رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 6 نوفمبر، 2016 0 تعليق

من المستحيلات- التفرق آفة تنخر في علاقات الدول المسلمة

 

 

 

      لا أحد ينكر أن التفرق الواقع بين المسلمين هو سبب رئيس لمعظم مشكلاتهم؛ فالأمة الاسلامية (1.6 مليار نسمة) الآن ليست أمة واحدة بل 60 دولة، منها 22 دولة عربية تمثل النواة الحقيقية لهذه الأمة بما تملكه من مقدرات إيمانية، مثل وجود الأماكن المقدسة كالحرم المكي والحرم المدني والمسجد الأقصى، ويتكلمون لغة واحدة وهي اللغة العربية لغة القرآن الكريم، وتجمع بعضهم آمال وآلام وعادات وتقاليد واحدة، ولديهم مقدرات مالية بوجود احتياطيات هائلة من النفط تبلغ 50% من احتياطيات العالم، فضلا عن الإمكانات البشرية (300 ألف نسمة)، والاقتصادية.

- فلا غرابة أن وصانا ربنا بوحدة الدين والاجتماع عليه، فقد قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(الأنعام: 153).

- وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: 103)، وهذه الوصية -على أهميتها-لم تكن في أمة محمد صلى الله عليه وسلم  فقط، بل في كل أمم (الأنبياء) السابقين، قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}(الشورى: 13).

- لذا ظلت أمة الإسلام قوية رغم قلة العدد في دولة المدينة «10 أعوام» وما تبعها من الخلافة الراشدة «30 عاما» وحتى أيام الدولة الأموية كانت قوية ومتماسكة «88 عاما»، ثم ظهر الصراع والتفكك، ولكن بقيت الأمة الإسلامية بكيانها حتى سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924، أي استمرت الأمة متماسكة ما يربو على ألف عام، ومنذ المئة عام الأخيرة والأمة في انحدار ولاسيما قد تكالبت عليها قوى الاستعمار الغربي والشرقي.

- عاشت الأمة بعد ذلك في صراعات فيما بينها، تمثلت بالدرجة الأولى في محاولات إقصاء الدين عن الدولة والحياة، وبالتالي ظهور صراع فكري إسلامي مع الشرق تارة ومع الغرب تارة أخرى. لقد كان المد الشيوعي الاشتراكي يفرض هيمنته على معظم الدول العربية والإسلامية إلى ما يقارب عام 2000 بسقوط صدام حسين والبعثية البغيضة، وفي المقابل استمر الصراع الفكري مع الليبرالية إلى الآن، وتشكل بصور مختلفة، وسمي بأسماء عديدة مثل: صراع الشرق والغرب وصراع/صدام الحضارات The Clash of Civilizations وإعادة تكوين النظام العالمي الذي بشر به الكاتب (صامويل هنتنجتون)، وبين أنه  ستكون الاختلافات الثقافية المحرك الرئيس للنزاعات بين البشر في السنين القادمة، وأخيرا الفوضى الخلاقة، التي أتت بثورات الربيع العربي وما خلفته من تخلف ودمار وعدم استقرار في معظم الدول العربية.

- وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللهَ زَوى لي الأرضَ، أو قالَ : إن ربِّي زوى لي الأرضَ، فرأيْتُ مشارقَها ومغاربَها، وإن مُلكَ أمتي سيبلغُ ما زُوِىَ لي منها، وأعطيْتُ الكنزينِ الأحمرَ والأبيضَ»، وهذا يدل على أن هذه الأمة سوف تعز وتقوى وتنتشر في مشارق الأرض ومغاربها؛ لذا سألصلى الله عليه وسلم  ربه أن يحفظ هذه الأمة العظيمة فقال صلى الله عليه وسلم : «وإنِّي سألْتُ ربِّي لأمتي: أن لا يهلكَها بسَنةٍ بعامةٍ، ولا يسلطَ عليْهِم عدوًّا من سِوى أنفسِهم، فيستبيحَ بيضَتَهم، وإن ربِّي قال لي: يا محمدُ، إنِّي إذا قضيْتُ قضاءً فإنَّهُ لا يردُّ، ولا أهلكُهم بسنةٍ بعامةٍ، ولا أسلطُ عليْهِم عدوًا من سوى أنفسِهم فيستبيحَ بيضتَهم، لو اجتمعَ عليْهِم من بينِ أقطارِها – أو قال بأقطارِها – حتى يكونَ بعضُهم يهلكُ بعضًا، وحتى يكونَ بعضُهم يسْبي بعضًا».

- ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم  فترة الضعف بعد ذلك؛ بأن يظهر الأئمة المُضلونَ، قال صلى الله عليه وسلم : «وإنَّما أخافُ على أُمتي «الأئمةَ المُضلينَ، وإذا وُضِعَ السيفُ في أمتي لم يُرفعْ عنها إلى يومِ القيامةِ»، ثم بعده ينتشر الفساد العقائدي والأخلاقي، فيقول صلى الله عليه وسلم : «ولا تقومُ الساعةُ حتى تَلحقَ قبائلُ من أُمتي بالمشركينَ، وحتى تعبدَ قبائلُ من أمتي الأوثانِ، وإنَّهُ سيكونُ في أمتي كذابونَ ثلاثونَ، كلُّهم يزعمُ أنَّهُ نبيٌّ، وأنا خاتمُ النبيِّينَ لا نبيَّ بعدي، ولا تزالُ طائفةٌ من أمتي على الحقِّ ظاهرينَ لا يضرُّهم من خالفَهم حتى يأتيَ أمرُ اللهِ».

فيجب على الأمة أن تسعى إلى لَمِّ شملها وتوحيد صفوفها، وأن تسمو على كل خلافاتها، وتسخر إمكاناتها لصالح شعوبها تحقيقا لقوتها وعزتها ورفعة مكانتها.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك