رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 8 مايو، 2017 0 تعليق

الجمعية الكويتية لتعزيز القيم تقيم دورة: الإلحاد المعاصر.. أسبابه وأنواعه وسبل مواجهته


تتعرض مجتمعات المسلمين اليوم لحملات متتابعة للطعن في ثوابتها، ومحاولة شغلها عن بناء مستقبلها، وإغراقها في مشكلات الهوية والفكر والصدامات الفلسفية استمرارًا لنظرية هدم الإسلام من الداخل بأيدي أبنائه، وما ينتشر اليوم من نشر للشبهات الفكرية بين شباب المسلمين ليس جديدًا ولا مستغربًا من أعداء الإسلام؛ فتلك سنة من السنن الإلهية في الصراع بين الحق والباطل، لكن الجديد هو ما أُلبسته تلك الحملة الإلحادية من لبوس العصرية والاستفادة من التقنية والمال ووسائل الإعلام.

     وقد تصدى لتلك الحملات الشرسة المتتابعة من أبناء المسلمين على مرّ التاريخ، رجال كثر وعلماء صدق وهيئات ومؤسسات بذلوا حياتهم لنصرة الإسلام، ونذروا أوقاتهم لكشف تلك الغمة الإلحادية عن أبناء المسلمين من خلال الدعوة والحوار والنقد وكشف شبهات الملاحدة. من هذا المنطلق قامت الجمعية الكويتية لتعزيز القيم بالتعاون مع الهيئة العامة للعناية بطباعة القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومهما بعقد دورة (الإلحاد المعاصر)، في الفترة من 1-4 مايو الجاري؛ حيث استضافت الشيخ الدكتور: سعيد بن حسين القحطاني، من المملكة العربية السعودية وهو أحد المتخصصين المميزين في مواجهة هذا الفكر الضال.

أنواع الإلحاد

في البداية تحدث الشيخ عن أنواع الإلحاد وذكر منها أنواعاً عدة هي:

- إلحاد إنكار: وهو إنكار وجود الخالق، وذكر أن هذا النوع ضعف جدًا في هذا الزمان .

- إلحاد ربوبية: وهو أن الشخص يثبت وجود الخالق لكن عنده شبهات في أنه الله أو أنه مدبر لهذا الكون «وهذا فيه إشكال، وجد في الزمن القديم عند اليونان».

- إلحاد لا أدرية: مذهب اللاأدرية هو الاعتقاد بأن وجود الله وأصل الكون أمور لا سبيل إلي معرفتها، وكلمة (اللاأدري) تعني «بلا دراية أو علم» . وبالرغم من أنه نوع من الإلحاد؛ فالإلحاد يدعي أن الله غير موجود، بينما يدعي مذهب اللاأدرية بأنه لا يمكن إثبات وجود الله، ولكن في الوقت نفسه لا توجد طريقة لإثبات عدم وجوده.

- إلحاد لا دينية: وهذا النوع ليست مشكلته مع الخالق، بل مع الأديان؛ فالأديان كلها عنده باطلة «وهذا المفترض أن يكون غير موجود؛ لأنه يلزمه لإبطال جميع الأديان أن يعرف الأديان جميعها وأدلتها ليستطيع الحكم عليها»، واللادينية تعم الجميع؛ فكل ما سبق لا ديني.

تاريخ الإلحاد

ثم تعرض الشيخ لتاريخ الإلحاد فقال: إن الإلحاد مر بمراحل مختلفة وهي كالآتي:

- في القديم: قبل الفلاسفة اليونان (ومنهم فرعون وغيره) وكانوا لا يدعون إلى الإلحاد في هذه الفترة.

- عصر التنوير: القرن الثامن عشر (بدأت الدعوة إلى الإلحاد هنا).

- العلمانية: وقد تميزت هذه الفترة بأمور عدة منها: فصل الدين عن الحياة، وفصل الماضي عن الحاضر، وتعظيم العقل.

- الليبرالية: وتعني التحرر من القيود (تأليه الإنسان).

- الإلحاد المعاصر: ثم جاء ما يسمى بالإلحاد المعاصر الذي ظهر بقوة بعد أحداث 11 سبتمبر؛ حيث تعد هذه البداية الحقيقية للإلحاد المعاصر. ويمكن التأريخ لها بالعام 2004 حين أصدر (سام هاريس) كتابه الأول: (نهاية الإيمان: الدين والإرهاب ومستقبل العقل) عقب تلك الأحداث، وقد حظي الكتاب بمبيعات ضخمة؛ حيث ظل في قائمة (النيويورك تايمز) للكتب الأفضل مبيعا على مدى 33 أسبوعا متتالية.

المتأثرون بالإلحاد

ثم ذكر الشيخ أن المتأثرين بالإلحاد أنواع؛ فمنهم المقتنع تماما بفكر الإلحاد، ومنهم التائه، ومنهم الذي لديه شبهات وهذه الفئة هي أكثر الفئات المتأثرة بالفكر الإلحادي؛ حيث إن الملحدين دائما عندما يثيرون الشبهات يستدلون بالجهل!

مثل سؤال: لماذا الأنبياء والرسل في الشرق الأوسط فقط؟! فهذا بسبب أن هذا ما وصل إليهم فقط ويعدون جهلهم شيئا مسلمًا.

أسباب الإلحاد

وبعد ذلك ذكر الشيخ أهم الأسباب التي تدفع الشخص لاعتناق هذا الفكر المنحرف التي منها:

- ضعف الإيمان: ومثاله حديث أن النطفة من ماء الرجل والمرأة، وهذا كما يدّعون مخالفة للطب.

- الأهواء والشهوات: كالمعاصي، وهذا أحيانا يكون حيلة دفاعية لمعاصيه وتقصيره؛ فيلجأ إلى الأفكار والشبهات والشك و(بول فيشر) درس نفسية الإلحاد، وألف فيه كتابا، وخلص إلى أن أغلب حالات الإلحاد نفسية، كحب الدنيا وحب الغرب.

- الشبهات: منها شبهات سياسية، ونفسية، وفلسفية، وفكرية، وعلمية، وشبهات دينية.

وسائل انتشار الإلحاد

بعد ذلك انتقل الشيخ إلى وسائل انتشار الفكر الإلحادي في العصر الحالي وذكر منها: الكتب، والنقاش المباشر، ووسائل الإعلام، وأخيرًا عن طريق الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع المشبوهة، «وهي أكثر تلك الوسائل تأثيرًا وانتشارًا».

أساليب التأثير

أما عن أساليب التأثير على الشخص المستهدف فذكر منها:

- التغريب: وهو من المشاريع القائمة والبالغة التأثير، ومثاله: مفهوم الحرية «ألا تتعدى على الآخرين»، وهو مفهوم غربي.

- تأثير فكري.

- تأثير عاطفي.

- تأثير علمي «ودعاة الإلحاد يركزون على هذا الجانب ليظهروا الإلحاد بمظهر علمي»، ومثال على ذلك أن يقال: «أوروبا تقدمت عندما أصبحت ملحدة أو لا دينية»، وكذلك قولهم: «أكبر العلماء المعاصرين ملاحدة ولا دينيين»، وقولهم: «الدين يحارب العلم والتقدم»، هذه كلها شبهات تجعل هناك ارتباطاً شرطياً في الأذهان بين العلم والإلحاد.

والسؤال الذي يفرض نفسه هل أكثر العلماء ملاحدة؟

من خلال استقراء التاريخ والواقع هذا الطرح يخالفه؛ حيث إننا نجد أن 10 % فقط من العلماء الملحدين أخذوا جائزة نوبل، ولو سلمنا بأنهم الأكثرية، فليس ذلك دليلاً على أن الإلحاد حق، ولو كان العلم يدل على الإلحاد لوجب أن يكون العلماء كلهم ملاحدة.

ثم ذكر الشيخ أن هناك عوامل أخرى تعد عوامل مساعدة في انتشار الفكر الإلحادي وذكر منها:

الانفتاح، وضعف الرقابة، والطرح القوي من الملحدين، وضعف التصدي من قبل المسلمين (وهذه أخطرها)، وأخطاء بعض المسلمين.

وعن سبل المواجهة ودورنا في صد هذا الفكر قال الشيخ: إن استراتيجية المواجهة تنقسم إلى قسمين: التحصين والعلاج.

     ثم بين أن الحكمة من وجود مثل هذه المصائب، أن الدنيا دار اختبار؛ فلذلك يجب أن يكون فيها الخير والشر، والحق والباطل: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا}، فالله -تعالى- قادر على أن يجعل الدنيا كلها خير، ولكنه قدّر أن يجعلها دار اختبار وامتحان، فلا يناقش الله فيما يقدر ويفعل. كذلك فإن الضد يظهر حسنه بالضد؛ فالدنيا دار تنافس، والكمالات الإنسانية لا تنال إلا بالآلام والمشاق. كما أن المؤمن يتعامل مع وجود المصائب من منطلق تعبدي ولاشك أنه يحقق من خلالها أموراً عدة منها: تحقيق العبودية لله، استخراج عبودية الضراء وهي الصبر، طهارة القلب والخلاص من الخصال القبيحة، تقوية المؤمن، حصول الإخلاص في الدعاء وصدق الإنابة في التوبة، إيقاظ المبتلى من غفلته، ومعرفة قدر العافية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك