رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 15 أبريل، 2025 0 تعليق

الزكاة ركيزة أساسية في تنمية المجتمع

  • الزكاة دليلٌ على صحَّة إيمان المزكِّي وعلامة على تصديقه بأحكام الله وقَبوله له ورجائه لِمَا وعَد الله المطيعين المنفقين
  • تساعد الزكاة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن طريق زيادة الإنتاج والاستثمار والتوظيف من خلال مساهمتها في محاربة مشكلات البطالة والتضخم
  • مصارف الزكاة التي يجب أن تصرف فيها ثمانية بيَّنها الله تعالى في القرآن الكريم بيانًا شافيًا وأخبر عزوجل أن ذلك فريضة وأنه مبني على العلم والحكمة
  • في إخراج الزكاة تطهيرُ المال من حقوق الْخَلق فيه ولا سيما ضعفاؤهم ومساكينهم ونحوهم ممَّن لهم حقٌّ فيه من أهل الزكاة
  • إن نجاح الزكاة في التقليل من التفاوت الطبقي من شأنه أن يخلق جوا من الأمن والطمأنينة يسود المجتمع ويزيل ما يكون قد ترسب في النفوس من حقد أو حسد بين طبقاته
  • الزكاة تسد حاجة الفقراء والمساكين وتغنيهم عن ذُلِّ السؤال والتطلُّع إلى ما في أيدي الْخَلق وفي ذلك صيانة وجوههم وإعفاء نفوسهم وحِفْظ كرامتهم
  •  تشريع الزكاة من محاسن الدِّين الإسلامي الحنيف الذي جاء بكلِّ ما من شأْنه غرْس المودَّة والرحمة بين المؤمنين وتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع المسلم

إعداد: وائل سلامة - عمرو عبدالنعيم

تُعد الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وركنًا أساسيًا في النظام الاقتصادي الإسلامي؛ إذ شرعها الله -تعالى- لحكمة عظيمة، وجعلها وسيلة فعّالة لتحقيق التكافل الاجتماعي. فقد قال -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (البقرة: 43)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بُني الإسلام على خمس... وذكر منها إيتاء الزكاة»؛ فالزكاة ليست مجرد عبادة مالية، بل نظام متكامل يسهم في محاربة الفقر والبطالة، ويعزز الاستقرار المجتمعي؛ حيث قال -تعالى- أيضًا في بيان مصارفها: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ...} (التوبة: 60)، وهو ما يشير إلى دورها التنموي في دعم الفئات المحتاجة وتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم؛ ولهذا فإن تفعيل دور الزكاة بطريقة منظمة يسهم في تحقيق التنمية المجتمعية المستدامة، ويعزز روح الانتماء والمسؤولية بين أفراد المجتمع.

أولاً: فضل الزكاة والحكمة من مشروعيتها

         تشريع الزكاة من محاسن الدِّين الإسلامي الحنيف، الذي جاء بكلِّ ما من شأْنه غرْس المودَّة والرحمة بين المؤمنين، وتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع المسلم، وإيجاب أسباب التراحُم والتعاطُف والتعاون على البِرِّ والتقوى، وقطْع دابرِ كلِّ شرٍّ يُهَدِّد الفضيلة والأمْن والرَّخَاء، فاشتملتْ تشريعاته الحكيمة على تقوية الإخاء بين مُعْتَنِقيه وتأليف القلوب، ونحو ذلك من مقومات سعادة الدنيا والآخرة، وصدَق الله العظيم؛ إذ يقول عن نفسه: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (الأنعام: 83)، ويقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة: 185)، ويقول: {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة: 117)، فشرَعَ الله -تعالى- الزكاة، لِمَا يترتَّب على إعطائها لأهْلها من المصالح العظيمة، والعواقب الحميدة، والآثار المبارَكة في الدنيا والآخرة، للمتصدِّق وللآخِذ، ومن ذلك:

الزكاة دليلٌ على صحَّة الإيمان

الزكاة دليلٌ على صحَّة إيمان المزكِّي، وعلامة على تصديقه بأحكام الله، وقَبوله له، ورجائه لِمَا وعَد الله المطيعين المنفقين من الثَّواب العظيم والأجْر الكريم؛ ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والصَّدَقة برهان».

الزكاة تطهر صاحبها

        الزكاة تزكِّي صاحبها، فتطهِّره من دَنَس الأخلاق الرذيلة كالبخل والشُّح، وتُنقِّيه من آثام الذنوب، وتَصْرِف عنه عقوباتها، فإنها من أعظم مُوجِبات مَحْو السيِّئات، وحطِّ الأوزار، ومَغفرة الذنوب، وصَرْف العقوبات، قال -تعالى-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (التوبة: 103).

أعظم أسباب قَضاء الحوائج

          الزكاة والصدقة من أعظم أسباب قَضاء الحوائج، وتفريج الكُربات، والسَّتر في الدنيا ويوم القيامة، لِمَا فيها من قضاء حاجة المحتاجين، وتفريج كُربات المكروبين، والتيسير على المعْسِرين، فإنَّ الجزاء من جِنْس العمل، وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلمٍ كُربة، فرَّج الله عنه بها كُربة من كُرب يوم القيامة، ومَن سَتَر مسلمًا، سَتَره الله يوم القيامة».

الفوز بثناء الله -تعالى-

        المتصدِّق ابتغاء مَرْضاة الله -تعالى- يفوز بثناء الله -تعالى- وما وَعَد به المتصدِّقين من الأجْر العظيم، وانتفاء الخوف والحزن، قال -تعالى-: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: 274).

من أعظم أسباب رحمة الله

        الزكاة من أعظم أسباب رحمة الله للعبد في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (النور: 56)، وقال -تعالى-: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} (الأعراف: 156)، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن لا يَرْحم الناس لا يَرحمه الله».

 تطهيرُ المال من حقوق الْخَلق

        في إخراج الزكاة تطهيرُ المال من حقوق الْخَلق فيه، وخاصَّة ضعفاءهم ومساكينهم، ونحوهم ممَّن لهم حقٌّ فيه من أهل الزكاة، وذلك من أسباب ذهاب الآفات عنه وحُلول البركة فيه، وبذلك ينمو وينتفع به صاحبه، ويذهب عنه شرُّه، روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أدَّى زكاة ماله، فقد ذَهَب عنه شرُّه».

 زيادة المال وتنميته

         زيادة المال وتنميته، فإنَّ الصدقة لا تنقص المال بل تَزيده، بأنْ يُخلف الله على المتصدِّق خيرًا مما أنفَقَ، ويُبارِك له فيما أبْقَى، قال -تعالى-: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ: 39)، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «قال الله -تعالى-: أنْفِقْ يا ابن آدم، يُنْفَق عليك»، وفي الصحيح أيضًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما نقصتْ صدقة من مالٍ».

إعانة للفقراء والمساكين

        الزكاة تسد حاجة الفقراء والمساكين وتغنيهم عن ذُلِّ السؤال والتطلُّع إلى ما في أيدي الْخَلق، وفي ذلك من صيانة وجوههم، وإعفاء نفوسهم، وحِفْظ كرامتهم، وإعانتهم على طاعة الله -تعالى- ما هو أعظم أنواع الإحسان إلى أولئك المساكين، وقد أخْبَرَ الله -سبحانه- عن نفسه بما يرغِّب كلَّ من عَرَف فضْلَ الإحسان، لعِظَم موقعه عند الله، وعِظَم ثوابه يوم لقائه، فقال -تعالى-: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: 195)، وقال: {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} (يوسف: 88)، وقال: {وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (يوسف: 56).

ثانيا: دور الزكاة في تحقيق التنمية الاجتماعية

ينتج عن إنفاق الزكاة آثار اجتماعية بالغة الأهمية تهيئ لكل عضو من أعضاء المجتمع أسباب الحياة الشريفة التي يستطيع القيام بحقوق الله وحقوق النفس إلى الكمال المطلوب والغاية المطلوبة من كل مسلم وهي كما يلي:

ترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية

         من أهم الأهداف التي تعمل على تحقيقها الزكاة، العمل على تقليل الفوارق الاجتماعية التي تتمثل في الحسد والضغائن التي يحملها الفقير للغني، بالإضافة إلى الكراهية، فإن شعور الغني عند إخراجه لفريضة الزكاة بالطهارة والتزكية وشعور الفقير عند أخذ نصيبه منها وأنها من الأغنياء فرضها الله عز وجل من أهم العوامل التي ترسخ مبدأ العدالة الاجتماعية.

وجود مجتمع متكافل ومتضامن

        تعد الزكاة أول نظام للتكافل الاجتماعي عرفه التاريخ، والتكافل الاجتماعي يوجب سد حاجات المحتاجين ممن لا يستطيعون القيام بالعمل، ومن أكبر مقاصدها إشاعة روح الوحدة والتعاون بين كافة أفراد المجتمع، بل لم تشرع إلا لسد حاجة الفقير ومن في حكمه، لذا حدد الشارع أصناف من تدفع لهم من ذوي الحاجات تضامنًا معهم في محنتهم، ورفع الحرج عنهم في المسألة، وتعزيزًا لروح الوحدة والاجتماع، حيث يمكن لمصارف الزكاة إقامة هذا التكافل في المجتمع الصغير في محيط القرية، أو حي المدينة، وذلك لأن الزكاة تصرف في البلد الذي جمعت فيه، كما يمكن أن تتعدى إلى التكامل الاجتماعي الدولي، لأنه إذا زادت أموال الزكاة عن حاجة البلد الذي جمعت فيه تنقل إلى غيره من البلاد المجاورة، لأن الإسلام يدعو المسلمين جميعا إلى الوحدة، ويعتبر أنهم جميعا تتكتل دمائهم ويسعى بذمتهم أدناهم و هم يد واحدة على من سواهم.

محاربة الفقر

        يعد الفقير أول مصرف من مصارف الزكاة وهذا يدل على أن الهدف الأول من الزكاة هو القضاء على الفقر والعوز ويستدل على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حيث وجهه إلى اليمن فقال: «أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم.» حيث نجد أن الإسلام اعتبر الفقر مرض اجتماعي خطير كما قال عليه الصلاة والسلام: «كاد الفقر أن يكون كفرا»، ونجد أن النظام المالي الإسلامي يهتم بالفقير ويحول دون تفشي أسباب الفقر بل ويعالجها ويبذل عناية خاصة ورعاية مطلقة للفقراء والمساكين، ففريضة الزكاة وطريقة توزيعها تجعل لكل فرد في الدولة حق عليها أن توفر له الحياة وفرصة العمل وأن ترعاه شيخا وعجوزا بما يقدم له من نصيبه في الزكاة.

المحافظة على الأمن العام للدولة

        إن نجاح الزكاة في التقليل من التفاوت الطبقي من شأنه أن يخلق جوا من الأمن والطمأنينة يسود المجتمع ويزيل ما يكون قد ترسب في النفوس من حقد أو حسد بين طبقاته، وقلة الجرائم وخاصة المالية منها، كما أن تحديد سهم من مصارف الزكاة للمؤلفة قلوبهم من شأنه تحقيق صالح المجتمع الإسلامي وتجنيبه شرور هؤلاء الذين لم يحسن إيمانهم وأخذهم عونا لخدمة الإسلام.

ثالثاً: دور المؤسسات الخيرية في تفعيل الزكاة

        مع تطور المجتمعات وتزايد أعداد المحتاجين، برز دور المؤسسات الخيرية بوصفها حلقة وصل فعّالة بين المزكّين والمستحقين، مما يسهم في تفعيل فريضة الزكاة بأسلوب منظم وفعّال؛ لذلك لابد من تسليط الضوء على الدور المحوري الذي تقوم به المؤسسات الخيرية في جمع الزكاة، وتوزيعها، وتطوير آليات الاستفادة منها بما يخدم التنمية المجتمعية. (1) جمع الزكاة وتنظيمها: توفّر المؤسسات الخيرية قنوات آمنة وميسرة لدفع الزكاة مثل التطبيقات الإلكترونية، والحسابات البنكية، كما تقوم بتنفيذ حملات توعوية في شهر رمضان والمواسم الأخرى لتعزيز أداء الزكاة. (2) التحقق من استحقاق المستفيدين: حيث تعتمد المؤسسات الخيرية على قواعد بيانات دقيقة، ومسوح ميدانية لتحديد الفئات التي تنطبق عليها مصارف الزكاة الثمانية، وهذا يمنع التكرار ويحقق العدالة في التوزيع. (3) توزيع الزكاة بطرائق تنموية: حيث لا تقتصر على تقديم المساعدات المباشرة، بل تدعم مشاريع تنموية صغيرة (مثل تمويل الأسر المنتجة)، وبعض المؤسسات تدرّب المستفيدين على المهارات المهنية لتمكينهم من الاعتماد على الذات. (4) نشر الوعي بأحكام الزكاة: وذلك من خلال المحاضرات، والكتيبات، والمحتوى الرقمي، وتوعية المزكّين بأهمية إخراج الزكاة لمستحقيها من خلال المؤسسات يرفع الثقة ويزيد التحصيل. (5) تعزيز الشفافية والمصداقية: حيث تُصدر المؤسسات الخيرية تقارير دورية توضح حجم الأموال المجموعة والمصروفة، كما أنها تستخدم التوثيق (صور، فيديو، شهادات) لعرض أثر الزكاة في حياة المستفيدين.

أبرز معوقات جمع الزكاة التي تواجهها المؤسسات الخيرية

مع ما تبذله المؤسسات الخيرية من جهود في جمع الزكاة وتوزيعها، إلا أن هناك معوقات متعددة تعترض سبيل تحقيق الاستفادة القصوى منها، ومن هنا تبرز الحاجة إلى دراسة هذه المعوقات بدقة، والعمل على وضع حلول عملية ومنهجية لمواجهتها.

أولا: معوقات تنظيمية وإدارية

  • ضعف التنسيق بين الجهات المعنية بالزكاة: مثل غياب الربط بين المؤسسات الخيرية وهيئات الزكاة الحكومية (إن وُجدت).
  • نقص الكوادر المؤهلة: عدم توفر موظفين مؤهلين شرعيا وإداريا لجمع الزكاة وتوزيعها.
  • غياب قاعدة بيانات دقيقة: مما يصعب حصر المستحقين وتوجيه الزكاة إليهم بكفاءة.
  • عدم وجود نظام إلكتروني متطور: يقلل من القدرة على التتبع والشفافية، ويؤثر على ثقة المتبرعين.
 

ثانيا: معوقات مالية واقتصادية

  • قلة وعي الناس بأهمية الزكاة بوصفها مصدرا تنمويا، مما يؤدي إلى ضعف التحصيل.
  • التنافس بين الجهات الخيرية: في جمع التبرعات والزكاة، مما يشتت الجهود.
  • عدم التفرقة بين الزكاة والصدقة: بعض المتبرعين لا يميزون بينهما، ويضعون الزكاة في غير موضعها.
  • عدم الثقة في بعض المؤسسات؛ بسبب ضعف الشفافية أو حالات سابقة من الفساد أو سوء الإدارة.
 

ثالثا: معوقات اجتماعية وثقافية

  • ضعف الوعي الشرعي لدى الناس حول وجوب الزكاة ومصارفها.
  • التحفظ الاجتماعي: فبعض الناس يفضل دفع الزكاة سرا أو مباشرة للمحتاجين، دون المرور بالمؤسسات.
  • المفاهيم الخطأ: مثل الاعتقاد أن الزكاة لا يجب أن تُعطى لمؤسسة بل مباشرة للفقراء.
 

رابعا: معوقات تشريعية وقانونية

  • غياب قوانين ملزمة تدعم المؤسسات في جمع الزكاة أو تُشجع الأفراد على أدائها عبر جهات موثوقة.
  • عدم وجود حوافز للمزكّين (مثل إعفاءات ضريبية أو مكافآت معنوية).
  • تعدد الفتاوى والاجتهادات مما يربك المزكي حول الجهة المستحقة وكيفية الدفع.

الحلول المقترحة لآليات جمع الزكاة وتوزيعها

تستهدف الحلول المقترحة التالية إلى تعزيز كفاءة جمع الزكاة، ورفع مستوى الثقة في المؤسسات الخيرية، وتوسيع دائرة المستفيدين منها، بما يحقق الأهداف الشرعية والاقتصادية والاجتماعية للزكاة في المجتمع.  

أولا: حلول المعوقات التنظيمية والإدارية

(1)  تعزيز التنسيق بين المؤسسات: ويتم ذلك من خلال إنشاء منصة موحدة تربط بين الجهات الخيرية والحكومية، ووضع نظام موحد لتسجيل المستفيدين وتوزيع الزكاة. (2)  تأهيل الكوادر: من الضروري تأهيل الكوادر العاملة في لجان الزكاة من خلال إقامة دورات تدريبية للموظفين في الجوانب الشرعية والإدارية، والتعاون مع الجامعات الشرعية لتخريج متخصصين في الزكاة. (3)  بناء قواعد بيانات دقيقة: من خلال عمل مسح ميداني شامل للمستحقين، واستخدام أنظمة ذكية لتحديث البيانات باستمرار. (4)  تطوير البنية الإلكترونية: من خلال إنشاء تطبيقات ذكية تسهّل عملية التبرع، وإصدار تقارير إلكترونية دورية لزيادة الشفافية.  

ثانيا: حلول المعوقات المالية والاقتصادية

(1) رفع الوعي المجتمعي: ويتم ذلك من خلال تنفيذ حملات إعلامية توضح الفرق بين الزكاة والصدقة، وتسليط الضوء على الأثر التنموي للزكاة في المجتمع. (2) تنظيم العمل الخيري: من خلال توحيد الجهود عبر مظلة تنسيقية للمؤسسات، ومنع تكرار الجهود أو تشتتها عبر نظام وطني موحد. (3) تعزيز ثقة الجمهور، وذلك من خلال نشر تقارير شفافة عن أوجه صرف الزكاة، والتوثيق بالفيديو أو الصور لأعمال التوزيع. (4) تبني نماذج ناجحة، ويتم ذلك من خلال الاستفادة من تجارب الدول التي لديها مؤسسات زكوية ناجحة.  

ثالثا: حلول المعوقات الاجتماعية والثقافية

(1)  عمل برامج توعية شرعية، من خلال استضافة علماء ومشايخ عبر وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية للحديث عن فقه الزكاة. (2)  احترام خصوصية المزكّين، من خلال توفير خيارات التبرع السرية والخصوصية في الدفع. (3)  تصحيح المفاهيم حول فريضة الزكاة ووجوبها، من خلال إنتاج مقاطع مرئية مبسطة توضح أهمية دفع الزكاة عبر جهات منظمة.  

رابعا: حلول المعوقات التشريعية والقانونية

(1) سنّ تشريعات داعمة، من خلال فرض تنظيمات تلزم الشركات والمؤسسات التجارية بدفع زكاتها عبر جهات معتمدة. (2) تقديم حوافز للشركات والأفراد والمؤسسات مثل إعفاءات ضريبية أو جوائز تقديرية للمزكّين. (3) توحيد الفتوى فيما يخص أحكام الزكاة، وتوحيد المرجعية الشرعية للمؤسسات، وتوضيح الفتاوى للجمهور عبر لجان شرعية موثوقة.

الأموال التي تجب فيها الزكاة تجب الزكاة في أربعة أشياء:

  • الأول: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار لقول الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}. (البقرة: 267)، وقوله -تعالى-: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}، (الأنعام: 141).
  • الثاني: الأثمان كالذهب والفضة والأوراق النقدية لقول الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. (التوبة: 34). وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يُؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحت له صفائح من نار فأحميَ عليها في نار جهنم فَيُكوى بها جَنبه وجَبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد»، والمراد بحقها الزكاة لأنه ورد في رواية أخرى: «ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته)، (رواه مسلم).
  • الثالث: عروض التجارة: وهي كل ما أُعِدَّ للتكسب والتجارة من عقار وحيوان وطعام وشراب وسيارات وغيرها من أصناف المال، فيقوِّمها صاحبها بما تساوي عند رأس الحول، ويُخرج رُبع عشر قيمتها سواء كانت قيمتها بقدر ثمنها الذي اشتراها به أقل أم أكثر، ويجب على أصحاب المحلات التجارية أهل البقالات والسيارات وقطع الغيار أن يُحصوا ما في محلاتهم من البضائع إحصاء دقيقًا شاملًا للصغير والكبير، ويُخرجوا زكاتها فإن شق عليهم ذلك احتاطوا وأخرجوا ما يكون به براءة ذممهم.
  • الرابع: بهيمة الأنعام: وهي الإبل والغنم من ضأن أو ماعز بشرط أن تكون سائمة وأُعِدَّت للدَّرِّ والنسل، وبلغت نصابًا، والسائمة هي التي ترعى العشب كل السنة أو أكثرها فإن لم تكن سائمة فلا زكاة فيها إلا أن تكون للتجارة، وإن أُعِدَّت للتكسب بالبيع والشراء فيها فهي عروض تجارة تُزكَّى زكاة العروض سواء كانت سائمة أو معلوفة إذا بلغت نصاب التجارة بنفسها أو بضمها إلى تجارته.

دور جوهري في تفعيل الزكاة

        تؤدي المؤسسات الخيرية دورا جوهريا في تفعيل فريضة الزكاة في العصر الحديث، من خلال جمعها بطرائق احترافية، وتوزيعها بعدل، وتقديم نماذج تنموية تخدم الفقراء والمحتاجين، ولكي تستمر هذه المؤسسات في أداء رسالتها بفعالية، لا بد من تذليل العقبات التي تواجهها، ودعمها على المستويات التشريعية والمجتمعية والتقنية كافة، حتى تتحقق مقاصد الزكاة في نشر الرحمة والعدالة والتنمية في المجتمع.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك