رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 20 أبريل، 2015 0 تعليق

القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 40- يجوز في التطوع ما لا يجوز في الفرض

نكمل في هذا العدد عرض حلقة جديدة من سلسلة ما تم جمعه وشرحه من قواعد وضوابط فقهية ذات الصلة بالأعمال الخيرية والوقفية، ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من كتب القواعد والضوابط الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية، وأردفتها تطبيقات عملية متعلقة بالمسائل الخيرية والوقفية تمس تلك الأعمال مباشرة.

قاعدة: «يجوز في التطوع ما لا يجوز في الفرض»(1).

 هذه القائمة لها معنى قريب في باب الزكاة، وخرج منها ضابط جمع بعبارة: «جنس التطوع بالصدقة أوسع من جنس فرضها».

     فالشريعة الإسلامية خففت في النوافل ما لم تخففه في أحكام الفرائض، فجعلت مبنى النوافل على التيسير بالنسبة للفرائض، فرخصت في التطوعات ما لم ترخصه في المفروضات فيجوز في التطوع من الأفعال والأقوال ما لا يجوز في الفرض.

     فمن فضل الله -تعالى- على عباده أن شرع لهم من الأعمال ما يكثر فيها الأجر والحسنات، وهي مكملة للواجبات، وأيسر على المكلف، بل تمس رغباته واهتماماته، فها هي الأعمال التطوعية مما لا تحصى في مجالاتها وأعمالها.

     فالزكاة ركن من أركان الإسلام، وحددت بنصاب ووقت، أما الصدقات فهي باب مفتوح للمسلم متى شاء تصدق بلا نصاب ولا وقت يحددها، ومنها الوقف الذي هو تشريع رباني، جمع بين الرحمة والنعمة، لمقاصد عظيمة، ومنافع وفيرة، ومجالات متعددة، وحاجات متجددة، يحقق للعباد المنافع الدنيوية، والأخروية، ويدوم معه الأجر بعد الممات.

     فالواجب على المسلم أن يوجه همه وإرادته أولاً إلى أداء الفرائض وأحكامها حتى تبرأ ذمته، فإذا أدَّى الفرائض ووفاها حقها كملها بالنوافل، حتى الفرائض نفسها ينبغي أن يرتبها بعضها على بعض حسب منزلتها في دين الله.

ومن التطبيقات الخيرية والوقفية لهذه القاعدة:

1- جواز توزيع ريع الوقف الأهلي على الذرية بالتساوي، خلاف التوزيع الواجب في الميراث للذكر ضعف الأنثى.

2- والصدقة المندوبة يجوز إعطاؤها للكافر المحتاج، وأما الزكاة فإنه قد ضيق في أهلها فلا يجوز صرفها لغير الأصناف الثمانية من المسلمين؛ وذلك لأن جنس النفل أوسع من جنس الفرض.

3- وفي إقامة المشاريع الوقفية يُفسح المجال أمام المسلمين ليشملوا بأوقافهم غير المسلمين من أهل الذمة، بشرط ألا تكون على عبادتهم.

4- والكفارة تعطى للمساكين من المسلمين ولا يجزئ دفعها إلى غير المسلمين، خلاف المساعدات العامة.

5- والإصلاح بين الناس يعد من قبيل التطوع فلا ينقل ما يقوله الطرفان، وإنما يجوز الكذب بين المتعاديين للإصلاح(2).

6- وعلى المؤسسات الخيرية أن تقدم ما هو مفروض على ما هو نفل وتطوع، فحث وتنبيه الناس على أداء الزكاة وأحكامها مقدم على حثهم ودفعهم لسنة الصدقة والتبرع.

7- وترك المؤسسات الخيرية والوقفية ترتيب الأولويات في توزيع الخيرات أمر مذموم وهو من جملة الشرور، فكما أن فرض العين مقدم على فرض الكفاية، فكذلك توزيع الخيرات بعضها أولى من بعض.

8- وعلى المؤسسات الخيرية ألا تضيع الفروض اللازمة بسب النوافل، وحكم الشرع: إن النوافل لا يجوز أن تقدم على الفرض، فإقامة المساجد والمدارس أولى من إقامة الأندية الرياضية وأشباهها.

الهوامش:

1- إتحاف النبهاء بضوابط الفقهاء، وليد بن راشد السعيدان، (1/304).

2- الزراقا: شرح القواعد: 205- 206.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك