رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 27 يناير، 2016 0 تعليق

العمل الخيري… من التنفيذ إلى التوجيه

لا شك أن واقع الدول العربية والإسلامية من الناحية الاقتصادية فرض واقعاً قد قسم الدول إلى دول غنية ودول فقيرة؛ بسبب ما قد حباها الله -تعالى- من وفرة في النفط؛ حيث جعل من الدول النفطية دولا ممولة للكثير من المشاريع الإغاثية والخيرية والتنموية في الدول الفقيرة.

     وهذا قد انعكس تبعا لذلك على حال العمل الخيري والتطوعي بأن أصبحت دولا ممولة وداعمة للمشاريع الخيرية في خارجها، ودولا مستقبلة للمشاريع، وهذا أثر سلبا في طبيعة عمل تلك المؤسسات التي حصرت عملها في تسويق مشاريعها لخارج بيئتها التي خرجت عن مقصد العمل الخيري وهو المشاركة المجتمعية.

واختلفت تبعاً لذلك الهيكلية الإدارية والتنظيمية في طبيعة تكوين قطاعات المؤسسة، وآليات العمل والبرامج المنفذة لتتوافق مع الواقع الذي فرضته الظروف الاقتصادية ومستوى دخل الفرد والفجوة بين الطبقات في المجتمع الواحد.

     وظهر جلياً التفاوت في قدرات المؤسسات الخيرية حتى في الدول الداعمة جعل منها ما هو مميز في عمله ومخرجاته وإدارته ومنهجيته العلمية والإدارية، في حين اقتصر عمل بعضها على ضخ المشاريع إلى الخارج دون الالتفات إلى أمر في غاية الأهمية، وهو فتح آفاق وأبواب للجمعيات الخارجية لمشاركة مجتمعاتهم ومساهمتها في أعمالهم وأنشطتهم الخيرية.

وأضحى عمل المؤسسات الخيرية الخارجية وتفكيرها واستراتيجياتها محصوراً في تسويق مشاريعها، وانتهاز الفرص والمواسم لتوفير إيراداتها التشغيلية، واكتساب الدعم لمشاريعها التعليمية والمجتمعية والشرعية.

وسنقف ثلاث وقفات أساسية قبل البدء في موضوعنا حول مشروع الانتقال من التنفيذ إلى التوجيه، وبحث السبل المؤدية إلى تحقيق المقصود:

-  الوقفة الأولى: مقاصد العمل الخيري لا تخرج عن مقصدين: الإخلاص إلى الخالق، والإحسان إلى المخلوق. ومقاصد صرف الأموال في العمل الخيري لأمرين: سد الحاجات، والإعانة على الطاعات.

- الوقفة الثانية: العمل الخيري مؤصل في الأمة فدافعه شرعي لا ينفك عن عقيدة الأمة؛ ومجاله لا يقتصر على جمع المال، فهو كل طريق خير يعود بالنفع على الناس.

-  الوقفة الثالثة: أَصل الإسلام المشاركة والمسارعة في فعل الخير من الجميع الفقير والغني، بل وشجع عطاء الفقير، قال صلى الله عليه وسلم : «سبق درهم مائة ألف درهم»، فدرهم الفقير الذي يقدمه لأعمال الخير خير من ألف درهم من أصحاب الأموال.

 

ما المطلوب لتغيير هذا الواقع؟

     الحل لتلك الإشكالية التي تتمثل في نشاط المؤسسات الخيرية والتطوعية الخارجية التي تعتمد اعتماداً كلياً على الدعم الخارجي لمشاريعها؛ حيث اتخذت منهجية تسويق مشاريعها في اتجاه واحد، وأهملت في جُل أعمالها التوجه نحو الداخل؛ فحل تلك المشكلة لا يكون إلا بمشروع تشارك فيه جميع المؤسسات الخيرية والتطوعية والإسلامية في دولة الكويت سواء الأهلية منها أم الحكومية، يعدل الاتجاه، ويُقوم العمل الخارجي ليضمن له الاستمرارية والنماء.

وذلك الواقع بحاجة إلى كثير عمل لتعديل الاتجاه، والتوجه نحو التسويق الداخلي في بيئات العمل، وذلك  يتطلب تدريب المؤسسات الخارجية، وصقل مهارات العاملين فيها لفتح مجالات محلية تستقطب المتبرعين والشركاء لمؤسساتهم الخيرية.

     مما يدفع المؤسسات الداعمة اتخاذ وسائل عدة لتدريب الهيئات والمؤسسات الخارجية على أسس التسويق والمهارات المتخصصة التي يتعين معرفتها لتطوير أساليب نشر ثقافة التصدق والبذل، فالبرامج التدريبية الهادفة لتحسين الأداء التسويقي، يوفر للجهة الخيرية والتطوعية فئة متميزة تستطيع تسويق المشاريع في حال الاستقرار والطوارئ ما يحقق استمرارية الجهة التطوعية في خدمة الشريحة المستهدفة بخدماتها.

وكذلك التدريب على كسب المتطوعين، فمن الأخطاء في المؤسسات الخيرية أن يكون العاملون فيها من العاملين بأجر، وخلو المؤسسة من المتطوعين أو ندرتهم فيها، وهذا يعكس واقع تفاعل المجتمع مع تلك المؤسسة.

جوهرة الثقة وتسويق المشاريع في بيئات العمل الخارجية:

     لا شك أن تزعزع الثقة من الأسباب الرئيسة في عزوف المجتمع للدعم والمشاركة في الأنشطة الخيرية داخل الدولة، بل في بعض الأحيان المؤسسات المدعومة من الخارج بطريقة كاملة تكون موضع شبهة في المجتمع، وتشن عليها الشبهات لإضعافها على الرغم أنها تعمل لخدمة المجتمع وأفراده.

فلماذا مؤسسة تعمل في منطقتها وتخدم مجتمعها، ولكنها لا تستقطب أي تبرعات من الداخل، ولا تجد أي تفاعل من المجتمع على مستوى التطوع لتلك المؤسسة، بل لا تحاول أن تتجه للداخل في بيئتها ومجتمعها؟

لا شك أن معرفة الأسباب الحقيقة وسبر أسرار العزوف عن تسويق المشاريع في بيئة العمل، لتكون في اتجاه واحد الاستقبال فقط والاستجداء من الخارج، يكشف لنا حقيقة الأمر، ويوضح لنا خطة الطريق لحل تلك المشكلة.

بل هنالك مشكلة في غاية الخطورة، وهي اعتماد بعض المؤسسات على مصدر واحد من مصادر الدعم من دولة واحدة ومن جهة واحدة، وتتعاظم المخاطر في توقف دعم تلك الجهة، فتتوقف المشاريع والخدمات التي تقدمها لمجتمعها.

نتساءل: لماذا المؤسسات الخيرية الخارجية تعتمد اعتماداً كلياً على الدعم الخارجي ولا تسوق بعض مشاريعها في الداخل؟.

وقد أجاب بعض العاملين في القطاع الخيري في دولة الكويت عن ذلك التساؤل بالآتي:

1- لسهولة الحصول على الدعم.

2- التخلص من المساءلة المحلية في طريقة صرف الأموال.

3- تسويق مشاريع ليس عليها مساءلة دقيقة حتى من الجهات الداعمة.

4- عدم الالتزام بأي مطلب من متطلبات الرقابة والتدقيق.

5- شخصنة المؤسسة الخيرية، وجعل المساعدات لصفات اعتبارية مجتمعية.

وفي الختام أرى أن تتشارك مؤسساتنا الخيرية داخل الكويت

 في وضع الحلول لتلك الإشكالية، وذلك بتقديم مشروع تشارك فيه جميع المؤسسات  الكويت سواء الأهلية منها أم والحكومية، يعدل الاتجاه، ويُقَوم العمل الخارجي ليضمن له الاستمرارية والنماء.

هذا ما تيسر جمعه، وما سبق ما هو إلا نقاط استرشادية أولية بحاجة إلى كثير جهد وعمل للتغيير والتوجيه والتدريب بما ينفع العمل الخيري في الداخل والخارج.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك