رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أحمد الشلقامي 8 مارس، 2015 0 تعليق

(الروهينجيا).. إحصاء السكان يستهدف محو تاريخهم

الحقوقي (سو ألبرت): عملية التعداد السكاني ستمنح ضباط الجيش المحلي الفرصة لاستخدامها في تنفيذ انتهاكات مثل الضرائب التعسفية والعمل القسري

في ديسمبر الماضي، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعو سلطات (ميانمار) منح الجنسية لأقلية الروهينجيا المسلمة أسوة ببقية المواطنين، وذلك باعتماد القرار بالإجماع من قبل الجمعية العامة التي تتمثل فيها 193 دولة، بعد شهر على المصادقة عليه أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية.

القرار السابق جاء في ظل زخم ردود الأفعال بشأن الإحصاء السكاني الذي قامت بإجرائه الحكومة الميانمارية في عام 2014م، بعد 30 عاماً على آخر إحصاء تم إجراؤه، هذا الإحصاء مثَّل العنوان الأبرز للانتهاكات التي سيتعرض لها (الروهينجيون) ربما لأعوام مقبلة، فقد أفرز الإحصاء نتيجة مفادها ألا وجود للروهينجيا رسمياً.

كيف تم ذلك؟

     الإحصاء شمل في استبيانه الأساسي 135 عرقية لم تتضمن ذكراً للروهينجيا، بل تم إجبارهم على أن يوقِّعوا على أنهم (بنغال)، وكان من اللافت أن الكثير من الروهينجيين برغم الضغط والقتل والتشريد رفضوا ذلك، وأكدوا -بحسب شهود عيان نقلت عنهم بعض الوكالات والمواقع الإخبارية- أنهم رفضوا التوقيع، وأصروا على هويتهم برغم التعنت من قبل السلطات؛ حيث قال وزير الدولة في (ميانمار) تعليقاً على الأمر: على السكان في آراكان احترام القانون في بلادنا، وإن الحكومة لن تقبل سوى طلبات الحصول على الجنسية من أولئك الذين يعترفون باسم البنغالية، وفقاً لقانون الجنسية لعام 1982م، وهو ما كان رسالة واضحة للروهينجيين المسلمين.

لماذا؟

     إن أخطر انتهاك يتعرض له أبناء (آركان) الآن هو محاولة السلطات الميانمارية الإجهاز على هويتهم ومحو تاريخهم وحضارتهم، فاسم (الروهينجيا) هو امتداد لتاريخ امتد لأكثر من 300 عام، والآن يتم هذا المحو عبر سياسات عدة؛ القتل والتشريد من أبرز صورها، والآن عبر قرارات حكومية يتم الإجهاز على هذا الاسم الذي يمثل هوية لهم.

أين المؤسسات الدولية؟

     في تقارير سابقة، استعرضنا أكثر من مرة مواقف المؤسسات الدولية تجاه قضية (الروهينجيا) التي لم تتجاوز الإدانة والشجب، لكن الأخطر هو مشاركة الأمم المتحدة في الإحصاء السكاني الذي كان أشبه بإقرار بالأمر.

     خطورة الإحصاء وجدت صداها على لسان مؤسسات دولية عدة، فهي تمثل تهديداً لمستقبل هذه الأقلية التي شرد أغلبها في دول مجاورة بوصفهم لاجئين يتمركزون أساساً في بنجلاديش، وهناك أكثر من 350 ألفاً، منهم فقط 30 ألف مسجلين رسمياً ولا تعترف بهم السلطات هناك؛ وبالتالي فالإحصاء الرسمي الذي يلغي هويتهم يعني أنهم في كل أرض بلا هوية ولا تاريخ، ففي تقرير أعده (يانجي لي)، المبعوث الخاص للأمم المتحدة، نقل فيه عن (فيل روبرتسون) من منظمة (هيومن رايتس ووتش) قوله: قضية الهوية بالنسبة للروهينجيا قضية مركزية.

     وفي تقرير لمجلة (النيوزويك)، ذكر أن الروهينجيا، رغم عيشهم في ميانمار لأجيال عديدة، لا يتم الاعتراف بأنهم مواطنون، وقد مُنعوا من التسجيل في الإحصاء السكاني الأخير هذا العام، إلا من وافق على تحديد هويته بأنه مهاجر من بنجلاديش، وأضاف التقرير أن سلطات ميانمار في أعلى مستوياتها تتحدث عن سياسات تجاه الروهينجيا ترقى إلى الجرائم ضد الإنسانية، وقالت: إن جميع شروط الإبادة ماثلة أمام الروهينجيا في ميانمار.

     والأخطر هو ما أوردته شبكة (إيرين) الإنسانية على موقعها على لسان (سو ألبرت)، المدير الميداني لجماعة حقوق الإنسان في ولاية كارين الذي قال: إن عملية التعداد السكاني ليست سيئة في حد ذاتها، لكن نتيجة لتجاربنا الماضية في العمل مع سكان القرى، فإن ضباط الجيش المحلي قد يستخدمون أعداد السكان لتنفيذ انتهاكات مثل الضرائب التعسفية والعمل القسري.

عشرات الأطفال (الروهينجيا) ضحايا الاتجار بتايلاند

     نقلت وكالات إخبارية عن الشرطة التايلاندية في يناير الماضي، أن عشرات الأطفال كانوا بين 98 شخصاً عُثر عليهم في شاحنات في جنوب تايلاند، بعد أن زادت السلطات نقاط التفتيش لمكافحة الاتجار في (الروهينجيا) المهربين من (ميانمار).

وقال (سومبورن تونجشي)، نائب مفتش الشرطة في مقاطعة (هوا ساي): إنه يجري استجواب سائقين تايلانديين للاشتباه في اتجارهما بالروهينجيا، وتهريبهم من غرب ميانمار.

     وطاردت الشرطة خمس عربات، منها ثلاث شاحنات صغيرة، عند نقطة تفتيش مقاطعة (هوا ساي) في إقليم (ناكون سي تامارات) على بعد نحو 700 كيلومتر من العاصمة بانكوك، وعثرت على عشرات من الرجال والنساء والأطفال شديدي النحافة المرهقين، ومن بين هذه المجموعة كان هناك 42 فتى وفتاة تقل أعمارهم عن 14 عاماً. وتُعد تايلاند من أنشط مراكز العالم في الاتجار بالبشر.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك