رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 25 نوفمبر، 2014 0 تعليق

ذل بالنهار.. وهم بالليل!!

     بعض الناس عظم بطنه، ونبت لحمه، وقوي عظمه بمال غيره، أكله بالباطل،  إن استدان دينا جحده، ولقد حذر الإسلام كل الحذر من التهاون في أداء الدين، أو المطل والتأخر في قضائه، أو التساهل وعدم الاكتراث في أدائه، وتوعد على ذلك بعقوبة مهلكة، ونهاية مؤلمة، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا}(النساء: 58).

وقال صلى الله عليه وسلم : «من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلل منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه» (أخرجه البخاري).

فليحذر المسلم من الدّين وخطورته، والسلف وعقوبته، فربما استدان ومات فيحبس عن دخول الجنة، ويأتيه شعور الغم والهم تحت التراب، والوحدة والوحشة والعذاب، ففي الحديث: «صاحب الدين مأسور بدينه، يشكو إلى الله الوحدة» أخرجه الطبراني.

ولا بد من كتابة الدين، والإشهاد عليه؛ لأنه من القسط والمعروف ومن العدل، وحتى لا ينسى أو يقع الخلاف، قال تعالى: {ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا}(البقرة: 282).

والمسلم ينظر بعين الرحمة إلى أخيه إذا كان ذا عسرة وجاء وقت السداد وتأخر، فالذي ينظر إلى المعسر له أجر عظيم وهذا من باب التيسير، ففي الحديث: «من يسّر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».

     وقد امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة على من مات وعليه دين، فقط ثلاثة دنانير، فقال صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعليّ دينه، فصلى عليه» رواه البخاري، وعندما يحل موعد القضاء يتعجل في السداد، ويدعو لصاحب المال؛ فعندما سدد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين ألفا إلى عبدالله بن أبي ربيعة فقال: «بارك الله تعالى في أهلك ومالك» رواه النسائي.

وأحيانا بعضهم قد لا يعمل الخير إلا أنه يقرض ويسامح ويتجاوز؛ فيغفر الله ذنبه ففي الصحيحين عن أبي هريرة، أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: «إن رجلا لم يعمل خيرا قط، وكان يداين الناس، وكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه».

     أقول لكم أيها الأحبة إن المتدين قد يقع منه آفات عظيمة، منها: الكذب إذا حدث وخُلْفُ الوعد إذا وعد، والحلف إذا أقسم للدائن على أن يرد عليه الدين في أجل معين، وقد تسوء سمعته، وقد يتخلف عن الجُمع والجماعات وعن عمله قد يتخفى، ويتحرج من مواجهة الناس الذين يطالبونه، وقد يضطر للوقوع في الربا من أجل أن يسدد ما عليه، ويروى أن عمر الفاروق  رضي الله عنه كان يقول: «إياكم والدين، فإن أوله هم وآخره حرب»، وقال آخر  الدين رق استعباد، وقال ثالث الدين هم بالليل وذل بالنهار.

     وكان رسولنا  صلى الله لعيه وسلم يتعوذ بالله في عماله وخدمه فلا يأكل حقوقهم ولا يضيعها ولا يتملص من عدم الوفاء بها، فقصة هؤلاء الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار، فقال أحدهم: اللهم إني كنت استأجرت أجيرا فلما قضي عمله قال لي: أعطني حقي، فعرضت عليه فرقه فرغب عنه، قال: لا أريده الآن، فلم أزل أزرعه، يعني: أنميه، حتى جمعت منه بقرا ورعاء، نميت له هذه المال حتى جاءني في يوم من الأيام وقال: اتق الله ولا تظلمني حقي، قلت: اذهب إلى تلك البقرة ورعائهافخذها كلها، فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك خذها، قال اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج ما نحن فيه، ففرج الله ما بقي من الصخرة.

فالمسلم لا يلتجئ إلى الدين إلا في أحلك الظروف، ثم ينوي أن يسددها، ولا يماطل، وليتق الله والله عز وجل يكشف عنه الغمة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك