رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 23 يوليو، 2013 0 تعليق

العليم (2)

     يقول ابن القيم في بدائع الفوائد: «من صفات الله سبحانه وتعالى صفة تحصل من اقتران الاسمين والوصفين بالآخر وذلك قدر زائد على مفرديهما.. نحو الغني الحميد.. فإن الغنى صفة كمال، والحمد كذلك.. واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر». كلام جميل من عالم جليل، كلما أقرأ لابن القيم أجد الكلمات السهلة الجميلة التي تعبر عن أمور جليلة، ويزيدني علما وإيمانا، بالمناسبة، وجدت في بحثي -بعد أن تركنا المجلس- أنك أغفلت اقتران اسم العليم بـ«الحفيظ»، فتكون الأسماء التي اقترنت بـ«العليم» أحد عشر اسما، أتى قبله «السميع، العزيز، الخلاق، الفتاح، الشاكر، الواسع، الحفيظ»، وأتى بعده «الحليم، القدير، الخبير»، وأتى «الحكيم» قبله وبعده، حسب مناسبة الآية.

- كان لقاؤنا بعد صلاة التراويح في اللة الثالثة من رمضان، وكان إمامنا يقرأ من سورة البقرة ينجز ربعين كل ليلة.

- كنت أقرأ في القواعد الحسان لتفسير القرآن لابن سعدي -رحمه الله- يقول: «عليك بتتبعها -الأسماء الحسنى- في جميع الآيات المختومة بها تجدها في غاية المناسبة، وتدلك على أن الشرع والأمر والخلق كله صادر عن أسمائه وصفاته -سبحانه- ومرتبط بها، وهذا باب عظيم في معرفة الله ومعرفة أحكامه وهو من أجل المعارف وأشرف العلوم».

- لنتدبر بعض الآيات التي ورد في آخرها (العليم).

- في الآية 32 من سورة البقرة يقول تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ     }، فإن مناسبة اقتران هذين الاسمين هنا كما قال ابن السعدي (بتصرف): «لما خلق الله آدم وعلمه أسماء كل شيء مما جعله الله أمامه وعجزت الملائكة عن معرفتها أقرت الملائكة بحكمة الله في تعليمه من شاء ما شاء..» وخطئهم في قولهم: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} (البقرة: 30) حين أخبرهم عز وجل: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} (البقرة:30)، وبين لهم هذه الحقيقة من علمه وحكمته في إيجاد هذا الخلق.

- إن تدبر آيات الله يبدأ بتدبر خواتيم الآيات، تعال نتدبر الآيات التي ختمت بـ«الواسع العليم».

يقول تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } (البقرة:115).

- هات ما عندك في هذه الآية.

- دعني أقرأ لك من كلام ابن سعدي في «القواعد الحسان»: «واسع الفضل واسع الملك جميع العالم العلوي والسفلي بعض ملكه، ومع سعته في ملكه وفضله فهو محيط علمه بذلك كله، ومحيط علمه بالأمور الماضية والمستقبلة، ومحيط علمه بما في التوجه إلى القبلة من الحكمة، ومحيط علمه بنية المستقبلين لكل جهة من الجهات إذا أخطؤوا القبلة المعينة من غير قصد ولا عمد».

- جميل.. وهكذا أظن لو تدبرنا الآية الأخرى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:261).

- نعم جميع خواتيم الآيات من الأسماء الحسنى تناسب موضوع الآية، يفهمها من يتدبرها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك