رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 16 مارس، 2015 0 تعليق

سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 35- العدلُ نظامُ كلِ شيءٍ

نكمل في هذا العدد عرض حلقة جديدة من سلسلة ما تم جمعه وشرحه من قواعد وضوابط فقهية ذات الصلة بالأعمال الخيرية والوقفية، ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من كتب القواعد والضوابط الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية، وأردفتها تطبيقات عملية متعلقة بالمسائل الخيرية والوقفية تمس تلك الأعمال مباشرة.

العدل نظام كل شيء(1)، فالعدل ضد الجور، وانتظام حياة العباد جميعها مرتبط بقَدْر ما عندهم من العدل.

     قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: «وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل، وذلك أن العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يُجزى به في الآخرة(2).

فالعدل في الأعمال الخيرية والوقفية أساس من أسس نجاح عمل المؤسسات المجتمعية وارتقائها وانتظامها، وثقة المجتمع به.

ومطلب العدل في المؤسسات الخيرية لا يتحقق إلا إذا كانت تلك المؤسسات عالمة بما ستعدل، وتحقق العدل من خلاله، فالجاهل لا يتصور أن يكون عادلاً في قضية شرعية يجهلها.

     وبيّن ذلك شيخ الإسلام بقوله: «ولما كان العدل لا بد أن يتقدمه علم؛ إذ من لا يعلم لا يدري ما العدل، والإنسان ظالم جاهل إلا من تاب الله عليه فصار عالماً عادلاً، صار الناس من القضاة وغيرهم ثلاثة أصناف: العالم العادل، والجاهل، والظالم»(3).

ومن التطبيقات الخيرية والوقفية لهذه القاعدة :

1- أن يكون نظام العمل في المؤسسات الخيرية والوقفية قائم على العدل والإنصاف، وأن يُتبع النظام المتفق عليه ليحقق الشفافية في تلك المؤسسات وتطبيق أنظمة العمل، مما يحقق العدل.

2- وتُوزع المساعدات والمخصصات الخيرية على أصحاب الحاجات بالعدل، سواءً رضي الناس أم سخطوا.

3- وكذلك حصص الموقوف عليهم، يُتَقيد بها حسب شرط الواقف ولا يتجاوز عنها، ويَعدل في قسمتها عليهم.

4- وعلى المؤسسات الخيرية ألا تحابي أحداً في توظيف العاملين لديها، فلا تُقدم الأقل كفاءة وأمانة على الأكثر كفاءة وأمانة، فالعدل والقسط بين العاملين مأمورون به، فلا نُحابي أحداً بسبب انتمائه وجنسيته، ولا نسكت عن تفريطه في حفظ الأموال الوقفية والخيرية بسبب قربه منا.

5- والتعامل في حال الخلاف مع أصحاب الحاجات يجب أن يكون قائماً على العدل، فلا يُمنع رجلٌ من حقه في ريع الوقف أو مخصصات خيرية بسبب خلاف حصل معه.

6- وانتقاد المؤسسات الخيرية والمجتمعية غير الإسلامية سواء كانت من الدول الغربية أم العلمانية، يجب أن يُبنى على العدل، فلا يُنكر ما عندهم من الحق، كما لا يُسكت عمّا عندهم من الباطل.

7- والأمر كذلك مع المؤسسات الإسلامية التي قد يحصل بينها تنافس على الخير، فلا تظلم تلك المؤسسات بتعظيم أخطائها للتقليل من شأنها.

8- وأن نكون صادقين عادلين في التوزيع الجغرافي للمشاريع الخيرية والوقفية التي تشيد في المجتمعات والتجمعات الإسلامية، فلا يركز على دول دون أخرى إن كانت إقامة المشاريع في مجتمعاتهم متاحة.

9- وإبرام العقود مع المؤسسات العقارية والتجارية لابد أن يكون قائماً على العدل، لمصلحة الواقفين والمتبرعين، وكذلك بما يحقق مصلحة المستفيدين من الموقوف عليهم، وكذلك أصحاب الحاجات.

10- وفي حال طرح المسابقات التي تتبناها الهيئات الخيرية والوقفية، وتقديم جوائز للفائزين، فلابد من العدل في التقييم والاختبارات حتى ينال الجوائز من يستحقها.

11- وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب الأداء في حال الاستطاعة داخل المؤسسات الخيرية والوقفية إن كانت هنالك منكرات لا بد من إنكارها والتحذير منها، أو أخطاء لا بد من تصويبها، فلا يجوز السكوت والمحاباة خوفاً من تضييع مكاسب شخصية بشرط أن يَسلم الإنكار والتصويب من الوقوع في مفاسد أعظم.

الهوامش:

1- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية/ ط، وزارة الأوقاف السعودية 1416هـ (28/146)، الاستقامة ( 2/247).

2- مجموع الفتاوى (28/146).

3- الفتاوى الكبرى (1/99).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك