رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أجرى الحوار: حنان أعميمي 6 ديسمبر، 2010 0 تعليق

الأمين العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية بالبرازيل الشيخ خالد رزق تقي الدين: تعاملت السلطات البرازيلية بشيء من العقلانية مع الاتهامــات الموجهة للجالية المسلمة في البرازيل وخصوصا في منطقة الحدود الثلاثية من قبل اللـوبي الصهيــوني ممثلاً بسفارته

 

 

 

 

يوجد في البرازيل حوالي 80 مؤسسة إسلامية وجمعية خيرية كما يوجد مئة مسجد ومصلى والدعوة في مرحلة التأسيس

 

 

 

نصيحتى لمن يسلك طريق الدعوة وخصوصا في دول الغرب، أن يكون عالما بواقع الناس هناك، وأن يكون صاحب علم وهمة عالية

 

 

يعد موضوع الأقليات المسلمة من المواضيع الهامة التي أصبحت تفرض نفسها للنقاش الجاد، خاصة في الآونة الأخيرة التي عرفت تصعيدا ضد الوجود الإسلامي بالبلدان الغربية.

وفي هذا الحوار سنحاول أن نقرب القارئ من أقلية مهمة ألا وهي الأقلية المسلمة بالبرازيل  وسنقف عند  واقعها وعند وضعها الاعتباري داخل المجتمع البرازيلي وعن أنشطتها وكذا الإكراهات التي تواجهها.

لمعالجة هذا الموضوع كان من الضروري  محاورة الشيخ خالد رزق تقي الدين، وهو الأمين العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية بالبرازيل؛ نظرا لخبرته وتجربته الدعوية بهذا البلد الأمريكي اللاتيني:

الأقلية المسلمة بالبرازيل:

> نود منكم شيخ خالد رزق تقي الدين أن تعطونا لمحة عن تاريخ الإسلام بالبرازيل؟

< المرحلة الأولى:

تختلف الروايات حول تاريخ وصول العرب عموما إلى البرازيل، فبعض المؤرخين يتحدث عن وصول بعض القوارب للفينيقيين، ويستدلون ببعض الكتابات التي وجدت في ريو دي جانيرو وغيرها من سواحل البرازيل والتي توجد فيها بعض الإشارات باللغة العربية، ولكن هذه الروايات تفتقد للتحقيق العلمي الدقيق .

وتقول الروايات الأخرى إن مكتشفي أمريكا والبرازيل اصطحبوا معهم بعض المرشدين المسلمين المتمرسين في علم البحار.

يذهب الدكتور علي الكتاني إلى أن الحضور الإسلامي في البرازيل يعود إلى عام 1500م فيقول: «عندما قام البرتغاليون بغزو البرازيل، منعوا المسلمين من الهجرة إلى هناك، غير أن هذا المنع لم يحل دون وصول العديد من «الموريسكيين» الذين كانوا من الكثرة، بحيث أشهروا في القرن السادس عشر إسلامهم وقد أعلنت محكمة باهية بسبب ذلك بدء العمل بمحاكم التفتيش الكاثولوكية منذ عام 1594م، هذه المحاكم نفذت ضدهم أحكاما دموية تمثلت في إعدام أو إحراق أو استعباد الآلاف منهم».

المرحلة الثانية: استقدام العبيد

البرتغاليون لم يكونوا على جانب من الخبرة تمكنهم من استصلاح الأراضي التي تم اكتشافها فبدؤوا عملية استجلاب العبيد من أفريقيا عام 1538 وبعد 40 عاما كان قد تم استجلاب 14.000ألف عبد، ثم 600.000 ألف من أنجولا وخصوصا من قبائل « داهوتي – الهوسا – أشانتي – الفولاني «.

وهؤلاء العبيد كانوا أسرى ملك داهومي الوثني في حروبه مع الدول الإسلامية وباعهم للبرتغال، وصادف أن كان من بين هؤلاء علماء في الدين فنجحوا في الحفاظ على علمهم وأسسوا جاليات إسلامية قوية ومنظمة من المستعبدين في ولاية باهية وريو دي جانيرو، وسان لويس دو مرانيون، ونجحوا في إدخال كثير من العبيد الآخرين في الإسلام، وكانت لهم المدارس الإسلامية والمساجد وشيء من الحرية الدينية، وكان يسميهم البرتغاليون بالمعلمين « .

المرحلة الثالثة : الهجرة الحديثة

تبدأ مع الهجرة الحديثة للعرب إلى البرازيل، وتوضح الكثير من الروايات أن الهجرة بدأت عام 1867، وبدأت في الزيادة بعد زيارة قام بها إمبراطور البرازيل لكل من لبنان وسوريا ومصر، وكان هذا الرجل شغوفا بالثقافة العربية.

المسلمون تأخروا في هجرتهم للبرازيل إلى عام 1914 وبدأت الهجرة في الازدياد بعد عام 1936، وظلت هذه الهجرة في الازدياد، وخصوصا بعد النكسات والنكبات والحروب التي كانت تشهدها بلاد المسلمين .

وغالبية المهاجرين كانوا من لبنان ثم فلسطسن فسوريا وبقية البلدان الإسلامية الأخرى، وتتراوح التقديرات لأعداد المسلمين بين 200.000 ألف ومليون ونصف.

ويتمركزون في ولاية (ساوباولو) حيث يوجد فيها 70%من المسلمين، ثم ولاية بارانا، ثم بقية الولايات ريو جراندي دوسول – باهية – ريو دي جانيرو.

> ماذا عن واقع الأقلية المسلمة بالبرازيل حاليا؟

< يوجد حاليا حوالي 80 مؤسسة إسلامية بين مركز إسلامي وجمعية خيرية، ويوجد حوالي 100 مسجد ومصلى منتشرة على امتداد رقعة البرازيل، والدعوة الإسلامية الإسلامية تمر اليوم بمرحلة أستطيع أن أطلق عليها، مرحلة التأسيس على أسس علمية وتنظيمية، وهي المرحلة الأهم في تاريخ الدعوة الإسلامية في البرازيل؛ حيث توجد صحوة جيدة وسط أبناء المسلمين وإن كانت في بداياتها، وبدأ المسلمون يتلمسون ضرورة وأهمية المحافظة على دينهم، والعودة إليه؛ لذلك بدأت بعض المشاريع العظيمة في مجال الدعوة التي سيكون لها أثرها المستقبلي في التغيير المنشود .

> هل هناك تمثيل للأقلية المسلمة على المستوى السياسي والثقافي والإعلامي؟

< يعد التمثيل السياسي للأقلية المسلمة ضعيفا في الوقت الحاضر إذا ما قورن بتمثيل الجالية العربية بجملتها؛ حيث تبلغ الجالية المنحدرة من أصول عربية عشرة ملايين، فيوجد في برلمان ساو باولو أكبر ولاية في البرازيل ثلاثة نواب مسلمين، خسروا في الانتخابات الأخيرة، وبعض نواب البلديات، وبعض رؤساء البلديات.

 أما التأثير الثقافي للجالية المسلمة فيتمثل في جوانب كثيرة؛ حيث شارك المسلمون في تكوين التراث الثقافي للشعب البرازيلي بحكم مشاركتهم في صناعة تاريخ البرازيل، حينما تم استقدام العبيد من أفريقيا، وكان أغلبهم مسلمين، حيث أثروا في اللغة البرتغالية التي تحتوي على 4 آلاف كلمة من أصول عربية، وكذلك في الملبس والطعام، وغيرهما من العادات.

> انتخبتم مؤخرا أمينا عاما للمجلس الأعلى للأئمَّة والشؤون الإسلاميَّة بالبرازيل، هل يمكن إعطاء نبذة عن المجلس الأعلى وعن دواعي إنشاء هذه المؤسسة؟

الاسم: المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل.

الوصف : تجمع مستقل يضم علماء ومشايخ ودعاة أهل السنة والجماعة في البرازيل، وهم عبارة عن دعاة محليين ومبتعثين من وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في الأقطار الإسلامية المختلفة لرعاية الشؤون الإسلامية للمسلمين في البرازيل .

التأسيس: تم تأسيس المجلس في 3/6/2005 بحضور 40 شيخا وداعية من كافة الولايات البرازيلية، وبعد مشاورات ومداولات، وقد وجد الدعاة أهمية وجود هذا المجلس ، وما يمكن أن يقوم به من دور ريادي في نشر الإسلام داخل البرازيل، وما سيحمله على عاتقه من قضايا المسلمين المختلفة، ومن ثم أعلن الحاضرون قيام المجلس، وقاموا بوضع النظام الأساسي الذي سيتم بموجبه.

 

المقر: مدينة (ساو باولو)

الوسائل: إنشاء لجان شرعية مؤهلة داخل المجلس لتلبية الحاجات الشرعية المختلفة للجالية المسلمة « الفتوى – العلاقات العامة – الزكاة – الإعلام – الترجمة – التربية والتعليم – الشؤون الاجتماعية – الإصلاح – الرقابة الشرعية «.

إنشاء موقع إليكتروني على شبكة الإنترنت، وإصدار النشرات والمطويات.

إقامة دورات شرعية وإدارية لتأهيل المشايخ والدعاة.

إقامة المخيمات التربوية «مخيمان سنويا»، والندوات الشهرية المتنقلة.

تبادل إمامة المساجد بين الخطباء يوم الجمعة 

إقامة ندوة شهرية بالتناوب بين المساجد .

إقامة مؤتمر إسلامي دولي سنويا يتنقل بين ولايات البرازيل المختلفة .

ابتعاث بعض أبناء المسلمين للدراسات الشرعية في الجامعات الإسلامية بالعالم الإسلامي ، ودعمهم ، ورعايتهم .

تأسيس جامعة للدراسات الإسلامية في البرازيل .

استضافة علماء المسلمين المشهورين في العالم الإسلامي وعمل برامج دعوية لهم في البرازيل .

الاتصال بالمجامع الفقهية المختلفة في العالم والاستفادة من خبراتها .

اعتماد المشايخ والدعاة وتوظيفهم واستقبالهم.

رعاية شؤون المساجد، وسد حاجاتها المختلفة.

إصدار وثائق الزواج، والعمل على توثيقها داخل الدولة.

التواصل مع مؤسسات الدولة البرازيلية المختلفة عن طريق الزيارات، وإقامة الندوات، ومعارض الكتب باللغة البرتغالية التي تشرح سماحة الإسلام.

التمويل: يعتمد المجلس في تنفيذ أهدافه على اشتراكات الأعضاء، والزكوات، والهبات والمساعدات الغير مشروطة.

> هل هناك تنسيق بينكم وبين المؤسسات الإسلامية الرسمية أو الخاصة بالعالم الإسلامي وما حدود هذا التنسيق؟

< نحن في مرحلة التعريف بالمجلس، ونقوم بزيارات للعالم الإسلامي من أجل هذا الغرض، وتمت لقاءات بيننا وبين وزارة الأوقاف المصرية، والإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، ووزارة الأوقاف الكويتية، ودائرة الشؤون الإسلامية في دبي، وهذه اللقاءات لها أثر طيب وسيكون لها تنسيق مستقبلا بإذن الله.

أما على مستوى المؤسسات الخاصة، فقد تم الاتصال بأكثر من مؤسسة خيرية ودعوية لدعم مشاريع المجلس.

> هل يُمكِن إلقاء الضوء على الخريطة العرقيَّة لأئمَّة ودُعاة البرازيل؟ وما هي جهات الابتِعاث أو المؤسَّسات التي يتبعونها ويعمَلون مِنْ خلالها؟

< يوجد 45 شيخا وداعية في البرازيل، ينضم هؤلاء الدعاة للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل، وهؤلاء الدعاة من مصر وسوريا ولبنان والسودان وموزنبيق والبرتغال والبرازيل، أما جهات الابتعاث فهي الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف المصرية، ووزارة الأوقاف السعودية، ورابطة العالم الإسلامي، ودعاة محليون تتعاقد معهم المؤسسات المحلية.

التجربة الدعوية بالبرازيل

> عادة ما نجد العديد من الدعاة يختارون التوجه إما للقارة الأفريقية أو القارة الأوروبية لكن وجهتكم الدعوية كانت مختلفة فاخترتم الاشتغال في المجال الدعوي في القارة الأمريكية انطلاقا من دولة البرازيل، هو اختيار مقصود أم لا؟

< حينما تخرجت في الجامعة الإسلامية عام 1986م تعاقدنا مع الندوة العالمية للشباب المسلم للعمل في دولة الباراغواي، ولكن بقيت عاما في دولة البرازيل، ثم انتقلت للعمل في دولة البارغواي، وبقيت هناك لمدة 12 عاما ثم كانت عودتي لدولة البرازيل وما زلت فيها حتى الآن.

> ما العوائق التي واجهتكم في بداية عملكم الإسلامي؟

< أهم هذه العوائق عدم وجود دراسات عن واقع الجالية أو معلومات تستطيع تسهيل عملنا كدعاة، وكان يجب علينا أن نبدأ من نقطة الصفر، بعمل إحصاء للجالية، والتعرف على اهتماماتها المختلفة، ووضع الخطط المناسبة لدعوتها، ومخاطبتها بلغة عصرية تستطيع فهمها، فإن بُعد الجالية وجهلها بأبسط مبادئ الإسلام، وانتشار كثير من المفاهيم البعيدة عن تعاليم الإسلام، جعلنا نبذل الكثير من الجهد لإعادة المفاهيم الإسلامية لواقع الجالية.

> ما الإكراهات التي تواجهكم في العمل الإسلامي بالبرازيل؟

< نحمد الله، الإكراهات مهما كانت كثيرة فإنها تهون لشرف الغاية ألا وهي الدعوة إلى الله، لقد مررنا بمحن كثيرة في مجال الدعوة، كان أشدها الضغط الإعلامي الذي تبنته قوى خارجية حاقدة على الإسلام، وكذلك الضغط السياسي على دول أمريكا الجنوبية لاتهام المسلمين بالإرهاب، وخصوصا من يسكنون في منطقة الحدود الثلاثية «البرازيل – الأرجنتين – الباراغواي»، وقد نالنا منها نصيب كبير، ولكن عناية الله كانت أكبر من هذه المؤامرات والضغوط، والحمد لله نحن بخير وعافية وما زلنا مستمرين على طريق الدعوة، ونسأل الله الإخلاص والثبات.

> أكيد أن العمل الإسلامي والدعوي في بلد غربي ليس هو نفسه في بلد إسلامي، ما هي إذًا توجيهاتكم لمن سيسلك مستقبلا نفس المسار الذي سلكتموه وخاصة في البلدان الغربية؟

< نصيحتى لمن يسلك طريق العمل في الميدان الدعوي وخصوصا في دول الغرب، أن يكون عالما بواقع الناس هناك، وأن يكون صاحب علم وهمة عالية، وأن يتعلم لغة البلد الذي سيذهب إليه، وثقافته، فضلاً عن صبر جميل وكبير على مصاعب الدعوة، وان يكون رفيقا بالناس، ويحملهم على حب الإسلام، والعمل من أجله، حتى يظهره الله سبحانه وتعالى.

> ما رسالتكم إلى تلك الجهات والمؤسَّسات في العالم الإسلامي؟

< البرازيل أرض خصبة للدعوة إلى الله، وأنتم مسؤولون عنها أمام الله، وفيها حرية دينية، وشعبها متعطش لنور الإسلام، فشمروا عن سواعدكم، واهتموا بهذا البلد وضعوا له حسابا في خططكم الخمسية، وتيقنوا أنكم تستطيعون خلال فترة قصيرة هداية الكثير من أبناء هذا الشعب لنور الإسلام، إذا وجّهت الإمكانات اللازمة، والخطط المحكمة، ويكون لكم العز في الدنيا والفوز يوم القيامة.

وأوجه الشكر لكل الدول والمؤسسات التي تقوم بدور طيب وعظيم في الدعوة إلى الله داخل البرازيل، وعلى رأسها وزارات الأوقاف في مصر والسعودية والكويت، والمؤسسات الخيرية التي لا يتسع المجال لذكرها، جزاكم ربنا خيرا، ونريد منكم المزيد من الدعم المعنوي والمادي لنصرة إخوانكم في البرازيل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك