رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. سندس عادل العبيد 28 ديسمبر، 2020 0 تعليق

سيكولوجية السعادة في السّنّة النّبويّة – السعادة من ثمرات تطبيق شرائع الدين وأركانه

 

ذكرنا في المقال السابق بيانا لأركان الإسلام وشرائعه التي ذكرها جبريل -عليه السلام- في حديثه، وأن فيها سعادة العبد وفوزه بالدّارين، فقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّ من رضي بالإسلام دينًا ذاق طعم الإيمان، والرضا بالإسلام يتطلب الرضا بأركانه جميعها وتطبيقها، وتحقيق الإسلام على أكمل وجه، وقد تحدثنا عن أثر الشهادتين والصلاة والزكاة في تحقيق السعادة للعبد، واليوم نكمل الحديث عن باقي أركان الإسلام.

الحجّ عبادة عظيمة وتربية ربانية

     الحج من أكثر العبادات التي تجعل روح العبد ترفرف سعادة وحبورًا؛ فهو في بيت الله الحرام، يؤدي عبادات جليلة فيها تعظيم للرب- سبحانه-، وفيها تأكيد عقيدة المسلم، وفيها توبة للعبد، ومشاركة مع المسلمين، ففي الحج أعمال كثيرة تؤدّي إلى السعادة الحقيقية، فقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ» متفق عليه، وجاء هنا لفظ الإيمان نكرة ليشعر بالتعظيم والتفخيم، أي التصديق المقارن بالإخلاص المتبع للأعمال الصالحة، والمبرور من البر، وهو هنا بمعنى المقبول أو لم يخالطه إثم أو لا رياء فيه أو لا تقع فيه معصية.

 

الصبر على تحمل المشاق

     والحج يعلم الناس الصبر على تحمل المشاق، ويدربه على جهاد النفس والتحكم في شهواتها وأهوائها، ويعالج الحج الكبر والزهو والعجب بالنفس، والتعالي على الناس، ويقوي رابط المحبة والأخوة الإسلامية، ويبث مشاعر السكينة والطمأنينة والسرور والانشراح والسعادة، وقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الْحَجَّةُ الْمَبْرُورَةُ لَيْسَ لَهَا جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ، وَالْعُمْرَةُ إلى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» صححه الألباني، الإنسان حينما يؤدّي الحج أو العمرة يشعر بسعادة تشع قلبه، ونور وبركة وتزكية، فلا عجب أن تكون زيارة البيت الحرام سببًا أصيلًا لسعادة المرء.

 

الصيام دربة للعبد على ضبط النفس

     من فضائل الصوم إصلاح الغريزة، وترويضها على الوقوف عند حدود الشرع والعقل، والالتزام بمنهج الدين وتقوية الإِرادة، وسدّ مداخل الشيطان، وفيه تربية للنفس، وإحساس بالآخرين، ما يؤدّي إلى تحقيق السعادة النفسيّة في الدنيا بضبط النفس ومجاهدتها، والنجاة من النار في الآخرة والوصول لدار السعداء جزاء للأعمال الصالحة.

 

فضيلة الصيام

     وفي فضيلة الصيام قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» متفق عليه، ومعنى الصوم جنّة أنه يستر من الآثام أو من النار، أو من جميع ذلك، ومن مزاياه مضاعفة حسنات الصائمين بغير حساب، وهو معنى «وأنا أجزي به» أي أضاعف الثواب عليه بلا حدود؛ لأنّ الاستثناء يدلّ على أنّ مضاعفة أجر الصيام لا حدّ له.

وللصيام فوائد عدة: فهو يقوي الإرادة، وينمي القدرة على التحكم في شهوات النفس وأهوائها، وفيه تدريب للإنسان على تحمل الحرمان والصبر عليه، وفي ذلك إعداد له لتحمل ما يمكن أن يتعرض له في الحياة من أنواع الحرمان المختلفة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك