رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 1 أبريل، 2013 0 تعليق

الدكتور أحمد النقيب لـ«الفرقان»:لا بد لـمؤسسات العمل الـخيري أن تظهر الـمنهج السلفي الصحيح وأن يكون لها دور مؤثر في الدعوة وفي تغيير الواقع الـمرير للأمة

 

ظني أن الاتجاهات التي قامت على الدعوة وتمارسها دون مزاحمة سياسية، أظن أن سيكتب لها التوفيق

المنهج السلفي هو القادر على تغيير المجتمع لما هو أفضل، فنحن نعرف الحق ونرحم الخلق

 

 

أكد عدد من علماء الدعوة السلفية ومشايخها أن واقع الـحركة العلمية للدعوة السلفية شهد تراجعًا ملحوظًا بعد ثورة 25 يناير، وبدا ذلك واضحًا من خلال انصراف كثير من الشباب عن الدروس الشرعية وحلق العلم، وأرجع أكثرهم السبب في هذا إلى انشغال الناس بالأحوال السياسية التي تـمر بها البلاد، ورغم ذلك فإن هناك قطاعات أخرى من قطاعات الدعوة بدأت تنشط وتشهد نموًا ملحوظًا وهو ما لم يكن موجودًا قبل الثورة، ومن هذه القطاعات القطاع الـخيري والتطوعي، ولا شك أن هذا الواقع الجديد الذي تعيشه الدعوة أثر كثيرًا على مسارها، وللتعرف على هذا الواقع التقينا أحد علماء الدعوة في مصر أثناء زيارته للكويت وهو فضيلة الدكتور أحمد النقيب، وسألته بداية عن توصيفه لهذا الواقع فقال مشكورًا:

- لا بد في البداية أن نقدم بمقدمة فنقول: إننا حينما نتحدث عن الدعوة السلفية فإننا نقصد بذلك المنهج السلفي، ولا نقصد حزبًا ولا توجهًا سياسيًا معينًا، وإنما نقصد ذلك المنهج الذي يقوم على أصول صحيحة في الاعتقاد، وفي التصور، وفي الفهم، وفي نفع المسلمين، وفي الأخلاق الفاضلة، فهذا هو المنهج السامي الكامل الصحيح والتطبيق الصحيح الأوحد الذي يمكن أن نطمئن إليه لدين الله عز وجل، وهذه هي الدعوة السلفية التي نقصدها، من هنا فلا يمكن أبدًا أن نجعل الدعوة السلفية مرتبطة بشخص أو بطائفة أو بزمان أو بمكان، ولكنها قديمة قدم هذا الإسلام.

     وبالتالي عندما نتحدث عن الدعوة السلفية في مصر، نجد أن هذه الدعوة دخلت كل بيت، وموجودة في كل مكان، وقبل أحداث 25 يناير كانت هذه الدعوة مقبولة ومنتشرة، أعلى الله تعالى علمها، وأنار الله تعالى سبيل أتباعها وأهلها، ثم بالفعل لما قامت هذه الأحداث، حدثت بلبلات وتباينات في تقييم الموقف وترتب على ذلك تنوع في الرؤى، ثم اختلاف في بعض الأمور ولا سيما المزاحمات الديمقراطية، هذه المزاحمات والمشاركات أثرت سلبًا في مسألة الطلب والتدريس؛ لذلك فإن الحركة العلمية للدعوة السلفية في مصر ليست كسابقتها قبل هذه الأحداث.

- هل معنى ذلك أن الدعوة السلفية تـمر بـمأزق في هذه الفترة؟

- عندما يكون رجل يسير على قدمين لمدة 40 سنة مثلاً، وبعد ذلك لا يستطيع أن يسير على قدمين، إذًا هناك مشكلة، فعندما نقول: إن الدعوة كانت في عافية وتنتشر وقوية وكان الإقبال عليها عظيمًا والآن الأمر قد اختلف، إذاً هناك مشكلة، وهذه المشكلة تستدعي من المخلصين المجتهدين أن يقفوا ويتأملوا، وإذا لم يستطيعوا أن يجدوا لها حلاً فليرجعوا إلى الأمر الأول، مثال: رجل ركب سيارة ثم أتت الظلمة وفوجئ بطرق عدة أمامه ولا يعرف أيها يسلك فماذا يصنع؟ إما أن يرجع إلى الأمر الأول وإما أن يقف فلا يسلك سبيلا من هذه السبل.

- ألم يـحدث مثل هذا التعاون لدراسة هذه الأزمة وكيفية الـخروج منها؟

- كان بودي أن يوجد مثل هذا التشاور، ومن الضروري أن يكون التشاور بين المتشاورين الذين أحاطوا بالمسألة علمًا وتأملوها ودرسوها ووقفوا على المشكلات الحقيقية لها، ومن ثم فهم يتشاورون في إطار العلم والفهم والدراسة، فإذا لم يحدث ذلك فإن اجتماعهم لا يكون له التأثير الجيد.

- كيف تنظرون إلى واقع التيارات الإسلامية في مصر بعد الثورة، ولا سيما أن مساحة الحرية الموجودة أثرت كثيرًا في واقع هذه التيارات، فهناك تيارات نشطت على حساب تيارات أخرى، وتيارات اضمحلت، وحدث ما يشبه إعادة لتركيبة هذه التيارات، ولاسيما الجماعات التي كانت تتخذ العنف سبيلا للتغيير كالجماعة الإسلامية وغيرها؟

- فيما يخص الجماعات التي ظهرت والجماعات التي اضمحلت، ليس هناك جماعات اضمحلت بالمعنى المفهوم، وإنما هناك نوع من النشاط وهناك نوع من الضعف، فهناك اتجاهات نشطت واتجاهات ضعفت، وهذا مقياسه الدعوة، فعندما نقول هذا نشط وهذا ضعف، لا بد أن يكون لديك مقياس ومعيار لهذا النشاط وهذا الضعف، والمقياس هو الدعوة، فالذين مارسوا الدعوة ونشطوا بها هذا موجود، والذين تركوا الدعوة واهتموا بأمور أخرى ظنًا منهم أن هذا ضرورة عصرية وسياسة شرعية، أيضًا هذا موجود.

     ولا شك أنه كان هناك قوم في الشقاق يعيشون، وفي الخفاء يعملون، والآن انتشروا وانتفشوا، ولا سيما الذين يتبنون الفكر الجهادي والقتالي، هذا بدأ بالفعل ينتشر في مصر بصورة كبيرة، أما الجماعة الإسلامية فقد قولبوا أنفسهم في منظومة الديمقراطية والعمل السياسي فسقطوا في الفخ الذي سقط فيه غيرهم.

     وظني أن الاتجاهات التي قامت على الدعوة وتمارس الدعوة دون مزاحمة سياسية، أظن أن هذه الاتجاهات سيكتب لها التوفيق، إما توفيقا وقتيا، وإما توفيقا طويلا زمنيا على حسب منهجهم، فإن كان منهجها قائما على المنهج الرسالي والنبوي، فإن الله يكتب لها نصرة ولو بعد حين، وإن كان منهجها غير ذلك فسيكون لها حظ من التوفيق بقدر ما فيها من خير وحظ من الفشل بقدر ما فيها من مخالفة.

- ما واقع فقه السياسة الشرعية في مناهج علماء الدعوة السلفية في مصر، ولاسيما أنه أصبح من الضرورات الملحة التي يجب أن توضع على رأس المناهج الشرعية والتعليمية؟

- هذا السؤال كل إنسان يستطيع أن يجيب به عن نفسه، فأنا على سبيل المثال عندما تكلمت عن مسألة الشورى قلت: إن الشورى تكون صحيحة عندما يكون المتشاورون على علم ودراسة، فسيكون اجتماعهم منتجًا لآراء قوية وصحيحة، فأنت تسألني عن نفسي حتى أجيبك إجابة دقيقة.

- إذًا بصورة أدق: ما واقع فقه السياسة الشرعية في منهجية الدكتور أحمد النقيب؟

- لا بد أن نعرف بداية ماذا نقصد بالسياسة الشرعية؟ إذا كنا نقصد منها أن يفهم الإنسان الواقع وأن ينزل عليه الأحكام الشرعية بطريقة صحيحة فهذا الأمر موجود الآن ومن قبل؛ لأن هذا جزء من الدين، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش منفصلاً عن الواقع، ولكن لا بد أن ينفعل بالواقع، وأن يكون مؤثرًا في الواقع ومعبرًا عنه، لكن دون أن يتغير أو يتأثر، هذه القضية الخطيرة التي تفرق بين منهج الدعوة السلفية الربانية وبين الدعوات والمناهج الأخرى، نحن لم نأت فيها بجديد، الجديد أن هناك فرصا اتسعت نريد الاستفادة منها، وأنا على سبيل المثال لي اهتمامات كثيرة بغير الدراسات الإسلامية، فأنا مهتم بالتخطيط والإستراتيجية والاقتصاد هذه من اهتماماتي، وأنا أدرس الفلسفة، وأدرس الحضارة، وأدرس التاريخ الإسلامي بالإضافة إلى أنني أدرس أيضًا كتب الأصول والتفسير والعقيدة والفقه، أجمع بين هذا وذاك، فأنا لا أؤمن بالفصل بين التخصصات، أفضل الهدي ما كان عليه الأوائل، وهو أن يحيط الإنسان بكل فن ولو بجزء بسيط منه، على أن يكون مفيدًا نافعًا، ولك أن تعلم أن لي كتابا في اقتصاد الإسلامي طبع سنة 2000، ودللت فيه على أننا نستطيع من خلال الوقف الإسلامي إنعاش الاقتصاد المصري وأن تكون مصر رائدة في المنطقة بهذا الوقف، والدراسة مطبوعة وموجودة.

- كيف تنظرون إلى ظهور عدد من الهيئات الإسلامية السلفية بعد الثورة، وهل في ذلك مصلحة شرعية؟

- لو حققت هذه المؤسسات الهدف الصحيح الذي من أجله أرسل الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، إذًا هي تسير في الاتجاه الصحيح، وإذا حدث خلاف ذلك فهي سبب للشقاق والخلاف.

- شهد القطاع الـخيري والتطوعي نشاطًا ملحوظًا بعد الثورة وظهر عدد من الـمؤسسات السلفية العاملة في هذا الـمجال، ما هي أهم الأسس التي يـجب أن يراعيها القائمون على هذه الـمؤسسات  حتى تستطيع تـحقيق أهدافها التي أنشئت من أجلها؟

- بداية لا بد لأي عمل مؤسسي من وجود رؤية واضحة، ولا بد أن تكون له رسالة، وأن تكون له أهداف واضحة، سواء كانت أهداف حالية أو مستقبلية، ويكون لديه القدرة على تحقيق هذه الأهداف، هذا الفكر الاستراتيجي هو الفكر المطلوب لأي عمل مؤسسي، ولا شك أن الأولى بذلك مؤسسات العمل الخيري.

ثانيًا: لا بد أن نركز في العمل الخيري على تحويل الفقراء إلى مستغنين، هذه مسألة مهمة جدًا، لا نريد أن نعتمد على الطرق التقليدية، نريد أن نحول الفقير إلى مستغن.

ثالثًا:، نريد أن نحول هذا القطاع إلى قطاع إنتاجي، ولو ركزنا على المشروعات الصغيرة ووظفنا الأسر الفقيرة في المشروعات الصغيرة فمع الزمن يمكن أن نصنع شيئًا.

كما أننا نريد أن تكون هذه المؤسسات مُظهرةً للمنهج السلفي الصحيح، وأن يكون لها دور مؤثر في الدعوة.

أخيرًا: نريد أن يسهم هذا القطاع في تغيير الواقع المرير لما هو أفضل، هذا ما نريده ونأمله من مؤسسات العمل الخيري.

لذلك لا بد أن يكون هذا العمل قائما على الدراسة والتخطيط والتنظيم بحيث يكون لدينا رؤية ورسالة وأهداف وغايات محددة وواضحة، وفي ضوء هذا يمكن أن يكون العمل مرتبًا جماعيًا ويستطيع الوصول إلى أهدافه وتحقيقها على الوجه الأكمل.

- هل لديكم خطوات عملية لتحقيق هذه الخطوات وإعداد كوادر تستطيع تحقيق هذه الأهداف؟

- نحن نعمل في العمل الخيري منذ أكثر من 20 سنة بصورة منظمة وصورة قوية، ولكن غير معلنة؛ لذلك لما أسسنا مؤسسة الإصلاح الخيرية بمصر كان لدينا هذه الكفاءات، كما أن لدينا هيكلا إداريا قويا يدير هذه المؤسسة.

- هل يمكن أن تعطينا فكرة عن هذه المؤسسة؟

- هذه المؤسسة تحمل المنهج السلفي وترى أن المنهج السلفي هو القادر على تغيير المجتمع لما هو أفضل، فنحن نعرف الحق ونرحم الخلق، وهذا هو شعار المؤسسة (رحمة ومعرفة الخلق الحق)، ونحن نركز على الجوانب العلمية والجوانب الخدمية، فشعارنا العلم والعمل ونفع الأمة، وأما غايتنا فإرضاء الله تعالى بنفع الأمة بعيدًا عن أي غرض حزبي أو شخصي، والمؤسسة تسعى إلى إصلاح الفرد والأسرة والمجتمع. ورسالتنا تقديم كل صور العون المعنوي والمادي للمحتاجين؛ لذلك نحن نتعاون مع كل المؤسسات والعلماء والمشايخ وطلبة العلم لأداء هذه الرسالة.

     وحتى نحقق أهداف الجانب العلمي أنشأنا وحدات وأقساما متخصصة، فلدينا وحدة المناهج الموازية لإيجاد مناهج بديلة عن المناهج التعليمية الموجودة، ولدينا وحدة الفرق الباطنية لصد ومواجهة التدخل الصفوي على وجه الخصوص في مصر، ولدينا وحدة النصارى، ولدينا وحدة البحث العلمي والمخطوطات والفهرسة، وكل وحدة وقسم من هذه الأقسام قائم بذاته وله كوادره وإدارته.

     ولدينا مجلة «المحجة البيضاء» وهي مجلة شهرية، صدر منها وحتى الآن 13 عددًا، ولدينا الهيئة العلمية للدراسات الشرعية والإستراتيجية وبها كوادر من طلبة العلم وأساتذة الجامعة، لدينا قسم الكتاتيب والحضانات، وبفضل الله لدينا عشرات الكتاتيب والحضانات بالصعيد وكذلك في المنصورة، وعندنا قسم التثقيف والمساجد، ولدينا معهد العلوم الشرعية، ولدينا قسم القضاء والمصالحات.

     أما على الجانب الخدمي والاجتماعي فهو أيضًا مقسم إلى أقسام، فلدينا قسم الخدمات الطبية، ولدينا قسم المساعدات الاجتماعية والمشروعات الصغيرة، ولدينا قسم المركبات والمخازن، ولدينا مشروع الإغاثة الطبية العاجلة، ولدينا سيارات لنقل المرضى، وسيارات للموتى وتكفينهم.

- هل لديكم الكوادر الكافية لهذه الأقسام؟

- الكوادر بفضل الله موجودة، ولكننا بالطبع ليس لدينا العدد الكبير منها فالقسم الذي يحتاج إلى عشرة كوادر نشغله فقط بثلاثة، وما يميزنا أننا نعمل كفريق عمل والإخوة يبذلون أقصى طاقاتهم.

- كيف توفرون نفقات هذه الأقسام؟

- بداية أغلب الإخوة الذين يعملون بالمؤسسة يعملون احتسابًا وتطوعًا، بعضهم يتقاضى رواتب، ولا شك أننا نحتاج إلى دعم هذا الأمر وحتى الآن نحن نعتمد على دعم أهل الخير من داخل مصر.

- هل لديكم تصور عن مشروع وقفي يقوم بسد هذه النفقات؟

- هذه أمنية لا شك، ونحن نجهز لهذا المشروع ولدينا الآن دراسة جدوى لبناء برجين سكنيين سيكون ريعهما وقفا لخدمات المؤسسة إن شاء الله.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك