رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان 18 سبتمبر، 2023 0 تعليق

العلماء.. نصيحـة حـول الـزلازل

  • ابن باز: الواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفيضانات البدار بالتوبة إلى الله عز وجل والضراعة إليه وسؤاله العافية والإكثار من ذكره واستغفاره
  •  ابن عثيمين: صاحب الهدم يعني الذي ينهدم عليه البيت فيهلِك سواءٌ كان الانهدام لكثرة السيول أم بخلل البيت أم بالزّلازل يكون شهيداً
 

قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز: « فإن الله -عز وجل- حكيم عليم فيما يقضيه ويقدره، كما أنه حكيم عليم فيما شرعه وأمر به، وهو -عز وجل- يخلق ما يشاء من الآيات، ويقدرها تخويفا لعباده وتذكيرا لهم بما يجب عليهم من حقه، وتحذيرا لهم من الشرك به ومخالفة أمره وارتكاب نهيه، كما قال الله -عز وجل-: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا} (سورة الإسراء:59)، وقال -عز وجل-: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (سورة فصلت:53)، وقال -تعالى-: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} (سورة الأنعام:65) الآية.

  • وروى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال -لما نزل قول الله -تعالى-: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}-، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعوذ بوجهك»، قال: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: «أعوذ بوجهك». وروى أبو الشيخ الأصبهاني عن مجاهد في تفسير هذه الآية: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قال: الصيحة والحجارة والريح. {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} قال: الرجفة والخسف».
  • ولا شك أن ما حصل من الزلازل في هذه الأيام في جهات كثيرة هو من جملة الآيات التي يخوف الله بها - عز وجل - عباده، وكل ما يحدث في الوجود من الزلازل وغيرها مما يضر العباد ويسبب لهم أنواعاً من الأذى، كله بأسباب الشرك والمعاصي، كما قال الله -عز وجل-: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (سورة الشورى:30)، وقال -تعالى-: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (سورة النساء:79)، وقال -تعالى عن الأمم الماضية-: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (سورة العنكبوت:40).
  • فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين وغيرهم، التوبة إلى الله -عز وجل-، والاستقامة على دينه، والحذر من كل ما نهى عنه من الشرك والمعاصي، حتى تحصل لهم العافية والنجاة في الدنيا والآخرة من جميع الشرور، وحتى يدفع الله عنهم كل بلاء، ويمنحهم كل خير، كما قال -عز وجل-: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(سورة الأعراف:96)، وقال -تعالى في أهل الكتاب-: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}(سورة المائدة:66)، وقال -تعالى-: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}(سورة الأعراف:97-99).
  • وقال العلامة ابن القيم -رحمه الله- ما نصه: «وقد يأذن الله -عز وجل- للأرض في بعض الأحيان بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية، والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله -عز وجل-، والندم».
  • وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه  وقد زلزلت المدينة، فخطبهم ووعظهم- وقال: «لئن عادت لا أساكنكم فيها». والآثار في هذا المقام عن السلف كثيرة.
  • فالواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفيضانات البدار بالتوبة إلى الله - عز وجل -، والضراعة إليه وسؤاله العافية، والإكثار من ذكره واستغفاره كما قال - صلى الله عليه وسلم - عند الكسوف: «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره». ويستحب أيضاً رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «ارحموا ترحموا»، «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من لا يرحم لا يرحم». وروي عن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدقوا.
  • ومن أسباب العافية والسلامة من كل سوء، مبادرة ولاة الأمور بالأخذ على أيدي السفهاء، وإلزامهم بالحق وتحكيم شرع الله فيهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال - عز وجل -: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (سورة التوبة:71)، وقال - عز وجل -،: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (سورة الحج:40-41)، وقال -عز وجل-: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (سورة الطلاق:2-3)... والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» متفق على صحته، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه» رواه مسلم في صحيحه. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
  • والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يمنحهم الاستقامة عليه، والتوبة إلى الله من جميع الذنوب، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين جميعاً، وأن ينصر بهم الحق، وأن يخذل بهم الباطل، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده، وأن يعيذهم وجميع المسلمين من مضلات الفتن، ونزغات الشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ضحايا الزلزال.. شهداء

  • عنْ أبي هُرَيْرةَ، - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه» (متفقٌ عليهِ). وعنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «مَا تَعُدُّونَ الشهداءَ فِيكُم؟ قالُوا: يَا رسُولِ اللَّهِ، مَنْ قُتِل في سَبيلِ اللَّه فَهُو شهيدٌ. قَالَ: إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقلِيلٌ» قالُوا: فَمنْ يَا رسُول اللَّه؟ قَالَ: منْ قُتِل في سبيلِ اللَّه فهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في سَبيلِ اللَّه فهُو شهيدٌ، ومنْ ماتَ في الطَّاعُون فَهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في البطنِ فَهُو شَهيدٌ، والغَريقُ شَهيدٌ» رواهُ مسلمٌ.
  • هل يدخل موتى الزلزال في «صاحب الهدم»؟ الغالب يكون هدم، لأنه أصابه الهدم، أما صوت الزلزلة ما ورد في هذا شيء، صوت الزلزلة وصوت الرعد إذا ارتاع، والصاعقة، أما إذا سقط عليه السقف فهذا من جنس صاحب الهدم، سواء سقط عليه السقف أو الجدار فهذا يدخل في قوله: صاحب الهدم، أو هذا الذي أصابه دعسة السيارة، يتصادمون، أو تنقلب. (ابن باز).
  • أما: صاحب الهدم، يعني: الذي ينهدم عليه البيت فيهلِك، سواءٌ كان الانهدام لكثرة السيول، أم بخلل البيت، أم بالزّلازل، يكون شهيداً (ابن عثيمين).
   

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك