صلاة وغيرها، أن يكون ناصحاً لله في كل أعماله في إيمانه بالله، وفي عبادته إياه، وفي جميع الأعمال التي شرعها الله -سبحانه وتعالى-، يؤديها كما أمر الله كاملة تامة، ليس فيها غش ولا خلل ولا نقص، بل يؤديها بغاية العناية والإخلاص والتمام والكمال، وهكذا ينصح في كتاب الله العزيز، بتدبره والعمل بما فيه، وتحليل حلاله وتحريم حرامه، وتنفيذ أوامره والانتهاء عن نواهيه، والاعتبار بأمثاله وقصصه إلى غير ذلك، والنصح في القرآن من جميع الوجوه. وهكذا النصح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أن يمتثل أوامره، وينتهي عن نواهيه، عن إيمانٍ به وتصديق، وعن اعتقاد أنه رسول الله حقا، وأن الواجب اتباعه والقيام بما شرع، عن إخلاص وصدق، وعن رغبة ورهبة وصفاء، لا عن غش وخيانة، ولا عن تفريط وإضاعة، بل يعمل بما أمر الله به ورسوله، إيمان المصدق والمخلص، هكذا المؤمن في أعماله كلها، يكون صادقاً مخلصاً، يعتني بعمله، وينقيه من كل عيب، من غش وخيانة وكذب وغير ذلك.

معنى النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم

        أما النصيحة لأئمة المسلمين: فبالنصح لهم من جهة طاعتهم بالمعروف، ومن جهة جمع الناس عليهم حتى يستقيموا على طاعتهم بالمعروف، ومن جهة الدعاء لهم بظهر الغيب، ومناصحتهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، بالأساليب الحسنة والطريقة التي تكون أقرب إلى النجاح، وهو مع ذلك يفعل ما يستطيع من كل ما يعين على جمع الشمل، ورأب الصدع، وتوحيد الصف، والتعاون على البر والتقوى مع ولاة الأمور، أمير بلده شيخ قبيلته محكمته، جميع من لهم شأن، يتعاون معهم بالنصح والتوجيه والإعانة على الخير، وغير هذا من وجوه التعاون الذي يترتب عليه صلاح المجتمع. وهكذا النصح للعامة، بنصيحتهم لله، وتعليمهم وإرشادهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، إلى غير هذا مما ينفع العامة ويعينهم على طاعة الله ورسوله. وهذا جماع الدين التناصح بين الجميع لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، من سلطان وأمير وقاضٍ، وداعية إلى الله -عز وجل-.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك