رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. سندس عادل العبيد 26 أغسطس، 2021 0 تعليق

السعادة في السنة النبوية – أثر الاستخارة في طمأنينة القلب وعلاج القلق

 

ما زال حديثنا مستمرا عن سيكولوجية السعادة في السنة النبوية، واليوم نتحدث عن أثر الاستخارة في طمأنينة القلب وعلاج القلق، فالاستخارة نعمة من الله أنعم بها -سبحانه- على العباد، فكم من أمر احتار به العبد وحزن وضاق، ثم استخار الله -تعالى- وهو العالم بكل الأمور خيرها وشرها، ففتح الله له الخير أينما كان.

     والاستخارة هي طلب الخيرة في الأمر الذي يريده العبد كما علمنا رسول الله -[- بالصلاة والدعاء المعروفين، ومن استخار الله حصلت له السعادة والراحة والطمأنينة والرضا، فقد فوض أمره واختياره لله -سبحانه- الذي يعلم الأصلح له، فهدأت نفسه وسكنت واكتملت سعادتها، ومن سعادة ابن آدم أيضًا رضاه بما قضى الله له من خير أو غيره فإنه لا يقضي -تعالى- لعبده إلا بكل خير وإن كان شرًّا في ظاهره.

 

من علامة سعادة العبد 

     والرضا بقضاء الله وهو ترك السخط علامة سعادة العبد، وإنما كان علامة سعادة العبد لأمرين: أحدهما: ليتفرغ للعبادة؛ لأنه إذا لم يرض بالقضاء، يكون أبدا مهموما مشغول القلب بحدوث الحوادث، ويقول: لم كان كذا ولم لا يكون كذا؟ والثاني: لئلا يتعرض لغضب الله -تعالى- بسخطه، وسخط العبد أن يذكر غير ما قضى الله له ويظن أنه أصلح وأولى.

 

التخلص من العناء النفسي

     وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدرب المسلمين على التخلص من العناء النفسي، وعلى التوكل والرضا في كل الأمور، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي، فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي. قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ.

     ففي حالة القلق يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته دعاء الاستخارة بارجاع الامر لعلم الله وفضله، ولا سيما عند اتخاذ القرار؛ حيث الحيرة والهم، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -» فرضني به» غاية السعادة والطمأنينة والسكينة، قال ابن القيم: «فتأمل كيف وقع المقدور مكتنفًا بأمرين: التوكل الذي هو مضمون الاستخارة قبله، والرضا بما يقضي الله له بعده، وهما عنوان السعادة».

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك