رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 28 أبريل، 2025 0 تعليق

الأسرة المسلمة – 1260

التعاون بين الزوجين على البر والتقوى

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء»، يتعلق بهذا الحديث فوائد منها ما يلي:

  • الفائدة الأولى: دل الحديث على أنه يستحب للرجل إذا استيقظ لصلاة الليل أن يوقظ امرأته، ويستحب للمرأة إذا استيقظت أن توقظ زوجها، وقد كان السلف - رحمهم الله - يحرصون على ذلك، قال أبو عثمان النهدي: تضيفت أبا هريرة سبعًا، فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثًا، يصلي هذا ثم يوقظ هذا.
  • الفائدة الثانية: يرشدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بألا نكتفي بالخير لأنفسنا، بل ينبغي لنا أن نتعاون لبث الخير للناس، وأخص الناس بالخير أهل الإنسان وقرابته، ومنهم الزوجان فيما بينهما، وهذا مصداق قول الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (التحريم: 6).
  • الفائدة الثالثة: إن لتعاون الأسرة على الخير آثارًا حميدة في الدنيا والآخرة، ويكفي في آثاره الحميدة أن نستمع إلى قول الله -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (التوبة: 71)، فما وعدهم الله -تعالى-؟ وماذا أعد لهم؟ اسمع إلى قول الله -تعالى- بعد هذا: {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 71).
 

الواجبات المطلوبة من المرأة المسلمة

        كما أن للمرأة حقوقًا ضَمِنَها لها الإسلام، فكذلك عليها واجباتٌ هي مطالَبة بأدائها والقيام بها، فالله -سبحانه وتعالى- جعل المرأة أهلًا للتكليف وتحمُّل المسؤولية، وهذه الأهلية هي مناط تكريم وإعزاز للمرأة المسلمة، مثلها في ذلك مثل الرجل، فالنساء شقائقُ الرجال، وهي مساوية للرجل في أصول التكاليف الشرعية، من: عبادة الله وتوحيده، والإيمان به، وتعلُّم ما يلزمها من أمور دينها، وطاعة زوجها، وتربية أبنائها، ونحو ذلك من الواجبات الأخرى.  

خطورة مصاحبة المثبطات والملهيات

       لا شك أن المسلمة تتأثر بصاحبتها سلبًا وإيجابًا، فإن كانت صاحبتها من أصحاب الهمم العالية علت همتها، وإن كانت من أصحاب الهمم الضعيفة تدنت همتها؛ لذا كان لابد من التدقيق في اختيار الصاحبة والبعد التام عن المثبطات اللاهيات؛ فإن مجتمع المثبطات اللاهيات عندما يحيط بالمسلمة يضعفها، وقد لا تستطيع المقاومة، فيدب الفتور في أوصالها، ويسري التراخي إلى عبادتها وأعمالها، ولتنتبه المسلمة فلعلها تصاحب من أهل الخير والصلاح مسلمات تدنت هممهن، ووهنت عزائمهن، ولا تظن أنهن السبب في فتور همتها وتلاشي نشاطها، والإنسان سريع التأثر بمن حوله؛ لذا كان لابد من حسن اختيار الصاحبة والجليسة، حتى وإن كانت من الأخوات المسلمات الدينات، فمنهن المثبطات اللاهيات أيضًا.  

المسؤولية الإيمانية تجاه الأسرة

        على ربّ الأسرة مسؤولياتٌ عظيمة تجاه أسرته منها، ولا سيما المسؤولية الإيمانية العقدية؛ بحيث يأمرهم بالتوحيد ويحذرهم من الشرك، قال -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان:13)، فلقد اهتمت الأسرة في الإسلام بتلقين مبادئ العقيدة للصغار، فعند الولادة يُؤذَّنُ للصغير في أذنه اليمنى، ويقام في الأذن اليسرى، ويبدأ بالفتح عليه بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله) كما أن على المربي أن يهتم بالجانب العبادي لدى الطفل فيأمره بالصلاة لسبع سنين، ويرغبه فيها، ويحثه عليها، ويعلمه كيفية الصلاة الصحيحة، وكيفية الطهارة والوضوء، قال - صلى الله عليه وسلم -: «مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ، واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ»،كما يحثه على ارتياد المساجد والصلاة مع الجماعة.  

مبادئ إسلامية في إدارة الأزمات الأسرية

تُقدم الشريعة الإسلامية مجموعة من المبادئ والقيم التي تُساعد على إدارة الأزمات الأسرية بفعالية، منها:
  • التواصل الفعال: يُعد الحوار البناء أساسًا لتفادي الخلافات وحل المشكلات.
  • التسامح والغفران: يُعد التسامح من أهم سمات المسلم، وهو أساس بناء علاقات أسرية قوية ومتماسكة.
  • العدل والإنصاف: يجب على الآباء والأمهات أن يعاملوا أبناءهم بالعدل والإنصاف، وأن يُراعوا قدراتهم واحتياجاتهم المختلفة.
  • الاستشارة: يُشجع الإسلام على الاستشارة في حل المشكلات، ولا سيما في الأمور المهمة، واستشارة أهل الخبرة والدين، والتوجه إلى أهل الحل والعقد لحل النزاعات.
  • الصبر والتحمل: يُعد الصبر من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم، ولا سيما في مواجهة الأزمات.
  • التوكل على الله: يعد التوكل على الله من أهم عوامل النجاح في مواجهة الأزمات.
 

الاحترام المتبادل بين الزوجين

        يكفلُ الاحترامُ المتبادَلُ بين الزوجينِ إزالة جوانبَ كثيرةٍ من الخلافاتِ الشخصية، ويجعلُ حياتَهما هادئةً مستقرَّة، وهو سلوكٌ رفيعٌ، يُخَاطِب خلالَه كلٌّ من الزوجينِ شقَّه بطريقةٍ مهذَّبة، تَغِيب عنها الألفاظُ الجارحةُ، في أجواءٍ خاليةٍ من التوتُّر والمشاحنةِ، وقد خيَّم عليها احترامُ طبعِ الطرفِ الآخر، الذي تأصَّل به، وعند ظهورِ ما يُزعِج من الأقوال أو الأفعال، يمكن الإشارةِ إلى ذلك بطريقةٍ لطيفةٍ وبعيدةٍ عن التقريعِ أو اللومِ، مع إبداءِ الرغبة في إصلاحِ الشأن، وتهذيبِه على قدرِ المستطاع.  

وصايا نبوية تربوية للنساء

        إن الناظر إلى الهدي النبوي في تربية النساء، يتضح له أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اهتم بالبناء التربوي العملي للمرأة المسلمة على الجانب التعبدي في حياتها تجاه ربها، فبين لهنَّ بعض العبادات العملية على اختلاف أنواعها، بدنية أو مالية أو سلوكية، ومن هذه النماذج حث النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء على الصدقة وحفظ اللسان، ففي حديث أبي سعيد الخدري، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمرَّ على النساء، فقال: «يا معشر النساء تصدقن؛ فإني أريتكن أكثر أهل النار» فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن»، ففي هذا الحديث حث على باب من أبواب العفو الرباني، عن طريق الصدقة، التي تكفر ذنوب حصائد ألسنة النساء في كثرة كلامهن عن أزواجهن ونكران فضله عليهن وخصاله، ومن ذلك أيضًا وصيته - صلى الله عليه وسلم - بالجارة لنساء المؤمنين وزوجات المؤمنين من بعدهن بالإحسان إلى جارتها، عن طريق إعطائها مما من الله به من طعام أو شراب، ولو شيئًا محقَّرًا عند الناس، فإنه سينفع الجارة ويدخل عليها السرور، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك