
العدوان الغاشم على غزة.. ومأزق المؤسسة العسكرية الصهيونية
أحداث جديدة تشهدها غزة إثر القصف الصهيوني الغاشم وغير المسوّغ عليها؛ يأتي هذا القصف في ظل التزام حماس الكامل بالتهدئة التي أبرمت مع الكيان المغتصب منذ فترة، مما أثار تساؤلات عدة عن السبب الحقيقي لهذا العدوان، وقد حاول عدد من المحللين والمراقبين ربط دوافع هذا العدوان بما يحدث في المنطقة العربية من تغيرات سواء في سوريا أم في مصر على وجه الخصوص، ودون التعرض لهذه التحليلات وتفصيلاتها، إلا أن هذا العدوان برغم وحشيته وضع المؤسسة العسكرية الصهيونية في مأزق وحرج بالغين، ولاسيما بعد ردة فعل الجانب المصري على الأحداث؛ مما مثل نقلة نوعية في موقف القيادة السياسية المصرية تجاه اليهود مقارنة بمواقفها السابقة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وكذلك النقلة النوعية التي ظهرت عليها المقاومة الفلسطينية المسلحة في التعامل مع العدوان والتصدي له، والحق يقال ودون مبالغة فإنه لأول مرة يتكبد العدو الصهيوني خسائر بهذا الحجم في مواجهته مع المقاومة الفلسطينية.
ومع تطور الأحداث بهذه الصورة، يبقي السؤال الأهم: هل تورطت إسرائيل في هذه العملية الهمجية، وهل وجدت نفسها في مأزق قد يضطرها للندم على الإقدام على مثل هذه الخطوة؟ هذا هو السؤال الأهم.!!
نقلة نوعيٍة للمقاومة الـمسلحة
جاءت ردود فعل المقاومة الفلسطينية المسلحة على العدوان الصهيوني مؤكدة للتقارير الصهيونية التي صدرت من فترة تحذر من امتلاك المقاومة لأسلحة متطورة، منها تقرير لـ»(مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب) الذي أكد أنه تم رصد تطوير وتحسين مستوى الصواريخ المضادة للمدرعات التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية، كما أكد التقرير على أن تنظيمات المقاومة في غزة حصلت على منظومة صواريخ موجهة مضادة للمدرعات وذات قدرة اختراق عالية جدًا من بينها الصاروخ الروسي نوع «كورنيت Kornet» الذي يستخدم نظام التوجيه الليزري للتصويب وإصابة الهدف.
صواريخ مضادة للطائرات
كذلك فإن إسقاط طائرة إف 16 لم يكن مفاجئًا للمؤسسة العسكرية الصهيونية؛ حيث نشرت صحيفة (هآرتس) الصهيونية قبل فترة تقريرًا لمحلل الشؤون العسكرية (عاموس هرئيل)، قال فيه إن هناك قلقاً متصاعداً لدى منظومة الأمن الصهيونية من جودة الصواريخ المتطورة المضادة للطائرات التي بحوزة المقاومة في قطاع غزة، وتحدثت التقارير اليهودية أن المقاومة في غزة نجحت في الحصول على صواريخ من طرازGrinch SA - 24 الروسية الصنع وهي تعرف أيضًا باسم صواريخ Igla – S التي تعادل صورايخ ستينجر Stinger الأمريكية الصنع التي تحمل على الكتف، وأن هذا النوع من الصواريخ قد صمم لضرب الطائرات المقاتلة والمروحيات على ارتفاع 11 ألف قدم، كما أكدت التقارير على امتلاك المقاومة لصواريخ الدفاع الجوي المحمولة على الكتف من نوع Manpads، وأن هذه الصواريخ تمنح تنظيمات المقاومة ميزة جديدة لم تكن لديها في السابق.
راجمة الموت SK8
وتشير التقارير اليهودية أن حركة الجهاد الإسلامي حصلت على راجمات صواريخ ذات صناعة روسية مكونة من 30 أو 40 فوّهة، وأنه لدى الجهاد نوعان من الصواريخ فجر 1، و فجر 5 ويصل مداه إلى 110 كيلومتر، وفجر 3 ويصل حتى 60 كيلومتر، هذا الصاروخ يستطيع أن يصل إلى المناطق الموجودة بين منطقة (رحوفوت) و(تل أبيب) أي أكثر التجمعات السكانية الصهيونية.
تـحذير صهيوني
وفي هذا الإطار حذر (أليكس فيشمان) المحلل الصهيوني في صحيفة (يديعوت أحرونوت) القيادات اليهودية قائلاً: «على دولة إسرائيل أن تأخذ في الحسبان بأن عملية عسكرية واسعة ستدفع حماس والجهاد الإسلامي إلى امتشاق سلاحهما الاستراتيجي في قطاع غزة؛ يوجد اليوم بضع مئات من الصواريخ طراز «فجر 5» التي تصل – في الأجواء الجوية المناسبة – إلى مدى أكثر من 75 كم، والمعنى: كل الأهداف المحتملة حتى شمالي (هرتسليا)، على القيادة السياسية أن تأخذ في الحسبان بأن حرب الصواريخ من شأنها أن تنتشر نحو (غوش دان) أيضًا».
رعب وهلع في الكيان الصهيوني
في هذا السياق الذي قدمنا له وبرغم الخسائر الفادحة التي تعرضت لها غزة، التي لم تكن من وجهة نظري مفاجأة من عدو صهيوني عرف عنه الغدر والخيانة ونقد العهود، وبرغم استمرار تلك العمليات التي يحاول فيها العدو كعادته التغطية على فشله الذريع في عملياته العسكرية، إلا أن حالة من الهلع والرعب والفزع تنتشر داخل المستوطنات اليهودية وداخل الكيان اليهودي كله نتيجة ردة فعل المقاومة المسلحة.
إسقاط طائرة واستهداف مبنى الكنيست
كان من أهم العمليات التي قامت بها المقاومة وأحدثت حالة من الهلع في الأوساط اليهودية، إطلاق صاروخ بعيد المدى صوب مبنى الكنيست الإسرائيلي، وهذه هي المرة الأولى التي يستهدف فيها هذا المبنى، وقالت وكالات الأنباء إن إسرائيل قامت بإخلاء المبنى وتم إنزال وزير الدفاع إيهود باراك وبرلمانيين إلى الملاجئ بعد إطلاق الصاروخ.
كما أعلنت حماس عن إسقاط طائرة إسرائيلية إف 16 في وسط قطاع غزة موضحة أن مقاتليها قاموا بالبحث عن حطام الطائرة فيما كثفت القوات الإسرائيلية قصفها لمنعهم من الاستيلاء على حطامها.
كما أكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن إطلاق صواريخ على تل أبيب أمر لا سابق له ويشكل مرحلة جديدة في التصعيد، وأن الجانب الآخر يجب أن يدفع الثمن، فيما أجمع المحللون أن إسرائيل في حاجة إلى نجاح لتعويض آثار الهجوم على عاصمتها.
صاروخ قسام باتـجاه القدس
كما أعلن الجناح العسكري لحركة حماس عن إطلاق صاروخ قسام باتجاه مدينة القدس، التي تبعد أكثر من 75 كيلومتراً عن قطاع غزة، وأعلنت مصادر طبية إسرائيلية إصابة عشرات المستوطنين بينهم إصابات حرجة في عسقلان، وقد اعترفت مصادر يهودية بقولها: حماس أدهشتنا، وصاروخ «مقاومة» M 75 الذي أعلنت عن إطلاقه لا يعرف مسؤولونا الأمنيون عنه شيئًا.
الـمجتمع الصهيوني مجتمع هش
وأخيرًا: أشار الكاتب الأمريكي (أرون كلاين) في تصريح له قائلاً: «صافرات الإنذار تنطلق في تل أبيب، أعرف أين سقط الصاروخ، وطلبوا أن أتكتم على الموضوع، لكنه موقع ذو أهمية كبيرة»، وهذا التصريح إن دل على شيء فإنما يدل على الأضرار البالغة التي أحدثتها المقاومة في العمق اليهودي، وهو ما يتم التستر عليه من قبل هذا الكيان.
لذلك نقول: إن هذه الأحداث برغم بشاعتها ووحشيتها إلا أنها رسمت شكلاً جديدًا من أشكال الصراع مع العدو الصهيوني المغتصب، ومن أهم الفوائد التي لابد أن نخرج بها من هذا الحدث هي أن المجتمع الصهيوني مجتمع هش مرعوب مصدوم مفزوع، لا يمكنه أن يحيا بلا ملاجئ، ولا مخابئ، حقًا ويقينًا، وأنه بإذن الله لا مستقبل له على هذه الأرض المباركة، وأنه مهما بلغ التضييق على المقاومة المسلحة في الداخل والخارج، فإنها قادرة على أن تذيق هذا الكيان مرارة الألم، وأن تضربه في العمق، برغم إمكانياتها المحدودة، فماذا لو مُكنت المقاومة من التسليح المناسب، بل ماذا لو اجتمع الشمل العربي ورجعت الأمة إلى ربها، وتوحدت جهودها وأهدافها، هل سيكون هناك كيان صهيوني مغتصب يعربد هذه العربدة؟
لاتوجد تعليقات