رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 28 أكتوبر، 2024 0 تعليق

الأسرة المسلمة – 1240

الشريعة وبناء الأسرة

اهتمَّت الشريعة الإسلامية ببناء الأسرة اهتماما بالغا؛ لأنّها نواة المجتمع وأساسه، وأساس الأسرة هما الزوجان؛ فصلاح العلاقة بين الزوجين صلاح للأسرة، وفسادهما فساد للأسرة، وبصلاح الأسرة يصلح المجتمع، والعكس صحيح.  

السكن والتراحم أهم مقاصد الأسرة في الإسلام

          السكن والتراحم من أهم المقاصد الأساسية للأسرة في الإسلام، وقد أشار إليهما القرآن في قوله -تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الأعراف: 189)، وقوله -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم: 21). والسكن مضاد التحرك، ويطلق في الاستخدام القرآني على معنيين، السكن المادي ومنه قوله -تعالى- {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} (النحل: 80)، والسكن المعنوي كما في قوله {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} (التوبة: 103)، ولأجل تحقيق مقصد السكن خلق الله الزوجين من نفس واحدة؛ لأن ذلك أدعى للتآلف وأبعد عن التنافر، ولأجله أيضا شرع الزواج على التأبيد لا التأقيت، ومن ثم عد الإسلام أي نوع من أنواع الزواج المحددة بإطار زمني باطلة ولا تصح شرعا، ولأجله أيضا شرعت أحكام المعاشرة بالمعروف وآدابها بين الزوجين، ووصفها الله بالخيرية؛ إذ يقول -سبحانه- {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء:19) وهو ما يعني أن ما عدا المعاملة بالمعروف ليس سوى الشر أو الإثم، كذلك التراحم فهو يتخلل مجمل العلاقات الأسرية ويتجلى من خلالها؛ فهنالك تراحم بين الأزواج بعضهم بعضا، وتراحم بين الآباء والأبناء كما هو الحال بين نوح وابنه، وتراحم بين الإخوة كما هو الحال بين موسى وهارون، وتعدد مستويات التراحم يؤكد أنه الحافظ للاجتماع الأسري وأساس التراحم الاجتماعي.  

أخطاء تقع فيها النساء: التساهل في إظهار الزينة للأقارب

          من الأخطاء التي تقع فيها النساء التساهل في إظهار الزينة أمام الأقارب من غير المحارم، بحكم صلة الرحم التي تجعل بينهم صلات قوية وزيارات واجتماعات، لكن هذه الأمور كلها لا تبيح للمرأة أن تبدي زينتها للأقارب من غير المحارم، كابن العم، وابن العمة، وابن الخالة، وابن الخال، وغيرهم؛ فهؤلاء ليسوا محارم لها، فقد أخرج البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إيَّاكم والدخول على النساء! فقال رجل من الأنصار يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت»، فهذا الرجل كان يظن أن دخول الأقارب على المرأة لا شيء فيه، لكن الرسول بيَّن أن (الحمو) وهو قريب الزوج أو الزوجة في دخوله خطورة ومفاسد تشبه الموت، وعلى هذا فلا ينبغي أن تظهر المرأة أمام أقاربها أو أقارب الزوج، كما تظهر على إخوتها، أو كما تجلس مع زوجها (مع مراعاة عدم الخلوة).  

احذري .. هذه المعوقات المحبطات للأعمال!

            من الصفات التي ينبغي على المرأة المسلمة التحلي بها: كتمان أسرار بيتها؛ فلا تخبر فلانة ولا فلاناً بأخبار بيتها، ولا فيما يدور بينها وبين زوجها وأبنائها وبناتها، ولا تُخرج ما يحصل من الخلاف والمشكلات؛ فكلُّ بيتٍ لا يخلو من ذلك، والمرأة العاقلة تكتم وتعالج ذلك بالحكمة والرفق؛ فإنَّ بعضًا من الناس إذا علموا عمَّا يدور في البيت أخذوا يُخبِّبون النساء على أزواجهن؛ فيزيدون المشكلات إضراماً، ويتسببون في خراب البيوت وتفريق شمل الأسرة وتشتيت الأبناء والبنات، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا».  

صفات أمهات المؤمنين

         كثيرٌ من النساء المسلمات في عصرنا الحالي لا يعلمن عن صفات أمهات المؤمنين، ولا كيف كنّ؟ ولا ماذا أنجزن؟ كثيرٌ من الأمهات لا يربّين بناتهن على الاقتداء بنساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا يُعلّمهن صفات أمهات المؤمنين، حتى بات الكثير من النساء في عصرنا الحالي يعتقدن أنّ وجود المرأة يقتصر فقط على الزواج والإنجاب، فمَن أفضل من أمهات المؤمنين قدوة لنا ولأولادنا؟ وكيف لا نحكي لهم عن السيدة عائشة -رضي الله عنها-، وعن السيدة زينب -رضي الله عنها- التي عُرفت بكرمها وحبّها لمساعدة الفقراء والمساكين؟ وعن السيدة خديجة -رضي الله عنها- التي وقفت بجانب زوجها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في أيام الوحي وكانت أوّل من صّدقه.  

حسن العشرة وقاية من الطلاق

        حسن العشرة من الوسائل الاحترازية التي تحمي الأسرة من الوقوع في الطلاق؛ لأن حسن العشرة تديم الألفة والمودة والحياة بين الزوجين، وقد قال الله -تعالى-: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (النساء: 19)، فالله -تعالى- يُحذّر من التسرع في الطلاق والتعجل فيه، وأن الإنسان إن كره من زوجته شيئا، فلا يتصور أن ما يكرهه سبب للطلاق، فعسى أن يكون في هذا الذي يراه شرا خير، وعليه أن يتمهل؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يفرَك مؤمنٌ مؤمنةً، إن سخِطَ منْها خُلقًا رضِيَ منْها آخرَ»، والأمر كذلك للنساء، لا تفرك مؤمنة مؤمنًا، إن كرهت منه خلقا رضيت له آخر.  

التخفف من المشكلات الأسرية

        من المهم أن يدرك الأبوان حاجة الأبناء لظروف أسرية مناسبة، فيها الاستقرار والرعاية والحنو؛ حتى يواصلوا عامهم الدراسي بنجاح وتميز، فمما لا شك فيه أن المشكلات الأسرية تؤثر بالسلب على التحصيل الدراسي للأبناء، وتصيبهم بالقلق والتوتر، وتتفاقم هذه الآثار بقدر ما تتعمق الخلافات الزوجية بين الأبوين، ولهذا، على الأبوين مراعاة ذلك، وإنهاء مشكلاتهما الأسرية، أو على أقل تقدير عدم مناقشة المشكلات الزوجية بحضور الأبناء، ولا سيما إذا كانوا في سن صغيرة؛ حتى يتم تجنيبهم الآثار السلبية لهذه المشكلات، وانعكاساتها على تحصيلهم الدراسي، فضلًا عن استوائهم النفسي.  

أم عطية الأنصارية رضي الله عنها.. الصحابية الفقيهة

          الصحابية الجليلة أم عطية الأنصارية، هي نَسِيْبَةُ بِنْتُ الحَارِثِ وَقِيْلَ: نَسِيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ، وهي صحابية جليلة من كبار نساء الصحابة، وهي من الصَّحَابَيات الفقيهَات، لَهَا أَحَادِيث عِدَّةُ، وروى عنها عدد من التابعين، وَهِيَ الَّتِي غَسَّلَتْ زَيْنَبَ بِنْتَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكانت تسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يخرج مع أصحابه لتقوم على رعايتهم، وتوفيت في حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِينَ. كانت أُمّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- أنموذجًا للمرأة النشيطة التي تحرص على التعلم، وكانت تأخذ التوجيهات من النبي وتبلغها للنساء وتقوم على تنفيذها معهن، كما كانت تبادر إلى العمل التطوعي؛ فقد قَالَتْ: سافرتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وصحبه سَبْعَ مراتٍ؛ فَكُنْتُ أَصْنَعُ لَهُمْ طَعَامَهُمْ، وَأَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، وَأُدَاوِي الْمَرْضَى، وَأَقُومُ عَلَى رعايتهم، ونقلت أم عطية ما أخذته من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كثير من فقهاء التابعين الذين اعتمدوا بعد ذلك على أحاديثها فيما يتعلق بأحكام النساء.  

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك