
المرأة والأسرة – 1263
هذه أخلاقنا وتلك عقيدتنا
المجتمع المسلم مترابط بفطرته وبأوامر دينه، فلا يوجد مجتمع على مر العصور به من التماسك والتآلف والترابط مثلما بين الأفراد في المجتمع المسلم، هذا الترابط والتكاتف بينته لنا أحاديث كثيرة من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم -، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه»، وقوله -صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وقوله -صلى الله عليه وسلم -: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة»، وقوله -صلى الله عليه وسلم -: «أحب الناس إلى الله -تعالى- أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله، -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة، أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة، شهرًا»، هذه المعاني العظيمة، والأخلاق الكريمة، جاء الإسلام ليؤكدها في أكثر من موطن وأكثر من موقف؛ ليبين أن هذا إنما هو من عقيدتنا ومن صميم أخلاق إسلامنا.
اشتري وقتك أيتها المسلمة
- إذا عرف الإنسان العاقل شرف شيء سارع إلى الإفادة منه، فالوقت ثمينٌ، فماذا أنت فاعلة بوقتك أيتها المسلمة؟
ابدئي باستغلال الوقت في أداء الحقوق التي عليك لله -تعالى-، والحقوق التي عليك للخلق، فانظري الواجبات من العبادات، وأضيفي إليها المستحبَّات فاعمليها، وانظري حق والديك، وحق زوجك، وحق أولادك، وحقَّ من وُلِّيْتَ أمره، فاقتطعي جزءًا من الوقت لإعطاء كل ذي حقٍّ حقَّه، قومي بأعمالك الدنيوية بقوة وأمانة من غير انشغال بها عن الآخرة، والحذر الحذر من البقاء بغير عمل مباح مع القدرة عليه! قال عمر - رضي الله عنه -: إني لأكره أن أرى الرجل سبهللًا، لا في عمل دنيا، ولا عمل آخرة.
مخالفات أسرية في بيوتنا
من المخالفات الأسرية في بيوتنا التوسع الكبير في المباحات والإسراف فيها؛ فواقعنا المعاصر يشهد توسعًا شديدًا في الأخذ بالمباحات من كثير من الناس، وذلك في مساكنهم ومآكلهم ومراكبهم ولباسهم... إلخ، وصاروا يتفاخرون ويتباهون بذلك، وأصبح بعضهم يقلّد بعضا حتى آل الأمر -وتحت مسايرة الواقع- ببعض الفقراء إلى أن يحمّلوا أنفسهم من الديون الكبيرة لأجل المباهاة ومسايرة الناس...! ولا يخفي ما في ذلك من ظلم النفس وتحميلها مالا تحتمل، أما الأغنياء الذين في مقدورهم التوسع في الأخذ بالمباحات دون اللجوء إلى الاستدانة، فالأصل في ذلك الإباحة إذا كان مصدر المال حلالًا وإنفاقه في حلال، ولكن يبقى أن التوسع الكبير في المباحات وإشغال التفكير بها وكيفية توفيرها، وصيانتها والمحافظة عليها... إلخ، كل هذا مما يأخذ من الوقت والتفكير حيزًا كبيرًا كان الأفضل توجيهه إلى ما ينفع في الآخرة، فالعمر قصير، ومتاع الدنيا قليل وزائل.
الأسرة ركيزة من ركائز المجتمع
إنّ الأسرة في الإسلام هي حاضنة المعاني الأخلاقية والقيم النبيلة؛ فالأسرة منبع معاني الرحمة والألفة والمودة والتناصح التي تسود بين أفرادها؛ ولهذا تعد الأسرة ركيزة من ركائز المجتمع الذي يصبو إلى التقدّم والرقي والازدهار
قواعد طاعة المرأة لزوجها
طاعة المرأة لزوجها ليست طاعة مطلقة، وإنما هي طاعة مقيدة بقيود ثلاثة:
- الأول: أنها لا تكون في أمر فيه مخالفة للشرع، فعن علي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: «لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف»، وعن يحيى القطان: «السمع والطاعة على المرء المسلم، فيما أحب أو كره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة»، فيحرم على المرأة أن تطيع زوجها في فعل محرم أو ترك واجب.
- القيد الثاني: أن تكون في استطاعة الزوجة ولا يلحقها ضرر، لقول الله -تعالى-: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة: 286)، وقوله -تعالى-: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (الحج: 78)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم -: «إنما الطاعة في المعروف»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار».
- والقيد الثالث: أنها لا تكون واجبة إلا في أمور النكاح وما يتعلق به، قال ابن نجيم الحنفي: المرأة لا يجب عليها طاعة الزوج في كل ما يأمر به، إنما ذلك فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه، خصوصًا إذا كان في أمره إضرار بها.
وننبه إلى أن الأصل في علاقة الزوجين إحسان العشرة، والتغافل عن الهفوات، والحرص على ما يجلب الألفة والمودة.
إعداد الأبناء لتحمل المسؤولية
يحتاج الأطفال إلى قواعد تساعدهم وتساهم في إعدادهم ليصبحوا بالغين متحملين للمسؤولية، وقادرين على مواجهة مواقف الحياة المختلفة؛ لذا عليك وضع قواعد لتعليم المهارات الحياتية التي تساعدهم على التصرف بطريقة أفضل بمجرد مغادرتهم المنزل إلى المدرسة ثم الجامعة ثم عائلتهم الصغيرة التي سيؤسسونها عندما يتزوجون، ومن أفضل الطرائق التي تساهم في التزام الأطفال بقوانين المنزل وقواعده، أن تكون الأم القدوة في طريقة الالتزام؛ حيث إنه من الضروري أن تلتزم الأم بالأشياء التي تطلبها من الأطفال؛ لأن الأطفال يتعلمون بالتقليد، وعندما يشاهد الأطفال التزام الأم بهذه القواعد فإنهم يلتزمون تبعا، ومن ذلك وضع قواعد حول إدارة المال وكيفية توفير الأموال وإنفاقها بحكمة، كذلك تكليف الأطفال بالأعمال المنزلية فرصة ليتعرفوا على واجباتهم وحقوقهم.
السعادة الأسرية
سعادة الأسرة المسلمة لا تتحقق إلا بالإيمان والعمل الصالح، {ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} (هود:65)، قال -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل:97)، وفي الخبر الصحيح: «قلب شاكر، ولسان ذاكر، وزوجة صالحة تعينك على أمر دينك ودنياك، خير ما اكتنز الناس».
مفاتيح الخير بين الزوجين
علمنا ديننا العظيم بعض مفاتيح الخير بين الزوجين للتواصل ومنع الجفاء:
1- البشاشة من الطرفين، فالوجه البشوش قادر على تغيير الأمر من حال إلى حال، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، فكيف لو كانت هذه الابتسامة من أحد الزوجين تجاه الآخر؟!
2- الحوار والمشورة في أحوال البيت والأولاد أو في أي شيء آخر، والمهم أن يتسع الصدر في حال الاستماع، ويبدي الاهتمام لرأي الطرف الآخر دون الرد بالكلمة الحادة أو الهزلية التي قد تفسد جوهر الحوار.
3- الهدية المتبادلة بين الزوجين ولو قليلة، والمتبادلة بينهم وبين الأبناء، فالهدية كما نصح رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - رسول للمحبة وقال فيها «تهادوا تحابوا».
4- اهتمام كل من الزوجين بالآخر، فلا تهتم الزوجة بالأبناء على حساب الزوج، ولا يفرط الزوج في بعض مسؤولياته الأسرية تجاه زوجته أو أبنائه أو ضيوفه أو أهل زوجته أو أقاربها أو غير ذلك.
5- عدم الإهمال من قبل أحد الزوجين في أداء حقوق الطرف الآخر، حتى لا يتصاعد الشعور بالجفاء.
لاتوجد تعليقات