رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر المحلي 18 أغسطس، 2014 0 تعليق

بريد القراء

 نسبية المعرفة ووهم الحق المطلق والإدراك التام

     هب أنك قد أتيت ببعض الأشخاص معصوبي العينين أمام فيل ضخم، ثم أوقفت كل شخص منهم أمام جزء من أجزاء الفيل فمنهم من وقف أمام ساقه، ومنهم من وقف أمام ظهره، ومنهم من كان أمام أذنه، وآخر أمام ذيله، وأخير أمام خرطومه، وقد اجتمعت هذه الأشخاص على عدم معرفتهم مسبقا بشكل الفيل ثم أخبرتهم بأنهم أمام الفيل وعلى كل واحد منهم أن يصف كيف يرى الفيل؟

فبدأ كل شخص يسرد وصفه فمنهم من وصفه أنه جسم ضخم منبسط واسع؛ ذلك أنه كان أمام ظهره، والآخر يصفه أنه ملتف أسطواني قائم كأشبه ما يكون بجذع الشجرة وهو من كان أمام ساقه، وآخر يصفه بالرقة والليونة؛ ذلك أنه كان أمام أذنه وهكذا كل تبارى في وصف الفيل من واقع ما لامس!

     كثيرا ما كان هذا المثال وهذه الكلمات التي ذكرها التوحيدي منذ مئات السنين فيما أسماه بنسبية المعرفه أمر أقف أمامه كثيرا ولاسيما عندما يكون العصر والزمان موطن خلاف كبير وتراشقات ضخمة أو موجات علمانية؛ إذ إن كلا من هؤلاء الأشخاص قد صدق فهو في قوله قد أصاب الحقيقة ولا ريب، لكنه ما تراءى لك من الحقيقه، وما خفى عليك ولم تدركه أعددته وهما لا أصل له بجعل أن ما تدركه هو إلمام بالصورة كلها فتكلمت من واقع أن إدراكك هو الحق المطلق والإدراك التام للأمر وقد تصم أذنك ولا تسمع غيرك، وتعيش حبيس فكرك ورؤيتك التي قد لا ترى الفيل إلا سطحا أملس رقراقا يوافق ما لامسته من أذنه؟ 

بل قد أعادي من يقول غير ما أقول ما دمت قد لمست الأمر بيدي فكيف لي أن أقبل من يصف الفيل أنه كجذع النخلة وأنا ما لامسته بيدي وأدركته قدراتي هو سطح أملس ضخم؛ حيث كنت أمام ظهر ه؟ 

     ذلك أن الإنسان حينها يعيش حبيس وهم أحاط به نفسه وأوثق اللجام على لُبه وهو إعطاء قدراته وهو العبد ما ليس له أن يكون، فالحق المطلق والإدراك التام هو حق للخالق ذي القدرة والجبروت والملك والملكوت، صاحب الكمال هو الحق الذي لا ريب فيه وما يثبته الملك لنفسه وما يأمر به عبيده في محكم كتابه أو من هدي نبيه هو أنواع من أنواع الحق المطلق لكمال من أمر بها وتميزه وحده جل في علاه بالقدرة التامة والإدارك التام؛ ومن ثم فقد أخذ أمره ذلك الحق المطلق الذي لا ينبغي لمن هو عبد (محدود القدرة وإن توهم العبد عظمة قدرته في نظره) أن يعد إداركه هو وهو عبد حق مطلق، ومع إداراك هذا فقط يوقن العبد أن لحياته حقيقة واحدة وأن الحقيقة المطلقة هو ما أتى به الشرع 

     وما فيه من خلاف في قضايا وأقوال ومواقف ليس له إلا أن يتبع فيه قول الحق المطلق فقبل أن يقول رأيا ويتحدث للعوام في أمر هو حديث الساعة وهم العوام وجب عليه حينئذ أن يدرس فقه الخلاف فيعلم متى يتكلم؟ ومتى ينصت؟ وأخلاقه في الخلاف مع من خالفه قبل أن يكون مع من وافقه وهدفه في الحوار والنقاش وكيف يكون الحديث حورا مطلوبا أو جدلا منهيا عنه؟ وكيف يكون مع من تعدى عليه في الخلاف ؟ وكيف ؟ وكيف ؟ كيف؟
فقط قبل أن تأخذك الحمية في الخلاف أو انغماس أو أعمال للعقل في العبادات أو التحدث بما ليس لك أن تتحدث فيه أوغفلتك عما يجب أن تبحث عنه تذكر أنك عبد محدود القدرة ضئيل الإدراك تقف أمام جزءا من الصورة تلمس بإدراكك جزء من الفيل وليس كله، وقد تحبس حياتك في هذا الإدراك العاجز وقد تدفعها ثمنا له والأمر عند المولى قد يكون مختلفا: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}(الكهف: 104،103)، فالتحذير شديد والصورة واضحة وهي لمن سلك طريقا غافلا أو جاهلا أو واهما بعيدا عما أمر به الرب وإن زينه له عقله أو صحبه!

د. أحمد السعدي

كفرالشيخ - مصر

 

توبا.. لينصلحوا

أحبائي في الله كم منا يتساءل عن سبب عدم التزام أبنائه أو أحدهم؟!! كم منا يتحسر على لحظات فاتت من عمره ولم ير إنتاجاً لمن يحبه!! كم منا يرى ابنه يحيد عن نهجه ودربه دون أن يقوى على رده؟ كم منا يرى أبناء غيره في حال طيبة وأبناءه على حال..؟

كم وكم من التساؤلات تحير الكثيرين وقد لا نجد لها تفسيراً إلا أن الله -عز وجل- هو الهادي، وقد دفعنا إلى التوكل عليه حتى نصل إلى مبتغانا وهدفنا.

هل سألت نفسك إذا كنت على قدر من الالتزام المطلوب منك؟

هل سألت نفسك إذا كنت أديت الواجبات المطلوبة منك؟

هل أديت فريضة الحج وأنت مستطيع؟

هل وهل؟

أظن بأن الأمر واضح، قد يكون سبب انحراف الأبناء عن الطريق الذي رسمته لهم نابعاً منك أنت.

نعم أنت.. أيها الأب.. أيتها الأم!

الله سبحانه وتعالى، ضرب لنا مثلاً في قصة غلامي الجدار، عندما بعث الله -عز وجل- نبيه موسى عليه الصلاة والسلام مع الرجل الصالح حتى يقيما للوالدين الجدار حفاظاً على كنزهما والسبب هو صلاح أبويهما..

وقد يكون فساد الأبناء، ضياعهم، انحرافهم، وعدم التزامهم، بسبب غيابنا عن الرسالة الأصلية التي قال الله -عز وجل- عنها في كتابه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(الذاريات: 56).

هل فهمت الرسالة؟!

نعم... فهمت!

إذًا ماذا تنتظر؟ بادر حالاً إلى:

1- الاستغفار والتوبة بشروطها.

2- رد الحقوق إلى أصحابها.

3- ترك الربا والبنوك الربوية.

4- الاستشارة والاستخارة.

5- إقامة الواجبات الشرعية.

6- مجالسة الأبناء ومصارحتهم وعقد صلح معهم.

7- مشاركتهم نشاطاتهم وتكون القدوة الصالحة لهم.

8- البحث عن الصحبة الطيبة لك ولهم.

9- كثرة الدعاء إلى الله -عز وجل- أن يهديك ويهديهم ويسترك ويسترهم.

عبد الرحمن الصالح

 

 

كن كالمحبوس!

 المحبوس تسيطر على ذهنه مفردات: (الحبس) (الإفراج) (الحُكم) (القاضي) (التهمة) (الدفاع) (البينة) (البراءة) (التخفيف) (العقوبة) (المدة)، فتراه يفكر في هذه المفردات في قيامه وقعوده وصحوته ومنامه وأكله وشربه وصلاته ورياضته.

وتراه إن أمسك جريدة مثلاً أو سأل عن الأخبار اهتم بما يتعلق بالحبس والإفراج وبما يخدم قضيته وينجيه من العقوبة، لا يتوقع أن يبحث عن موديلات السيارات وأسعار الفِلل السكنية... فهذا كله لا يعنيه!

فلنستحضر أننا في هذه الدنيا محبوسون عن وطننا الأصلي، وهو الجنة، وأن معاصينا تـُهم حقيقية عليها بيِّنات، فنستحق عليها العقوبة، وأن نقطة دفاعنا الرئيسة عن أنفسنا هي أننا موحدون، فإن تبين أن توحيدنا هذا مطعون فيه فلا تسأل عن مدة العقوبة! 

     ولْنتذكر أن البراءة من هذه التهم تكون بالتوبة النصوح، وأن من بيده القضاء هو الحَكَم الحق: الله جل جلاله، حينئذ، سنحرص على استرضاء الحكم الحق، والعمل بما ينقلنا من سجن الدنيا إلى سعة الآخرة، ولن ننشغل بسفاسف الدنيا وملهياتها، فهي لا تعنينا، وستكون قضية النجاة من عقوبة الله ونوال ثوابه ورضاه مسيطرة على أذهاننا حية في قلوبنا لا نغفل عنها ساعة أبداً، قال ابن القيم:

فحي على جنات عدن فإنها

                                       منازلك الأولى وفيها المخيم

ولكننا سَبْيُ العدو فهل ترى

                                       نعـــود إلى أوطــــاننا ونُسلَّم

محسن عبد الغفار 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك