
الفشل الخفي!
- من أخطر الأشياء على الإنسان أن يظن أنه ناجح..، ثم يكتشف لاحقا أنه فاشل! وهذا النوع من الفشل يعود أثره على الشخص نفسه، أما النوع الأشد، والمرحلة الأخطر أن يبقى على فشله وخطئه، وينقل ما يظن أنه حق إلى الآخرين، فيصيبهم الفشل مثله! ولكنهم لا يعلمون أنهم على خطأ! والأخطر من هذا وذاك تلك المرحلة التي يعتقد فيها ذلك الشخص أن ما هو عليه من خطأ إنما هو من الدين الحق! فيحيا عليه ويموت من أجله.. ويوم القيامة يجد كل هذا وبالا عليه، ويُلقى بسببه في النار وبئس المصير..
- يصف الله - جل وعلا- هذه الحال في أكثر من آية من القرآن الكريم، ويحذرنا من هذا الوضع السيء، يقول - سبحانه وتعالى- للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - محذرا ومنذرا للناس: هل أخبركم بأخسر الناس أعمالا على الإطلاق؟: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (الكهف:103) ثم يبين فعل هؤلاء فيخبر - سبحانه وتعالى - أنهم {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَاْ} (الكهف:104) أي: بطل واضمحل كل ما عملوه من عمل، ومن ثم فإن المحصلة النهائية لا شيء!
- وعلى الرغم من بطلان عملهم إلا أنهم يظنون أنهم على خير! ويحسبون أنهم محسنون في عملهم هذا؛ ولذلك قال تعالى-: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (الكهف:104)، قال الطبري -رحمه الله-: «هم الذين لم يكن عملهم الذي عملوه في حياتهم الدنيا على هدى واستقامة، بل كان على جور وضلالة، وذلك أنهم عملوا بغير ما أمرهم الله به بل على كفر منهم به، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا» وقد أسماه الله الخسران المبين: أي الواضح الجلي، قال - تعالى- : {قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبينْ} (الزمر:15).
- ويوم القيامة الناس فريقان، فريقٌ هداه الله فهو على خير، وفريقٌ ضلّ بسبب اتخاذه الشياطين أعوانا وأولياء؛ فانقلبت عليهم الحقائق، حتى ظنوا الباطل حقا والحق باطلا، وبسبب ظنهم الخطأ بأنهم على حق؛ قال - تعالى -: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} (الأعراف:30).
- ولا يعني نجاحهم الدنيوي نجاحا أخرويا أبدا؛ فكثرة المال وزيادة القوة، لا تعني شيئا، بل قد تكون استدراجاً لهم وإمهالا؛ ليزدادوا إثما، وليتوفر عقابهم في الآخرة، قال - تعالى-: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} (الأنعام:44).
- وكثير ممن وقع في هذا الفشل -مع الأسف- لا يكتشف أنه على ضلالة إلا بعد فوات الأوان، قال -تعالى-: {قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا} (مريم: 75)، قال السعدي -رحمه الله-: حينئذ يتبين لهم بطلان دعواهم، ويتيقنون أنهم أهل الشر، ولكن لا يفيدهم هذا العلم شيئًا.
لاتوجد تعليقات