
المرأة المسلمة – 1262
إنصاف القرآن للمرأة
أعطى القرآنُ العظيم المرأةَ جميعَ حقوقها، واعتنى بها ونجاها من ظلم الجاهلية، وأثبت لها حقوقًا في نواحٍ مختلفة، ما وُجِدَت في أي شرع من الشرائع، ولا قانون في أُمَّة من الأمم، ومن مظاهر هذا التكريم والإنصاف ما يلي:
1- التَّأكيد على حقِّها في الحياة مثل الرَّجل في قوله -تعالى-: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (النحل: 58- 59).
2- أَثْبَتَ لها حقَّ التَّملك، والتَّمتُّع بما كسبت من حلال مثل الرَّجلِ في قوله -تعالى-: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (النساء: 32).
4- أَثْبَتَ لها الكرامةَ عند الله - حال التَّقوى - مثل الرَّجل في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: 13).
5- صيانتها عمَّا يهدر كرامتها الإنسانيَّة، فلم يرض لها الكفر أو الشِّرك بالله، والتَّدنِّي بفطرتها إلى هذا الحدِّ الذي يُهدر كرامتها، وهي في هذا شريكُ الرَّجل، قال -تعالى-: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (الزمر: 7).
6- أثبت لها ثوابَ الأعمال مثل الرَّجل في قوله -تعالى-: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: 195).
7- ضَمِنَ لها حقَّها في الإرث مثل الرَّجل في قوله -تعالى-: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} (النساء: 7).
8- ضَمِنَ لها حقَّها في المهر، فقال -تعالى- آمرًا الرِّجال: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (النساء: 4).
9- حَرَّمَ على الرِّجال أَخْذَ مالها بغير حقٍّ في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} (النساء: 19).
11- حَثَّ الأزواجَ على الإحسان إليها بعد طلاقها - مراعاةً لحالتها النَّفسية والاجتماعية - في قوله -تعالى-: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (البقرة: 241).
الإحسان إلى البنات
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطَعمتُها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهن تمرة، ورفعت إلى فيها تمرةً لتأكلها، فاستطعَمتها ابنتاها، فشقَّت التمرة التي كانت تريد أن تأكُلها بينهما، فأعجبني شأنُها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتَقها بها من النار، يقول النووي - رحمه الله -: في هذا الحديث فضلُ الإحسان إلى البنات والنفقة عليهنَّ، والصبر عليهنَّ وعلى سائر أمورهنَّ.
أثر المرأة الصالحة على الأمَّة!
يتجلى جهد المرأة المسلمة العلمي والتربوي والدعوي في سائر العصور والأمصار الإسلامية، فمنهن مربيات الأئمة، ومنهن حافظات الحديث والسُنَّة، ومنهن ناصحات الأئمة، والناصرات للدعاة من الأمة، ومنهن مصلحات الأزواج، والداعيات إلى صحيح المنهاج، ومنهن الكريمات البارات بالوالدين، والمحسنات إلى الحجاج، فما أكرمهن في الأمة! وما أطيب أثرهن على الملة في الجملة!
أثر المرأة المسلمة في الدعوة إلى الله
كم كان لسارة زوج إبراهيم - عليهما السلام - من أثر في تثبيت إبراهيم -عليه السلام- وإعانته على مهام دعوته بحسن العشرة والقيام بالخدمة وحفظ الأمانة وكريم الإعانة، كما كانت امرأة فرعون المؤمنة الصابرة سببًا في إنقاذ موسى -عليه السلام- من القتل، وتربيته التربية الكريمة ومناصرته والدفاع عنه، وكانت من أول من آمن به وصبرت على صنوف الأذى من أجله ومن أجل رسالته ودعوته، وكانت نصرًا للمؤمنين به في قصر فرعون، وكم لمريم الصدِّيقة من أثر مبارك على ابنها النبي المبارك في تصديقه وتثبيته ومضي دعوته في قومه وصبره وجهاده؛ ولذا أثني الله -تعالى- عليها بالعفة والصديقية ودوام القنوت وشكر النعمة والتذكير بحق المنعم -سبحانه- إلى غير ذلك من فضائلها وكراماتها. وكان لصدِّيقة هذه الأمة الأولى خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- الأثر العظيم المبارك في أول أمر الإسلام في تثبيت النبي -صلى الله عليه وسلم - أول نبوته، وطمأنينته ومواساته وتفريغه لدعوته، وإعانته على همومه والصبر على أذى قومه؛ فبشره الله -عز وجل- وهي حية ترزق ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يذكرها مثنيًا عليها وبارًّا بها وواصلًا لرحمها؛ من أجل صدقها وتصديقها وكريم مواقفها وحسن رعايتها لزوجها وأولادها، وبذلها لمالها من أجل دينها.
المرأة المسلمة ومحاسبة النفس
حق على المرأة الصالحة ألا تغفل عن محاسبة نفسها، والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها، فكل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة، ومن الخسران الكبير إضاعة هذه الأنفاس، قال -تعالى-: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} (آل عمران:30)، فحاسبي نفسك أولًا على الفرائض؛ فإن كان فيها نقص فتداركيه بالقضاء أو الإصلاح، ثم حاسبيها على المناهي، فإن ارتكبت منها شيئًا، فتداركي ذلك بالتوبة والاستغفار والحسنات المكفرة لذلك، ثم حاسبي نفسك على الغفلة، فإن كانت قد غفلت عما خلقت له، فتداركي ذلك بالذكر والإقبال على الله، ثم حاسبيها بما تكلمت به، أو مشت إليه رجلاك، أو بطشت يداك، أو سمعت أذناك، ماذا أردت بهذا؟ ولم فعلتيه، ولمن فعلتيه؟ وعلى أي وجه كان؟ وكوني على ذلك حتى لقاء الله -تعالى-، فستفوزين بسبب هذه المحاسبة بالرضا والقبول - إن شاء الله - عند الله -عزوجل-.
من أسباب الطلاق
من أسباب الطلاق جهل كل واحد من الزوجين بحقوقه وواجباته، فيظن ما ليس بحق له حقا له، ويقصر في واجباته ولا يعلم أنها واجبات، فيكون الشقاق المؤدي إلى الطلاق، ولو علم كل واحد من الزوجين ما عليه من الواجبات فأداها، وما له من الحقوق فلم يتجاوزها، لقضي على كثير من الخلاف بين الزوجين، واستقامت حياتهما.
وقفة مع آية
قال ابن كثير -رحمه الله- عند تفسير قوله -تعالى-: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (النساء: 34): «{فَالصَّالِحَاتُ}: أي من النساء، {قَانِتَاتٌ} قال ابن عباس وغير واحد: «يعني مطيعات لأزواجهن»، {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} قال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غَيْبتِه في نفسها وماله، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير النساء امرأةٌ إذا نظَرتَ إليها سرَّتْك، وإذا أمَرتَها أطاعتْك، وإذا غِبتَ عنها حَفِظتْك في نفسها ومالك».
أخطار تواجه الأسرة المسلمة
من المخاطر التي تواجه الأسرة المسلمة، ضعف الدين وتضييع الأمانة، وإذا ضاع الإيمان فلا أمان، ولا دنيا لمن لم يحي دينا، وإذا كانت المرأة تنكح لجمالها ولمالها ولحسبها ولدينها، فإن الرسول - صلى اله عليه وسلم - أوصى بقوله: «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وحذر من المرأة السوء، وضعف الدين وتضييع الأمانة، والإعراض عن ذكر الله؛ لأن ذلك خطر عظيم يهدد الأسر بالضياع، وتضيع معه التربية النافعة للأسرة من بنين وبنات، وتنسى الأهداف الجليلة لقيام الأسرة المسلمة، وهو سبب لحياة الضنك والشقاء سواء كان ذلك من قبل الرجال أو النساء قال -تعالى-: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} (طه:124).
لاتوجد تعليقات