رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: أمين الأنصاري 24 نوفمبر، 2014 0 تعليق

قل مع الكون: لا إله إلا الله (9) الإله تبارك وتعالى

أعظم دليل في الشرع يتحدث عن الإله:

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأُبي بن كعب: «أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟» فقال: «الله لا إله إلا هو الحي القيوم».

قال: فضرب في صدري وقال: «والله ليهنك العلم أبا المنذر»(1).

قال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}(البقرة : 255).

وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}(الزخرف: 84).

وقد جاء أيضًا في الحديث الشريف:

خبيب بن عدي رضي الله عنه

يُضحي بروحه في سبيل الإله سبحانه

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن خُبيب ابن عدي -رضي الله عنه-  عندما أراد كفَّار قريش قتله قال:

ولست أبالي حين أُقتل مسلما

على أيِّ جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ

يُبارك على أوصال شلوٍ مُمزَّع(2)

معنى: (لا إله إلا الله)

المعنى اللغوي: قال الراغب الأصفهاني: «.. وأَلَه فلان يَأْلُه إلاهةً: عبد يعبد عبادة وقيل: تألَّه فالإله على هذا هو المعبود»(3).

وقيل: «أصله»: «وِلاه» فأبدل من الواو همزة وتسميته بذلك لكون كل مخلوق والها نحوه إمَّا بالتسخير فقط كالجمادات والحيوانات وإمَّا بالتسخير والإرادة معًا كبعض الناس ومن هذا الوجه.

قال بعض الحكماء: الله محبوب الأشياء كلها وعليه دلَّ قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}(الإسراء: 44) (4).

قال الزجاجي: إله (فِعال) بمعنى مفعول كأنه مألوه أي: معبود مستحق للعبادة يعبده الخلق ويؤلِّهُونَه. والـتأله: التعبد(5).

قال أهل اللغة: إن (إله) فعال بمعنى مفعول، مثل كتاب بمعنى مكتوب وإمام بمعنى مؤتم به فيكون (معبودًا) ويقال: «أَلَه» يأله بالفتح فيهما «إلهة»أي عبادة(6).

«الآلهة»: الأصنام سمَّوها «أي الكافرون» بذلك لاعتقادهم أن العبادة مستحقة لها.

مَنْ هو الإله؟

-الإله هو المحبوب المعبود المُطاع.

قال ابن القيم: واسم الله دال على كونه مألوها، معبودًا، تألهه الخلائق محبة وتعظيمًا وخضوعًا وفزعًا إليه في الحوائج والنوائب(7).

وقال أيضًا: «فمن اتسع قلبه لمشهد الإلهية، وقام بحقه من التعبد الذي هو كمال الحب بكمال الذُّل والتعظيم والقيام بوظائف العبودية فقد تم له غناه بالإله الحق، وصار من أغنى العباد، ولسان حاله يقول:»

غنيت بلا مال عن الناس كلهم

وإن الغني الغالي عن الشيء لا به

فياله من غني ما أعظم خطره وأجلَّ قدره تضاءلت دونه الممالك(8).

قال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره: «لا إله إلا الله» أي لا معبود بحق إلا الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله-: «الإله» هو المعبود المطاع فإن الإله هو المألوه هو الذي يستحق أن يُعبد(9).

     وقال أيضًا: فإن الإله هو المحبوب، المعبود الذي تألهه القلوب بحبها، وتخضع له، وتذل له، وتخافه وترجوه، وتنيب إليه في شدائدها، وتدعوه في مهماتها، وتتوكل عليه في مصالحها، وتلجأ إليه وتطمئن بذكره وتسكن إلى حبه، وليس ذلك إلا لله وحده. ولهذا كانت: لا إله إلا الله أصدق الكلام وكان أهلها أهل الله وحزبه، والمنكرون لها أعداؤه وأهل غضبه ونقمته، فإذا صحَّت صحَّ بها كل مسألة وحال وذوق، وإذا لم يصحِّها العبد فالفساد له في علومه وأعماله(10).

     وقال ابن رجب «رحمه الله»: «الإله» هو الذي يطاع فلا يُعصى هيبة له وإجلالًا ومحبة وخوفًا ورجاءً وتوكلاً عليه وسؤالًا منه ودعاءً له ولا يصلح ذلك كلُّه إلا لله – عزَّ وجلَّ- . فمن أشرك مخلوقًا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحًا في إخلاصه في قوله: لا إله إلا الله وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك(11).

قال ابن القيم – رحمه الله -:

مع ذُلِّ عابده هما قطبان

                            ومداره بالأمر-أمر رسوله-

لا بالهوى والنفس والشيطان

                            حق الإله عبادة بالأمر لا

بهوى النفوس فذاك للشيطان

                            من غير إشراكٍ به شيئًا هما

سبب النجاة فحبذا السببان

                            لم ينج من غضب الإله وناره

إلا الذي قامت به الأصلان

                            والناس بعد فمشرك بإلهه

أو ذو ابتداع أو له الوصفان

 

الهوامش:

1 - رواه مسلم (810).

2 - مفردات ألفاظ القرآن للأصفهاني (82،83)، الوِلاه: أي من الوله، (أي الحُبٌ والخضوع).

3 - المصدر السابق.

4 - اشتقاق الأسماء للزجاجي (ص24).

5 -  تاج العروس (ص9).

6 - مدارج السالكين (1/32).

7 - طريق الهجرتين (ص68).

8 - مجموع الفتاوى لابن تيمية (10/249).

9- مجموع الفتاوى لابن تيمية (13/202).

10- ابن رجب: «كلمة الإخلاص» (23).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك