
في ذكرى 48 عاماً على نكسة 1967 – نموذج من الحروب الاستهلاكية والهزائم المريرة
حرب 1967 وتُعرف أيضًا باسم نكسة حزيران وتسمى كذلك حرب الأيام الستة هي الحرب التي نشبت بين الصهاينة وكل من مصر وسوريا والأردن بين 5 يونيو 1967 والعاشر من الشهر نفسه، وأدت إلى احتلالهم لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وتعد ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي؛ وقد أدت الحرب لمقتل 15٫000 - 25٫000 إنسان في الدول العربية مقابل 800 في إسرائيل، وتدمير 70 - 80% من العتاد الحربي في الدول العربية مقابل 2 - 5% في إسرائيل، إلى جانب تفاوت مشابه في عدد الجرحى والأسرى؛ كما كان من نتائجها صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 وانعقاد قمة اللاءات الثلاثة العربيّة في الخرطوم وتهجير معظم سكان مدن قناة السويس وكذلك تهجير معظم مدنيي محافظة القنيطرة في سوريا، وتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة بما فيها محو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية. لقد كانت هذه النكسة نموذجاً من الحروب الإستهلاكية لخدير الشعوب العربية وأسلوباً لرفع الشعارات الفارغة مما أدى إلى هزائم مريرة ونتائج كارثية.
لم تنته تبعات حرب 1967 حتى اليوم، إذ لا تَزال إسرائيل تحتلّ الضفة الغربية كما أنها قامت بضم القدس والجولان لحدودها، وكان من تبعاتها أيضًا نشوب حرب أكتوبر عام 1973 وفصل الضفة الغربيّة عن السيادة الأردنيّة، وقبول العرب منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بمبدأ «الأرض مقابل السلام» الذي ينصّ على العودة لما قبل حدود الحرب لقاء اعتراف العرب بإسرائيل، ومسالمتهم إياها؛ رغم أن دولاًَ عربيّة عديدة باتت تقيم علاقات منفردة مع إسرائيل سياسيّة أو اقتصادية.
خسائر الحرب
خسائر إسرائيل في الحرب قدرت بين 776 و983 جندي إلى جانب جرح 4517 جندي وأسر 15 جندياً إسرائيلياً. القتلى والجرحى والأسرى في جانب الدول العربية أكبر بكثير، إذ إن نحو 9800 إلى 15٫000 جندي مصري قد قتلوا أو فقدوا، كما أسر 4338 جندي مصري. أما الخسائر الأردنية فهي نحو 6000 جندي قتلوا أو في عداد المفقودين كما أسر 533 جندي، ونحو 2500 جريح؛ أما في سوريا فقد سقط نحو 1000 جندي و367 أسير.
خلال الضربة الجويّة المصرية وطبق البيانات الإسرائيلية تم تدمير 209 طائرة من أصل 340 طائرة مصرية، وحول مجمل خسائر مصر العسكرية، نقل أمين هويدي عن كتاب الفريق أول محمد فوزي أن الخسائر كانت بنسبة 85% في سلاح القوات البرية، وكانت خسائر القوات الجوية من القاذفات الثقيلة أو الخفيفة 100%، و87% من المقاتلات القاذفة والمقاتلات، كما اتضح بعد المعركة أن عدد الدبابات مائتا دبابة تقريبًا دمر منها 12 دبابة وتركت 188 دبابة للعدو. كما دمرت 32 طائرة سوريّة وسجلت نسبة استنزاف كبيرة في المعدات، أما في الأردن فقد بلغ عدد الطائرات المدمرة 22 طائرة، كما فقد العراق جزءًا من سلاحه الجوي بعد أن هاجمت إسرائيل قاعدة جوية في الأنبار، وحسب بعض التحليلات فإن نسب الاستنزاف في المعدات العربيّة وصلت إلى 70 - 80% من مجمل طاقتها.
بعد الحرب:
ساد العالم العربي في أعقاب «نكسته» جو من الكآبة والإحباط، وبينما راحت إسرائيل تتباهى بمنجزاتها «طأطأ العرب رؤسهم خجلاً وحنقًا»، في مصر أعلن جمال عبد الناصر عن تنحيه عن رئاسة مصر «متحملاً المسؤولية الكاملة عن الهزيمة»، إلا أنه عاد عن الاستقالة بعد مظاهرات حاشدة في القاهرة ومدن أخرى، رافضة لتنحيه عن السلطة. رغم ذلك فآثار الهزيمة لم تتلاش بهذه البساطة، إذ تعرض الجيش المصري لحملة انتقادات شعبية لاذعة وسخرية ما اضطر عبد الناصر نفسه للطلب من الشعب التوقف عن حملته مذكرًا أن الجيش يبقى «أمل الأمة». وفي 1 سبتمبر انتحر المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للجيش المصري، بعد أن ابتلع كمية كبيرة من الآكونيتين، تلاه استقالة أحمد الشقيري زعيم منظمة التحرير الفلسطينية وصاحب نظرية «رمي إسرائيل في البحر» كما استقال من منصبه بوصفه ممثلاً لفلسطين في الجامعة العربية.
وفي 8 أكتوبر استقالت الحكومة الأردنية وتألفت حكومة جديدة كان نصف أعضائها من الضفة الغربية إشارة من الملك حسين بن طلال على ما يوليه من أهمية كبيرة للقضية، ثم تمت الدعوة لعقد قمة عربية في العاصمة السودانية الخرطوم كان هدفها «إيجاد إطار وفاق وعمل موحد يمكن أن يكون مقبولاً لدى جميع البلدان العربية»، وقد عرفت هذه القمة باسم «قمة اللاءات الثلاثة» وقد خلصت القمة إلى قرارين بارزين حول عدم تزويد الدول العربية بالنفط للدول الداعمة لإسرائيل، وإنشاء صندوق تموله الدول العربية الغنية وعلى رأسها السعودية وليبيا لمساعدة الدول العربية التي تأثر اقتصادها وبنيتها التحتية بنتيجة الحرب.
لاتوجد تعليقات