رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: منذر المشارقة 16 يوليو، 2020 0 تعليق

الكلمات الموجزة في الرد على كتاب – المسائل الخلافية بين الحنابلة – والسلفية المعاصرة

 

 

وقع في يدي كتابان، من تأليف الشيخ/ أشرف نزار حسن (عضو المجلس الإسلامي للإفتاء في بيت المقدس)، الكتاب الأول: (المسائل الخلافية بين الحنابلة والسلفية المعاصرة)، والثاني: (قضايا محورية في ميزان الكتاب والسنة)، ولما كان الكتابان مليئيْن بالطعن في الدعوة السلفية المباركة؛ حيث احتويا على عدد من الشبه والافتراءات، منها: أن السلفية على مذهب الظاهرية، وأنهم مخالفون للإمام أحمد، ومنها: أن السلفيين يبدعون غيرهم عند المخالفة، كما أن السلفيين ليس عندهم فقه الأولويات، ولا يناصرون قضية فلسطين، ولم يضحوا ولم يسجنوا؛ فالسلفية حزب نخبوي، ومضامين مصطلح السلفية بدعي، وخلاف علماء السلفية مع علماء الحنابلة في الفقة؛ فمن هنا رأيت لزامًا علي كأحد أبناء هذه الدعوة المباركة الرد على هذه الادعاءات الباطلة.

 

     بداية لابد أن يُعلم أن الدعوة السلفية لها الدور العظيم في إعادة المسلمين إلى دينهم وعقيدتهم الصحيحة، كما كان لعلمائها الدور البارز في تصحيح عقائد كثير من المسلمين وتصحيح عباداتهم، ويكفي السلفيين شرفا انتسابهم إلى الصحابة -رضوان الله عليهم- عقيدة وعملا، ومن جاء بعدهم من التابعين والأئمة الأربعة الذين أجمعت الأمة على إمامتهم.

 

 الشبهة الأولى  

أن السلفيين ليسوا على مذهب الحنابلة

يقول المؤلف - هداه الله- إن السلفية المعاصرة الدعوية أو الظاهرية الجدد ليسوا في الحقيقة حنابلة أو ينتسبون إلى الإمام أحمد بن حنبل، ودليلي على ادعائي هو عدم تطابق آرائهم مع مذهب الحنابلة.

      وهذا يدل على عدم معرفته بالدعوة السلفية بوصفها منهجا للتلقي؛ حيث إنه يؤكد على أن السلفيين لا تتطابق آراؤهم مع مذهب الحنابلة، وهذا حق، مع إدراكهم أن التعلم على المذاهب، من المسالك العلمية التي ينصح بها أهل العلم السلفيين، وما من إمام إلا ودرس على مذهب من المذاهب الأربعة، فالإمام الألباني - رحمه الله- كان أبوه حنفيا ودرس الفقه الحنفي، وعلماء الحجاز حنابلة، وعلماء السلفيين في الهند أحناف، وفي المغرب العربي مالكية.

كما إن هناك حنابلة خالفوا اعتقاد السلف الصالح، وهناك شافعية وأحناف ومالكية على مذهب السلف الصالح، وهذا دليل بأن السلفية ليست مذهبا ولا حزبا كما تدعي، وإنما هي طريقة لفهم الدين وهي طريق الصحابة -رضوان الله عليهم- ومن تبعهم من أئمة الإسلام، فهل يا شيخ رائد صلاح تؤيد هذا الكلام؟!

الشبهة الثانية

السلفيون يبدعون غيرهم عند المخالفة

يقول المؤلف إن سلف الأمة اختلفوا فيما بينهم في الفقه وفي كيفية التعامل مع الواقع، ووسعهم الخلاف، ولم يتهم بعضهم بعضا بالبدعة أو الفسق.

     وهذا حق، والسلفيون -بحمد الله تعالى- سائرون على هذا النهج، فمتى بدّع السلفيون غيرهم بسبب الآراء الفقهية وكيفية التعامل مع الواقع؟ وكيف يكون هذا الادعاء صحيحا والسلفيون مختلفون فيما بينهم في المسائل الفقهية، ويرد بعضهم على بعض؟ ولا يخدش هذا في سلفيتهم، فيسعهم ما وسع الأئمة قبلهم، وعلماء الدعوة السلفية ينطلقون من منطلقات شرعية وليست حزبية، ولو أردت أن أسوق أدلة على صحة كلامي لاتسع المجال، ولكن أضرب لذلك بعض الأمثلة لعلها تقنع الكاتب خطأ دعواه، فقد اختلف أهل العلم في حكم دخول البرلمانات، واختلفوا في حكم الاستعانة بالقوات الأجنبية وغيرها من النوازل.

الشبهة الثالثة

السلفيون ليس عندهم فقه الأولويات

يقول المؤلف: (إن اختلاف فقه الأولويات هو أظهر سمات السلفية).

     لا بد أن يعلم أن أولويات الدعوة السلفية وأصولها هي التوحيد والاتباع والتزكية، وهذه الأصول هي التي دعا إليها الرسل -صلوات والله وسلامه عليهم أجمعين-، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وقال -تعالى-: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}، ويشمل كذلك الدعوة إلى تحكيم شرع الله وإعادة الأمة إلى دينها، وعن أهمية الاتباع وأنه أصل من أصول الشريعة قوله -تعــالى-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وقوله -تعالى-: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وحذرنا من الابتداع في الدين فقال في حديث العرباض بن سارية: «وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» رواه مسلم. ودليل مقام التزكية في الشريعة في قوله -تعالى-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} سورة الجمعة. وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»، فهذه الأصول لا تتغير بتغير الزمان والمكان كونها أصول الشريعة وغيرها تبع لها، لذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤكد عليها في السلم والحرب، والعسر واليسر، وفي السفر والحضر.

     كما أن من أهدف الدعوة السلفية وأولوياتها إيجاد الأمة الصالحة الداعية إلى الله، قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (الفتح:28)، كما أن من أهدافهم إقامة الحجة لله على الناس، قال -تعالى-: {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (النساء:165).

كما أن من أهدافهم تعليم الناس، قال -تعالى-: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (آل عمران:164).

فما الأولويات عند الكاتب؟ أهي الثورات العربية والكلام في الحكام والمؤامرات الغربية التي لا يجهلها أحد، وتهييج عواطف الناس، دون ترسيخ العقيدة في نفوسهم؟ أم اللقاءات والتعاون ومد الأيدي مع الذين يسبون الصحابة لتحرير فلسطين؟ أم دخول البرلمانات ومناكفة السلطات؟ وكما قالوا: من ثمارهم تعرفونهم.

الشبهة الرابعة

السلفيون لا يناصرون قضية فلسطين

يقول المؤلف إن السلفيين لم يضحوا يوما بحياتهم من أجل الذود عن حق المسلمين في فلسطين، كما أنهم لم يدخلوا السجن يوما.

     أما موقفنا في قضية فلسطين فإننا نعتقد أن من المسلمات والمؤكدات والمقررات أن المسلمين جميعاً آثمون اليوم بسبب تقصيرهم في قضية فلسطين، ومما ينبغي أن يذكر بهذا الصدد: أن السلفيين ينظرون للأمور جميعها بما فيها قضية فلسطين بمنظار شرعي، ويؤمنون بالعمل دون القول، فمتى يسّر الله -عز وجل- لهم الجهاد هبّوا وما قعدوا، والجهاد عندهم له أسس وقواعد، وهم في ذلك كله وراء العلماء الربانيين لا أمامهم.

فالقضية خاضعة للأحكام الشرعية وهم يعتقدون عقيدة جازمة - من خلال نصوص الوحيين الشريفين (الكتاب وصحيح السنة) أن صراعنا مع اليهود صراع وجود لا صراع حدود، وهذه من الثوابت في أفهامهم في قضية فلسطين.

ومما ينبغي أن يذكر بهذا الصدد؛ أن السلفيين ما قصروا أبدا في البيان والكلام وما سكتوا ولن يسكتوا؛ فإن مخالفة أهل الكتاب (اليهود والنصارى) مركوز في حس كل سلفي في أمور حياته وتصوراته وسلوكياته.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك