رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 13 مايو، 2014 0 تعليق

قناديل على الدرب – الإلحاد (2)


     بعد الثورة الفرنسية شهدت فرنسا بعض التغييرات السياسية، وكذلك الحال في بريطانيا وغيرها من البلاد الأوربية، وكان هناك شيء مشترك بينهم جميعا وهو اتجاه سائد لفصل الدين عن السياسة. وساعد في ذلك الأمر نظريات بعض الفلاسفة التي حاولت إلغاء الدين تماما، فإليك ما قاله ماركس: (لا إله، والحياة مادة) واعتبر الدين: (أفيون الشعوب). ثم ظهر إلينا (فرويد) بنظريته التي زعم فيها أن الدين وهم كانت البشرية بحاجة إليه في بدايتها، وأن فكرة وجود الإله هي محاولة من اللاوعي للوصول إلى الكمال في شخص هو مثل أعلى بديل لشخصية الأب.

     هكذا بدأ الإلحاد المعاصر في الانتشار سريعًا في بلاد الغرب، حتى وصل إلى تلك السنوات الأخيرة الذي بدا فيها الإلحاد ظاهرًا جليًا ولا سيما بعد فترة ركود أعقبت تفكك دولة الإلحاد الأولى، الدولة الراعية للإلحاد والداعمة له، وهي الاتحاد السوفييتي في أوائل تسعينيات القرن الماضي.

     من هنا أخذ الإلحاد طريقه في الانتشار بصورة خطيرة على مستوى العالم كله، وهذا ما تعبر عنه لغة الأرقام عبر بعض الإحصائيات من قبل بعض المؤسسات التي اهتمت بهذا الأمر، ومنها مؤسسة (يوربا روميتر) وهي من كبرى المؤسسات المتخصصة في عمليات الإحصاء في أوربا والعالم، فقد ذكرت أن 18% من سكان أوربا في عام (2005م) أصبحوا ملاحدة لا يؤمنون بوجود خالق، و27% منهم لا يؤمنون بخالق، وإنما يؤمنون بعالم روحاني أو قوة وراء الحياة. وإليك ما نقلته مجلة (فاينانشال تايمز) بأن 65% من اليابانيين أصبحوا ملاحدة في عام 2006م، وعلى حد وصف قناة (بي بي سي) فقد توصلت إلى أن 9% من الأمريكان ملاحدة، وأن الجامعات الأمريكية مرتع خصب لانتشار مثل هذا الفكر والاعتقاد.

هذا كله عند غير المسلمين، أما إذا نظرنا إلى عالمنا الإسلامي فإنك ستجد بداخله بعض الحالات الفردية الشاذة لأناس ارتدوا إلى الإلحاد، ومن أشهر هؤلاء: (ابن الراوندي) -ولد 210هـ- الملحد الذي كان يهوديًا ثم أعلن الإسلام ثم تهود ثم مات في سن الأربعين ملحدًا.

أما في زمننا المعاصر فقد انتشر الإلحاد بصورة ملفتة للنظر ولاسيما بين أوساط الشباب، وانتشرت بينهم مدارس وفلسفات كثيرة منها : عبدة الشيطان، والشيوعية، والماركسية، والعلمانية... وغيرها الكثير.

كل هذه المدارس دخلت العالم الإسلامي في منتصف القرن التاسع عشر بدخول المستعمر، ومحاولته تفكيك الأمة العربية، وطمس الهوية الإسلامية وذلك تحت غطاء الدعوة للتحرر والديمقراطية والتنوير، وهي في الأصل دعوات تؤصل مبدأ إنكار وجود الله عز وجل.

والله الموفق والمستعان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك