رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. خالد محمد الحافظ العلمي 26 ديسمبر، 2010 0 تعليق

أثر أمهات المؤمنين في الدعوة إلى الله عز وجل (1) أثر أمهات المؤمنين في الدعوة خلال العهد المكي

 

لقد ظهر أثر أمهات المؤمنين - رضوان الله تعالى عنهن - في نصرة الدعوة إبان العهد المكي ممثلا في السيدة خديجة - رضي الله عنها - التي اختصها الله بشرف صحبتها للنبي[ قبل البعثة وبعدها؛ حيث تحملت وبذلت في سبيل ذلك الغالي والرخيص ابتغاء مرضاة الله أولاً ورضا زوجها رسول الله[ ثانيا، وقد تمثل هذا الأثر الطيب فيما يلي:

1 - المؤازرة التامة والكاملة له[ قبل بعثته؛ حيث كانت نعم الزوجة لزوجها في الطاعة والبر والإحسان.

2 - الإعانة التامة بالنفس والمال له[؛ حيث كانت توفر له كل ما يحتاج إليه في تعبده وخلوته في غار حراء.

3 - التصديق والتسليم له لما بدأه الله به من الوحي والنور، وتمثل ذلك في قولها: «كلا والله لا يخزنك الله أبدا، إنك لتصل الرحم..» الحديث(1).

4 - الثباتِ والثقةِ اللذين هيأتهما له - رضي الله عنها - حين أخذته إلى ورقة بن نوفل لتوضيح ما رآه وسمعه في الغار.

5 - الاستجابة للدعوة؛ حيث بدأت بنفسها(2) ثم بمن حولها من أهل بيتها.

6 - الوقوف التام والكامل معه[ في طريق الدعوة مع كل ما يعترض هذا الطريق من عقبات ونكبات، ولاسيما بعد الجهر بالدعوة.

7 - تحمل الأذى والصبر في طريق الدعوة إلى الله ابتغاء مرضاة الله أولاً، ثم حبا واتباعا وانقيادا له[؛ حيث دخلت أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - معه في شعب أبي طالب وقت المحاصرة والمعاهدة المشؤومة التي دامت ثلاث سنوات(3).

8 - التخفيف والتهوين عليه[ مما يلقاه من قومه؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كانت خديجة بنت خويلد أول من آمن بالله ورسوله وصدق محمدا[ فيما جاء به عن ربه وآزره على أمره؛ فكان لا يسمع من المشركين شيئا يكرهه من رد عليه أو تكذيب له إلا فرج الله عنه بها، تثبته وتصدقه وتخفف عنه، وتهون عليه ما يلقى من قومه(4).

أثر أمهات المؤمنين في الدعوة خلال العهد المدني

اتسم دور أمهات المؤمنين - رضوان الله عنهن - في العهد المدني بالتلقي والحفظ للسنة المطهرة، القولية منها والفعلية لحياته الخاصة[؛ تنفيذا لقوله تعالى: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} (الأحزاب: 34)، وتمثل ذلك الأثر البارز والمهم في النقاط التالية:

1 - حفظهن واعتنائهن بالسنة القولية والفعلية لحياته[، ولاسيما ما كان منه داخل حجراته مع أهله.

2 - بثهن العلم الشرعي لكل ما تعلمنه منه[؛ حيث كن خير مبلغ لذلك الميراث النبوي العظيم للأمة.

3 - كن خير وسيط بينه[ وبين المؤمنات السائلات عن أمور دينهن، ولاسيما في توضيح بعض الأحكام التفصيلية الخاصة بالنساء(5).

4 - كن قدوة حسنة ومثلا أعلى للمرأة المسلمة في طريق الخير والدعوة إلى الله؛ وذلك في عفتهن وحيائهن وحسن تبعلهن له[.

5 - مشورته لهن[ في بعض الأمور المهمة تدل على عظم العمل الذي قمن به، رضوان الله تعالى عنهن(6).

6 - نزول كثير من الآيات القرآنية والأحكام الشرعية في شأنهن، ولا يخفى أثر ذلك وفائدته على الأمة، وذلك مثل نزول آية التيمم التي كانت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - سببا فيها(7).

7 - ظهور فضلهن واصطفاء الله لهن حين اخترن الله ورسوله والدار الآخرة على الدنيا ومتاعها الزائل، وأثر ذلك واضح في التأييد والنصرة والثبات معه[ على طريق الإيمان والعمل الصالح(8).

8 - ظهور محبتهن لله ورسوله وتقديمهما على كل حبيب وقريب(9) له أثره البالغ في صرب الأمثلة للمرأة المسلمة في طريق الدعوة والهداية، ومن ذلك موقف أم المؤمنين سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - حين وهبت ليلتها لأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - رغبة في البقاء تحت اسم أمهات المؤمنين(10).

9 - ظهور بركتهن وفضلهن على أقوامهن، وهذا له أثره الطيب في قبول الدعوة واستجابة الناس لها، اتضح ذلك عند بنائه[ بأم المؤمنين جويرية بنت الحارث - رضي الله عنها - في غزوة بني المصطلق، فأعتق بسببها جميع الأسرى حرمة لمصاهرته[ لهم(11).

 

1 الهوامش

 - صحيح البخاري، حديث رقم: 3 ص 12، كتاب بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله[.

2 - قال ابن عبدالبر: «هي أول من آمن بالله عز وجل ورسوله[، وهذا قول قتادة والزهري وعبدالله بن محمد بن عقيل، وابن إسحق وجماعة، وقالوا: خديجة أول من آمن بالله عز وجل من الرجال والنساء، ولم يستثنوا أحداً» الاستيعاب لابن عبدالبر 4/1820، ط. مطبعة نهضة مصر - القاهرة.

3 - قال ابن إسحق: «وقد كان أبو جهل بن هشام - فيما يذكرون - لقي حكيم بن حزام بن أسد معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة، وهي عند رسول الله[ ومعه في الشعب» سيرة ابن هشام 1/375 - 376.

4 - انظر الاستيعاب لابن عبدالبر 2/1820.

5 - انظر: صحيح البخاري: حديث رقم: 314 ص82، كتاب الحيض، باب: (دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل..).

6 - انظر: المصدر السابق، حديث رقم: 2731 - 2732، ص 571 - 574، كتاب الشروط، باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، وفيه مشورة أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - على رسول الله[ وما كتب الله فيها من الخير على المسلمين.

7 - انظر: المصدر السابق، حديث رقم: 4583، ص 959، كتاب التفسير: باب: {وإن كنتم مرضى أو على سفر..} الآية.

8 - انظر المصدر السابق: حديث رقم: 4785 - 4786، ص 519 - 520، كتاب التفسير، باب: {قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها..} الآية، وباب: {وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما}.

9 - انظر: كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين، لابن عساكر، تحقيق محمد إبراهيم الدسوقي ص79، ونصه: «أن النبي[ سبى جويرية بنت الحارث، فجاء أبوها إلى النبي[ فقال: إن ابنتي لا يسبى مثلها وأنا أكرم من ذلك فخل سبيلها، فقال: أرأيت إن خيرناها أليس قد أحسنا؟ قال: بلى وأديت ما عليك، قال: فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا! قالت: فإني قد اخترت رسول الله[، قال: والله فضحتنا» أخرجه ابن سعد في الطبقات: 8/118، وقال ابن حجر في الإصابة: وسنده صحيح، الإصابة 7/566، ط. دار نهضة مصر - القاهرة.

10 - انظر: فتح الباري للإمام ابن حجر 8/265 - 266، وانظر: الطبقات لابن سعد 8/53 - 54، ط. 1405هـ، دار بيروت للطباعة والنشر.

11 - انظر: سيرة ابن هشام: 3/329 - 340، والإصابة لابن حجر 7/565، والاستيعاب لابن عبدالبر 4/1804 - 1805، وطبقات ابن سعد 8/117.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك